الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

هنا الطامة الكبرى... والباقي كلام!

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

كان واضحاً منذ البداية، وإثر الابتهاجات وعودة الروح إلى "البلد المنسي"، إنهم لن يدعوا اللبنانيّين يفرحون طويلاً ويحلمون بعودة ذلك اللبنان وذلك الزمن الجميل. أنها مجرَّد استراحة، مجرَّد قبَّة إبط عن مرور الاستحقاق الرئاسي بعد احتجاز دام عامين ونصف الثالث.
ومنذ انطلاق الهجوم الخطابي العنيف على السعوديّة من بيروت أدرك الجميع أنهم ذهبوا بعيداً في أحلامهم، وتطلّعاتهم، واعتقادهم أن لبنانهم القديم قد غادر مغارة أهل الكهف، ليجدِّد شبابه ويستعيد تلك الإطلالة وذلك الحضور، وتلك المرحلة التي خطفت روحها بوسطة عين الرمّانة.
كان هاجس الفراغ واحتمال عودته حاضراً لدى المخضرمين والقريبين من المرجعيّات والمهيمنين على البلد. وكان هؤلاء بدورهم يهمسون لبعض المعنيّين أن "زمن الفراغ" لم يقفل مخزنه بعد، ولن يتيح للزمن الجميل العودة والمرور ثانية.
وها نحن اليوم أمام الاعترافات الجماعيّة والاضطرار الى "التأجيل البسيط"، مع الإقرار بقبول قانون انتخابي يكون للنسبيَّة فيه حصّة الأسد.
إنّما هذه "الخطوة" ليست كل شيء، ولا كل المطلوب، ولا هي كافية لفتح الطريق أمام الانتخابات، أمام نفض الإدارة، أمام عملية تنظيف شامل لدور الفاسدين واللاعبين بالأموال العامة، وهادري المليارات والملايين.
والذين يتوقَّعون أن يكون التأجيل بالأشهر السريعة، يدركون في قرارة نفوسهم أن المسألة ليست مسألة انتخاب فحسب، بل هي مسألة علاقات دولية، ومطالب متبادلة مع دول عُظمى. ولإنجاح هذه الخطّة لا بدَّ من ابقاء لبنان في قبضة "القادرين" ولا بأس في "رحلة فراغيَّة" ريثما تتضح الصورة...
من البديهي أن يصدر عن الرئيس سعد الحريري تشديد على أن "القانون" لا يزال في رأس لائحة الاهتمام الشامل، ومن دون إغفال أهمية إنجاز السلسلة بعد جلاء كل ما أثار اللغط، والاحتجاج، والتجمُّع في الساحات واطلاق الشعارات والكلمات التي ترتجف أحرفها في فضاء بيروت المصابة بصدمة الخيبة، وصدمة العودة إلى مسرح الفراغ. هنا الطامة الكبرى.
يحاول عهد الرئيس عون من كل قلبه وربه أن يحقَّق أماني الناس بالخروج من "أسر" قبضة الخارج وحلفائه هم وبلدهم. ومن أجل بلوغ نتائج إيجابيَّة وفعَّالة، يسافر رئيس الجمهورية إلى البلدان القريبة والبعيدة، ويزور هذا الرئيس وتلك العاصمة.
صحيح أن لبنان بقي حتى الساعة "معفى" من عدوى حروب الدول المحيطة والقريبة، إلّا أنه لم يعرف الاستقرار والأمان والحياة الطبيعيّة منذ زارته بوسطة عين الرمّانة حاملة إليه هديَّة مسلسل من الحروب استمرّت 15 سنة. ولا يزال إلى هذه الساعة رهين الفواتير القديمة والمستجدَّة.
أمّا الباقي بكل سلسلاته ومسلسلاته، فمجرَّدُ كلام!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم