السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الفوضى في لبنان وصلت إلى العلاج النفسي... القانون غيَّب بعض الاختصاصات!

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
الفوضى في لبنان وصلت إلى العلاج النفسي... القانون غيَّب بعض الاختصاصات!
الفوضى في لبنان وصلت إلى العلاج النفسي... القانون غيَّب بعض الاختصاصات!
A+ A-

يُطالب المعالجون والاختصاصيون النفسيون منذ سنوات بقانون ينظِّم هذه المهنة في لبنان ويحترمها، إلى أنْ صدر في 10 شباط من العام 2017 القانون رقم 8 المنظم للمهنة وعنوِن بـ "النفساني". تساؤلات تُطرح عن ثُغر عدَّة تضمنته رغم تأخُّر صدوره سنوات.


 


الخلط بين اختصاصين


ما هو مضمون هذا القانون؟ وهل صيغ على قياس أفراد؟ وهل من تعديلاتٍ ستلحظه؟ أسئلة كثيرة تجيب عنها الاختصاصية والمعالجة النفسية لوزان فرح خيرو في حديث لـ "النهار"، شارحةً أنَّ "الاختلاف الأساسي الذي تضمنته بنود القانون يكمنُ في الجمع بين اختصاصين هما الاختصاصي النفسي (psychologue) والمعالج النفسي (psychothérapeute)، "وإنْ فنَّدنا التعريفين، يتبيَّن أنَّ الاختصاصي النفسي هو من يحمل شهادة دراسات عليا فقط، في حين أنَّ المعالج النفسي يحمل شهادة دراسات عليا وقد خضع لإعداد علاجي لمدة تتجاوز الـ 4 سنوات وإلى مئات الساعات من المراقبة، وما يفوق 300 ساعة لعلاج شخصي للذات. وهذه السنوات لا يمكن اكتسابها في مركز جامعي بل تتطلب سنوات من الجهد النفسي والعمل على الاضطرابات والمشاكل بغية عدم إلقاء وإسقاط مشاكل المعالج الخاصة على المريض. ولكنَّ القانون خلط بين الاختصاصين مانحاً لأي متخرج الحق في مزاولة المهنة وتقديم إرشادات وتوجيهات وعلاجات غير دوائية ما يضع المجتمع اللبناني بكامله في خطر.


كما أنَّ البندَين 4 و5 من المادة الأولى جمعا بين النفساني العيادي والنفساني غير العيادي- التربوي، ما يعني إقصاء عددٍ كبير ممن تخصصوا بـعلم النفس الجريمي أو الإنساني أو العملي. هؤلاء همَّشهم هذا القانون وسيُعتبرون بمصاف المخالفين. وهذا سيسمح للأشخاص غير الكفيين بإنشاء عيادات واستقبال مرضى على الرغم من عدم خضوعهم لتدريب العلاجي (formation thérapeutique).


أما المادة 3 من القسم الثاني المعنون "حقوق العمل" فتُعطي إذن مزاولة مهنة النفساني العيادي، لمن تتوافر لديهم الشروط الآتية فقط:


- النفساني العيادي (psychologue) شرط أن يخضع للتدريب العيادي في مركز جامعي، يشمل على الأقل 100 ساعة تدريب مراقبة، و300 ساعة تدريب تطبيقي على أن تحصل ضمن سنوات دراسة الماجستير أو حيازتها. وهذا البند تعارضه الجامعة اللبنانية من عميد ودكاترة، خصوصاً أنَّ الجامعة اللبنانية لا تمتلك هذا النوع من المراكز التدريبية، مما يجعل من طلاب ومتخرجي هذه الكلية مخالفين للقانون بعدما أصبح ساري المفعول.


- البند الثاني يشير إلى ضرورة النجاح في امتحان الكولوكيوم، الذي يخضع له عادةً طلاب الطب أو الرياضيات ولكنْ المشاكل النفسية هي فكرية لا أرقام، ما يستدعي استغراب الكولوكيوم، خصوصاً في ظل غياب أي توضيح عما إذا واجب على الطلاب كافة الخضوع له أو أنه موجَّه للطلاب غير اللبنانيين أو لمَن لم يجروا امتحانات في الجامعة اللبنانية".


- "ومن أحد البنود، في حال ارتكب المعالج خطأً ما وادعى عليه المريض، يتم تعيين لجنة مؤلفة من طبيب أعصاب وطبيب نفسي"، تقول خيرو "كمعالجة نفسية أرفض المثول أمام لجنة كهذه، وليس من باب التقليل من احترامهم، بل لأنهم ليسوا متخصصين في مجالي، فليكن وضعنا شبيهاً بالأطباء الذين يمثُلون أمام لجنة أطباء تشكلها النقابة. في اختصاصنا أيضاً مختصون وذوو كفاية ضليعون بعلم النفس لتأليف اللجنة".


بعد كل سنوات الخبرة يطالبوننا بتدريب جامعي


"ما حصل مهزلة، وفق خيرو، بعد كل سنوات الخبرة والكفاية يطالبوننا بتدريب جامعي في مركز غير موجود أصلاً. وباتت المهنة مشرَّعة لمن هو غير اختصاصي وغير مدرب لتقديم علاجات. ما يدفعنا للتساؤل عمن سنَّ هذا القانون؟ لأنه يبدو غير ضليعٍ في المهنة، وكيف يمكن إصدار قانون من دون التنسيق مع النقابة أو الجامعة اللبنانية أو الجمعيات النفسية في لبنان ولمَ في هذا التوقيت؟ ولمَ يجب تسليم هذه المهنة لأناس من غير الاختصاص؟ كأنه مرَّ من تحت الطاولة! لمَ مهنة الطب تتضمن تخصصات في حين أنَّ هناك استهتاراً بالطب النفسي؟ لمَ كل هذا القمع والتحجيم؟ نحن نطالب بتعديل هذا القانون لأنه لا يناسب أي شريحة مُتخرِّجة، كما أنَّ طلاب الجامعة اللبنانية لا يمكنهم التدرب في ظل عدم وجود مراكز مجهزة".


البنود لم تلحَظ حيثيات الاختصاص المتشعبة


نسأل نقيبة المعالجين والمحللين النفسيين ماري أنج نهرا عن تعليقها على هذا القانون، فتجيب في حديث لـ"النهار" بأنَّ "النقابة المؤسسة منذ عام 2008، والنقابيون السابقون سعوا دوماً إلى إصدار قانون ينظِّم المهنة، وكما كل قانون في لبنان انتظرنا سنوات ليقرَّ. نحن بالطبع لسنا ضد القانون بل العتب يكمن في أنه لم تتم العودة إلينا أثناء نص بنود القانون التي أرست بعض المفاهيم الخاطئة حول المهنة، ما يتطلَّب تعديلات وهذا ما نسعى للقيام به بالتنسيق والتعاون مع وزراة الصحة". ولفتت نهرا إلى أنَّ "القانون لم يميِّز بين دور الاختصاصي النفسي- العيادي ودور المعالج النفسي، فالمتخصص عيادياً يملك سنوات خبرة وتدريب إضافيين، كما أنَّ اللجنة العاملة على القانون طبية صحية وعلى اطلاع ولكن ليس بحيثيات هذا الاختصاص المتشعب لأكثر من مدرسة وعيادة لا يمكن حصره مثلما حصل في القانون بالتربوي والعيادي. فالمرض النفسي مثل المرض الجسدي شامل ومتنوع، ولا يحدَّد بعلاجات تحليلية وسلوكية وتمارين بل يحتاج إلى سنوات تدريبية وأساليب مختلفة وهذا ما نسعى لإيضاحه في التعديلات والقوانين اللاحقة".


ولكنْ هل عدم التعديل يعتبر من لم يلحظهم القانون مخالفين؟، "ردة الفعل كانت سريعة، وكنقابة تحركنا بفترة قياسية وتجاوب الوزير بإيجابية وسرعة. ومنذ الإصدار بات القانون ساري المفعول، ولكن من يملك 5 سنوات سابقة من الخبرة محميٌ من أي اتهام بالمخالفة، ولكنَّ المتخرجين الجدد وجب عليهم الالتحاق فوراً بمدارس تدريبية ليلحظهم هذا القانون. ولكنْ آلية التنفيذ على الأرض تحتاج طبعاً إلى وقت".


عريضة لإجراء التعديلات


إلى ذلك، تواصلت "النهار" مع عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الأستاذ الدكتور محمد أبو علي الذي أكَّد أنَّ "هذا القرار موضع عناية واهتمام حضرة رئيس الجامعة اللبنانية والعمداء والدكاترة في مجلس الجامعة. وقد تداعينا في كلية الآداب إلى لقاءات مع رؤوساء الأقسام في علم النفس ووقعنا عريضة واتفقنا على متابعة الموضوع ووضع مقترحات لإجراء التعديلات كافة. وفي مجلس الوزراء تلقَّف بعض الوزراء الشكوى وأخذوا مشروع التعديل على عاتقهم ليتناسب مع معطيات الجامعة اللبنانية".


[email protected] 
Twitter: @Salwabouchacra

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم