الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حاولوا تخريب الحراك... من هم المندسون؟

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
حاولوا تخريب الحراك... من هم المندسون؟
حاولوا تخريب الحراك... من هم المندسون؟
A+ A-

حاول مقنعون حرف تظاهرة الأمس الرافضة لاقرار ضرائب جديدة على المواطن، عن مسارها الحقيقي. شتائم وقذف القوى الأمنية بعبوات المياه، وإشعال المفرقعات النارية. انسحبت أحزاب الكتائب والاشتراكي والوطنين الأحرار ومجموعات من الحراك، لتبقى الساحة للمشاغبين او المندسين الذين حاولوا مراراً تجاوز الخطوط المرسومة من قوى الأمن واقتحام السرايا.


صور "المندسين" وزعتها القوى الامنية على وسائل الاعلام، وجرى تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، اذ ليست المرة الاولى التي يحصل فيها شغب خلال التظاهرات، وأكد مصدر أمني لـ"النهار" انه "سيصار الى ملاحقة من أظهرته الصور يقوم بالاعتداء على قوى أمنية". 


تملك الأجهزة الأمنية كاميرات متطورة تكنولوجيا، تحدد الصورة، "تكبّر الوجه وتسجل الصوت للمندس الذي يحاول ادخال تعديل على مسار التظاهرة وأهدافها، وأيضاً من معه وحوله، حيث يقوم عناصر من أجهزة الأمن العام، الشرطة القضائية، شعبة المعلومات والاستقصاء بمراقبته وايقافه، اذ لديهم التكنولوجيا والامكانات لجلبه الى التحقيق، فيما يبقى القرار للقضاء المختص، سواء العسكري أو العدلي"، وفق ما أفاد "النهار" قائد الشرطة القضائية السابق العميد المتقاعد أنور يحيى، وقال: "يمكن ان يتم توقيف المندسين لاحقاً، فخلال التظاهرة لا قدرة للقوى الامنية لتحديد كل شخص مندس، لذا يجمعون الصور عبر الكاميرات أو الاشخاص الموزعين في التظاهرة والتابعين لبعض الاجهزة ليتم تحديد هوياتهم".


"كي لا تقع التظاهرة بالفخ"
" قبل 48 ساعة من التظاهرة، تحدد الشرطة الخط المسموح بالوصول اليه، ويتم إبلاغ المتظاهرين والمنظمين بحدوده. تتخذ تدابير معينة للتظاهرة السلمية وغير المسلحة، إضافة إلى تدابير خاصة لاحتمال انخراط اشخاص مسلحين فيها". أضاف يحيى: "تضع قوى الأمن اشخاصاً مخبرين بين المتظاهرين يتعاونون مع قوى الأمن الداخلي لقاء منافع معظمها مادية، او عناصر من الشرطة القضائية او المعلومات أو المخابرات ليراقبوا من يحاول حرف خط سير التظاهرة عن هدفها الحقيقي، واذا اضطر الأمر توقيفه ونقله الى المركز الأمني والاستماع الى افادته لحين احالته على القضاء المختص. فالمندس هو من يقدم على عمل مختلف عن الأعمال المصرّح بها، مثل التخريب وإشعال المفرقعات ووقذف قوى الامن بالآلات الحادة والحجارة".
وأشار الى ان "أهداف الحراك المدني نبيلة، منها محاربة الفساد، لكن لماذا قذف القوى الامنية بعبوات المياه وتخطي الحدود المرسومة والسياج. قد يكون الأمر من المنظمين أو من مندسين تختلف أهدافهم عن اهداف منظمي التظاهرة. وخلالها لا يكون الوعي كافياً عند الناس لتحليل ومعرفة لماذا يقوم المندس بذلك، حتى أنهم لا يعلمون بانه مندس، معتقدين انه معهم ويمشون احياناً خلفه، فتسقط التظاهرة في الفخ".


هوية الأشخاص وانتماءاتهم


احد مؤسسي مجموعة ميديا هاشتاغ طارق أبو صالح قال لـ"النهار": كنا أول من دعونا في شكل عفوي للتظاهر من خلال هاشتاغ (على الشارع الأحد). مطلبنا الوحيد عدم اقرار الضرائب، لسنا ضد السلسة ولا اسقاط الحكومة. لم يتبن أي طرف تنظيم التظاهرة، بل كان هناك تنسيق بين كل المجموعات للتحرك ورفع شعار، لا للضرائب". أضاف: "من قاموا بالشغب لا يتعدى عددهم الـ 25 شخصاً وهم معروفون جيداً وإلى من ينتمون. عندما بدأوا التخريب لحرف التحرك عن اهدافه انسحبنا كي لا نتصادم معهم". ولفت الى انه "بعد طرح رئيس الحكومة سعد الحريري، حصل نقاش جدي داخل مجموعات الحراك للتحاور معه، والتعامل مع مبادرته بايجابية على رغم أن مطالبنا واضحة".
وقال الناشط في حملة "بدنا نحاسب" علي رمضان: "الشغب الذي حصل، إما بسبب وجود مندسين كما تقول السلطات والأجهزة الامنية، وبالتالي هذا الأمر من مسؤوليتها للتحقيق في الموضوع، وإما انهم مواطنون يعبّرون عن غضبهم بسبب الغضب والأعباء التي تريد الحكومة ان تحملهم اياها. عوفي أي حال لسنا جهاز أمن لضبط تظاهرة مؤلفة من نحو 25 ألف شخص".
من جهته، قال عضو المكتب السياسي في حزب "الكتائب" سيرج داغر: "دعونا الى تظاهرة من الثامنة صباحاً الى الثانية والنصف بعد الظهر. لم نكن وحدنا، بل كانت معنا جمعيات من المجتمع المدني. حضر المندسون باكراً وحصلت مناوشات بيننا وبينهم خلال النهار. عندما حان وقت انهاء الاعتصام أعلنا ذلك عبر مكبّرات الصوت. لم يغادر المندسون الساحة، استمروا برشق القوى الامنية، لكن تأثيرهم كان محدوداً. انتشرت صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي وعملت القوى الامنية على توقيفهم".


أسباب عدة للشغب
العوامل التي تقف خلف اعمال الشغب ردها استاذ علم الاجتماع الدكتور طلال عتريسي الى اربعة عوامل، "أولها، ما له علاقة بالطرف المقابل، كحصول نوع من الاستفزاز من القوى الامنية، ثانياً، البعض يحاول ان يبرز ليظهر انه مختلف عن باقي المتظاهرين، وليس بالضرورة ان يكون آتياً من أوساط شعبية، حيث رأينا اشخاصاً من اوساط ميسورة يحملون فكراً يسارياً كانوا يشاركون في التظاهرات. وفي الحراك السابق من حاول احتلال وزارات هم اشخاص ميسوري الحال لديهم اقتناعات معينة. فالحراك المدني ليس طبقياً، بل يضم طلاباً من الجامعات، خصوصاً الأميركية واليسوعية، وثالثاً، البعض يعتبر ان التظاهر من دون عنف ليس له نكهة، وانه يجب تجاوز الطابع السلمي كي يكون التحرك فعالاً ويحقق نتائج اكبر، كون الاعلام يهتم اكثر. رابعاً، عمل المندسون على تخريب اهداف التظاهرة وافشال حركات الاحتجاج". وشرح في حديث لـ"النهار" انه "يمكن ان تجتمع عوامل عدة في التظاهرة، كوجود جماعة فكرها مؤيد للعنف وجماعة اخرى تريد ان يدفع الطرف الآخر الثمن من دون تخطيط أو حسابات سياسية لتخريب التظاهرة".


"مندسون من الدولة"!
يقول العميد المتقاعد يحيى: "أول وزير داخلية نظم حق التظاهر هو كمال جنبلاط، الذي شغل هذا الكرسي من عام 1961 الى عام 1963، ولا يزال قراره نافذاً، وهو ينص على اعطاء "علم وخبر" الى وزارة الداخلية، بخروج تظاهرة مع أهدافها والمسؤولين عنها، وعددهم يجب ان يكون أربعة يضمون سجلاً عدلياً الى طلبهم مع تحديد مكان التظاهرة، ووضع كفالة الف ليرة لبنانية وفق ما نص عليه القانون في عام 1962، اذ في حال تعرض أي من الممتلكات والمرافق العامة للتخريب يحول المبلغ الى وزارة الداخلية".



أضاف: "أحيانا وفي مراحل معينة، عندما كانت الدولة تريد منع تظاهرة معينة وان كانت شرعية، كانت توزع اشخاصاً يخصون جهازا معيناً يطلقون رصاصة باتجاه قوى الأمن، فتتحول التظاهرة من سليمة الى مسلحة. وأحيانا يكون المندسون من احزاب وتنظيمات. ففي ستينات القرن الماضي لم يكن هناك شعبة معلومات بل أمن عام وقوى أمن داخلي، وكانت مديرية المخابرات تهتم بالامن العسكري وسلامة الوطن والجيش والمحافظة على مكانة الجيش. كما لم يكن هناك تقنيات عالية وكاميرات موضوعة في كل مكان لتحديد وجوه الاشخاص الذين يقومون بالشغب تجاه الشرطة واحياناً تجاه المدنيين". ولفت الى انه في أواخر الستينات والسبعينات كانت التظاهرات تخرج من اجل القضية الفلسطينية، ولدعم العمل الفدائي في وجه الجيش اللبناني، وفي مطلع السبعينات حتى العام 1975 كانت التحركات الطالبية المطالبة بحقوق اكبر وتقديمات اكثر من وزارة التربية". اليوم تخرج التظاهرات من أجل لقمة العيش، فهل ستُسمع صرخة المواطنين؟!


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم