الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

شيرلوك هولمز التحريّ الأسطوريّ... كَرهه "خالِقه" وكان يتسلّى بالكوكايين!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
شيرلوك هولمز التحريّ الأسطوريّ... كَرهه "خالِقه" وكان يتسلّى بالكوكايين!
شيرلوك هولمز التحريّ الأسطوريّ... كَرهه "خالِقه" وكان يتسلّى بالكوكايين!
A+ A-

قَتَله بهدوء وحِنكة.
بلا ضجّة أو دِعاية.
عَلِمَ أن الطَريقة الفُضلى للتخلِّص منه ومن سيطَرَته الكامِلة على حياتِه هي من خلال المِكر والدَهاء. وإلا "سَتَقوم القيامة"، وسيوجِّه القُرّاء أصابِع الإتهام اليه ، مُجدّداً، وسيُعبّرون عن غَضَبِهم بمُختَلَف السُبُل.
سيَلومونه.


"راح تُطلَع الصَرخة"!
وكيف سيُبرّرِ لهم هذه المرّة فعلته القاسية، لا بل الوحشيّة؟ وهل سيتمكَّن من تَبرير جَريمة القَتل المروعة هذه التي سيَقَع ضحيّتها من يُقال أنه أعظم تَحَرٍّ "تَنزّه" في عالَم الأدَب؟



 


هل يُعقَل أن يَقتُل الكاتِب والطَبيب الاسكوتلنديّ الأسطوريّ السير آرثر كونان دويل (1859 – 1930) بَطَله الذي لن يتكرَّر شيرلوك هولمز؟
شيرلوك هولمز الأعزب "المنقنَف" يَموت؟
هو الذي يُتابِع مُغامَراتِه الخارِجة عن نِطاق العاديّ الملايين في مُختَلَف أنحاء العالَم؟
بالفِعل هذا ما حصل في آذار العام 1927.
"فَعَلها" السير (وهو اللقب الذي اكتَسَبه بفعل إبداعه الأدبيّ)، بهدوء و"مَلعنة" بعدما تعلَّم من المرّة الأولى.
نحن في آذار العام 1927.


مجلّة "ليبرتي" الأميركيّة تَنشُر قصّة "شيرلوكيّة" قصيرة بعنوان: Shoscombe Old Place.
القرّاء يَبتَهجون. و"متل العادة" يُصفّقون لإبداع "السير" الذي لا يَنضَب.





وفي شهر نيسان، أي بَعد شهر "ع البِكلة"، تَنشُرها مجلّة The Strand البريطانيّة الشهريّة المُتخصّصة بالقُصص القَصيرة والمقالات المُتنوّعة.
وكالعادة، يَطلّ التحرّي الأنيق والحاذِق شيرلوك هولمز، بكامِل "عَطائِه" ومن دون أن تَفوته "الشاردة والواردة".
لم يشكّ القرّاء بأي شيء.


ففي نهاية القصّة، يتمكَّن هذا التحرّي بعاداتِهِ الغَريبة، من أن يحلّ الجريمة "يلّلي بين إيديه"، وكان عُشّاقه على يَقين من أنّه سيَعود من خلال قصّة جديدة، "إذا مش بكرا، اللّي بعدو أكيد".
ولكنه لم يَعُد.


كان "السير" آرثر كونان دويل، قد اختار هذه المرّة أن يَتخلَّص من "شيرلوك" "ع الناعِم" وأن يَتعامَل مع "الجَريمة" المُقلِقة في أسلوبها البارِد، وكأن "ما صار شي".





وبعد 3 سنوات، في العام 1930، مات "السير" آرثر كونان دويل إثر نوبة قلبيّة!
بيد أن شيرلوك هولمز الطويل والنَحيل ما زال على قيد الحياة حتى الساعة، ولن تتمكَّن الحياة بقوانينها الصارِمة من أن تتخلَّص منه أبداً.
مات "السير" الذي عاشَ علاقة مُتقلّبة وغير مُستقرِّة مع "ابنه" شيرلوك هولمز!
بيد أن القرّاء من حول العالّم لم يتمكّنوا من التخلّص من تفانيهم لهذا العجوز الأعزَب الذي كان يَعشَق الوِحدة، والذي كان يَعيش من خلال عَمَلِهِ، وكان يلجأ أحياناً إلى تعاطي المُخدّرات وتحديداً الكوكايين عندما يمرّ وقت طويل من دون أن يُطلَب منه أن يُحقّق في قضيّة ما، وذلك بحثاً عن القَليل من الإثارة والتَشويق.


القارئ ما زال وفيّاً لـ "هولمز" الدَقيق المُلاحَظة والذي حاول مُختَرعه أن يقتله أكثر من مرّة!
المرّة الأولى التي قَتَل فيها دويل شيرلوك هولمز كانت في كانون الأول من العام 1893.
كانت عادة الكاتِب أن يَنشُرَ قصصاً قصيرة من بطولة "هولمز" في مجلة "ذا ستراند"، وأصيب القرّاء بذهول وانتابتهم نوبات غَضَب شديدة عندما نَشَرَ دويل قصّة بعنوان The Final Case، قَتِلَ فيها "الأخ" شيرلوك هولمز في النهاية بأسلوب وحشيّ!
تظاهَرَ الآلاف أمام مَبنى مكاتب المجلّة البريطانيّة وألغى أكثر من 20 ألف قارئ إشتراكاتِهم فيها بعد هذا الموت المُفاجئ.
إحدى السيّدات هَجَمَت على دويل ذات مرّة بعد فترة قَصيرة من "وقوع الجَريمة" وهي تَصرُخ بأعلى صوتها، "أيها المُتوحّش! كيف تقتل شيرلوك هولمز؟!".


وبعد إصرار كبير من المجلّة التي واجَهت أزمة حقيقيّة إثر "مَقتل" شيرلوك هولمز، أعادَ دويل التحرّي إلى الحياة، ولكنه طَلَب مبلغاً دوّنه لاحقاً التاريخ، إذ لم يَسبَق أن حَصَل عليه أي كاتب مُقابِل قصّة قصيرة : ألف باوند، أي ما يُعادِل 93 ألف دولار أميركي!
كان آرثر كونان دويل يُريد بأي وسيلة التخلّص من سيطرة "هولمز" على حياته، وإعتقد أن هذا المَبلَغ الكبير وغير المنطقي هو تذكرته إلى الحريّة.
لكن المجلّة فاقَته دهاءً ودَفَعت المَبلغ!



 


تفوّق "السير" آرثر كونان دويل في أكثَر من إختصاص وبَرَع في الطُب وكتابة الروايات التاريخيّة (وكان ونستون تشرشل من أشدّ المُعجبين بها) والقصائد وقُصص الرُعب والمُلاكَمة، ولعبة "الكريكيت".


كما بَرَع في كتابة الخيال العلمي ويُقال إنه ألهَمَ رائعة مايكل كريختون "جوراسيك بارك"... لكن الناس كانوا يُرفقون اسمه بـ "شيرلوك هولمز"!
وكان "السير" يَغضَب ويتألَّم، ويُصاب أحياناً بملل حقيقيّ بعد مواجهاته المُحتَدَمة مع "إبنه" هولمز الذي كان يُهيمن على كل لَحظة من حياته.
كان يُصرّح للأصدقاء وأفراد العائلة بأن "هولمز" هو مفتاحه للإستقلال الماديّ، ليس أكثر. وكان يَتعامَل مع هذا التحرّي الأسطوريّ وكأنه وسيلة للحصول على مَبالِغ طائلة من المال.


وكانت والدته تَقف في وَجهه عندما تَتنبّه بأنّ بنها "عم بِلكّ!" ويُمكن أن يَستَغني عن "هولمز" بأي لحظة، وتصرخ بصوتٍ عال، "لن تَقتُل هولمز. لا يُمكنك أن تقترف هذه الجريمة!".


و"السير" كان يَمتَعِض ويُهدّد بقتل "هولمز" هاتفاً، "أنه يُهيّمن على حياتي ويَسلب منّي ساعات يُمكن أن أمضيها في مُمارسة إهتماماتي العديدة الأخرى!".
إستوحى دويل شخصيّة "شيرلوك هولمز" المُعقّدة من أستاذه في مَدرسة الطب في إدنبره الدكتور جوزف بيل الذي كان أكثر من قادِر على تَشخيص مشاكل المُرضى الصحيّة وببساطة "راعبة"، وذلك بمجرّد النَظَر إليهم وهم يَدخلون عيادته.
كان الدكتور بيل على يَقين من إعجاب دويل المُفرَط به، ولكنه كان يَقف على مَسافة من الآخرين واضعاً نَفسه في بُرج عالٍ وإن كان لَطيفاً ودمثاً معهم، تماماً "كالأخ هولمز".


كان الدكتور بيل رائداً في علم الطبّ الشرعيّ وكانت الشرطة الإسكوتلنديّة تَستعين به في كثير من القضايا المُستعصية. وكان أول من تم إستدعاؤه لحلّ قضية Jack The Ripper (جاك السفّاح) الأسطوريّة ويُقال انه كان على وَشَك أن يحلّها ولكن السفّاح إختَفى فجأة وتوقّفت جرائم القتل الراعبة بلا سَبب.


بعض حقائق حول شيرلوك هولمز:
-خلافاً للإعتقاد الشائِع، لم يكن هولمز يُردّد لصديقه وشريكه في حلّ القضايا الغامضة الدكتور واتسون، جملة: Elementary my dear Watson! ، بل كان يقول ببساطة Elementary.


-الرواية الأولى التي خصّصها دويل لشيرلوك هولمز A study In scarlet عام 1887 كانت فاشِلة ولم يتفاعل معها القارئ أو النقّاد.
-الرسّام سيدني باجيت الذي أضاف الرُسوم المصوّرة الى سلسلة شيرلوك هولمز في مجلة "ذا ستراند" إبتداءً من 1891 هو الذي قدّم التحرّي الشهير مُرتدياً قُبعة الصيد. وكان التحرّي يَضعها فقط لدى تسلّمه قضايا في الريف البريطاني وليس كل الوقت.
-تمكّن "هولمز" من حلّ كل القضايا التي واجَهته بإستثناء واحدة في القصّة القصيرة The Yellow Face.



 


-توسّل "هولمز" بتقنيّات مُتقدّمة في حلّ القضايا قبل أعوام طويلة من إنتقالها إلى العالم الحقيقيّ!
-"هولمز" يَعشَق النظافة، ولكن منزله "بيضلّ قايم قاعِد"!
-إمرأة واحدة فازَت بقلبه، هو الذي كان يَخشى النساء ويتعامل معهن وكأنهن من الأعداء! إيرين أدلر هي المَحظوظة التي فازت بحب شيرلوك هولمز. و"كانت قدّه" وتمكّنت من أن تتفوّق عليه في حلّ إحدى القضايا المُستعصية!


-المُمثّل ويليام جيليت حَقَن نَفسَهُ بمخدر الكوكايين وهو يؤدّي على خَشَبة المَسرح شخصية "هولمز" عام 1900 ليتمكّن من تَجسيد الشخصيّة بواقعيّة وإنطلاقاً من تعاطي التحرّي هذا المُخدِّر بحثاً عن القليل من الإثارة في حياته اليوميّة.
-يُقال أن جيريمي برات من أهم المُمثلين الذي إضطلعوا بدور شيرلوك هولمز.


[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم