الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

التأجيل لسنة فيما تكبر احتمالاته في الكواليس

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

اولى المؤشرات الى احتمال حصول تاجيل الانتخابات النيابية التي استبقت كل الجدل او الخلاف او عجز الافرقاء السياسيين على التوصل الى اتفاق حول قانون عتيد للانتخابات كانت قبيل حصول الانتخابات الرئاسية التي اوصلت العماد ميشال عون الى الرئاسة حيث كشف احد الديبلوماسيين الغربيين في جلسة خاصة ان رد الفعل الخارجي على التسوية الرئاسية كان عدم الحماسة لتأجيل سياسي للانتخابات النيابية لمدة سنة وفق ما هو مطروح وتوجيه النصح للافرقاء اللبنانيين بعدم المبالغة في التمديد للمجلس النيابي مجددا وتاليا بالذهاب الى تأجيل تقني لا يتعدى بضعة اشهر فقط يمكن بلعه داخليا وخارجيا، وذلك من بين امور اخرى. احد الاسباب التي قدمت آنذاك كان اتاحة المجال امام رئيس الحكومة سعد الحريري في استعادة نفوذه وقواه في الوسط السني من جهة فيما ستكون الامور اكثر وضوحا بالنسبة الى " حزب الله" ايضا انطلاقا من ان احد العوامل للتمديد للمجلس النيابي سابقا تمثل بوجود غالبية عناصره في سوريا. هذا لم يمنع الخارج ايا يكن اي مجموعة الدعم الدولية للبنان او مجلس الامن من الاصرار على انتخابات تجرى في مواعيدها على رغم معرفتهم جميعا بان هذا الاحتمال ليس واردا ولم يكن محتملا اصلا منذ الاعلان عن التسوية السياسية. ومع التعذر الظاهري الذي يرافق امكان الذهاب الى انتخابات قريبا ومع رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة عاد الكلام على اتفاق ضمني مسبق على تأجيل الانتخابات لسنة وليس لبضعة اشهر فقط اي حتى نهاية الصيف. وستتوافر الاسباب خصوصا متى تأخر الاتفاق على قانون جديد يتيح الذهاب الى انتخابات خلال هذه السنة في ضوء عدم اعتراض اي من الافرقاء السياسيين على ذلك بما من شأنه ان يحد من الاعتراضات على التمديد مجددا لمجلس النواب او بالاحرى تأجيل الانتخابات لمدة سنة خصوصا متى تذرع السياسيون بوجوب عدم اطاحة موسم الاصطياف والاستفادة منه الى الاقصى من اجل دعم الاقتصاد اللبناني المنهك بدلا من حملات انتخابية قد تكون مزعجة للسياح. هذه المؤشرات تنفي في الواقع ارتباط تأجيل الانتخابات بالمماحكات حول قانون الانتخاب العتيد حصرا في المرحلة الراهنة لا بل تطرح تساؤلات اذا كانت المراوحة حول قانون الانتخاب هي جزء من السيناريو للتمكن من تأجيل الانتخابات من دون صعوبة. في اي حال فان هذا الاحتمال الذي يبدو انه يتجه لان يتحول واقعا لن يتضرر منه غالبية الافرقاء السياسيين ما دام يتيح لهم تمكين قواعدهم في السلطة من خلال العمل الحكومي باعتبار ان ثمة حاجة ماسة لذلك نتيجة غياب المسائل السياسية الكبيرة التي يمكن تحفيز اللبنانيين على اساسها من اجل التوجه الى الانتخابات. والمؤشرات على ذلك ان اي اعتراض سياسي كبير لم يبرز على امتناع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لا قبل 21 شباط ولا قبل 21 اذار على رغم وجود رأي قانوني غالب بحصول مخالفة دستورية في هذا الاطار. ومع ان ثمة رأيا قانونيا يدعم وجهة الرئيس عون في امتناعه عن توقيع المرسوم فان ثمة تجاهلا لاصوات الاعتراض على هذا الصعيد علما ان هذا التجاهل قد لا يتصل فقط بواقع ان رئيس الجمهورية هو في اول عهده ولن يود احد الصدام معه فحسب في هذه المرحلة، بل ربما باتفاقات غير معلنة بين الافرقاء السياسيين وفق ما يرى بعض المراقبين.


على اي حال يخشى هؤلاء ان يكون ما حصل الاسبوع الماضي مع بدء بروز انتفاضة شعبية ضد الضرائب التي كانت تعتزم الحكومة المضي فيها بناء على سلة ضريبية متوافق عليها بين الكتل في مجلس النواب منذ 2014 اضاء اشارة حمراء امام القوى السياسية تهدد باحتمال الذهاب الى ما يشبه ما حصل في الانتخابات البلدية حين استطاعت قوى المجتمع المدني تحدي الافرقاء السياسيين في مراكز قوتهم. ومن غير المرجح ان تمتلك القوى السياسية القدرة او الارادة للذهاب الى الانتخابات النيابية على وقع وضع اجتماعي صعب من شأنه ان يشكل تحديا لنفوذها او لقدرتها على الاستحواذ على الغالبية المطلقة ضمن طوائفها. ولعل الدرس مما حصل الاسبوع الماضي يكمن في عدم الاستهانة بالغضب الشعبي وحتمية التأني في اتخاذ القرارات الملائمة ان في ما خص الموازنة والضرائب او ما يتصل بقانون الانتخاب العتيد الذي قال رئيس الحكومة في شأنه على اثر لقائه رئيس الجمهورية ان السعي هو الى قانون انتخاب يرضي جميع اللبنانيين وان الضرائب لن تطاول المواطن. وهو تحدث عن الامرين معا في موقف واحد ما ينم عن ادراك ان الاهمال الاجتماعي المتمادي ترك انعكاسات خطيرة وان الافرقاء السياسيين كانوا على وشك ارتكاب خطأ جسيم عبر فرض ضرائب جديدة يتحملها الناس فيما يرزحون تحت وطأة ازمات ساهم فيها السياسيون. والدليل على هذا الادراك هو نزول الرئيس الحريري الى الشارع من اجل استيعاب المتظاهرين وعدم ترك المجال لتصاعد او تفاعل غضب شعبي بدا واضحا انه لا يزال يعتمل في نفوس الناس منذ سنتين واكثر بحيث ان التسوية السياسية التي حصلت قد تكون اعطت الافرقاء السياسيين ما يريدونه الا انها ليست كافية لارضاء الناس او اعطائهم حقوقهم فيما هذه الحقوق في مكان اخر كليا في ظل عجز متماد من كل الافرقاء السياسيين اكانوا في 8 اذار او 14 آذار في التجاوب مع المتطلبات الحياتية لدى اللبنانيين.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم