الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

شهادة ثمينة في "الصندوق الأسود"

العميد المتقاعد عصام أبو زكي- قائد سابق للشرطة القضائية
شهادة ثمينة في "الصندوق الأسود"
شهادة ثمينة في "الصندوق الأسود"
A+ A-

شاءت قناة "الجزيرة" أن تساهم، على طريقتها، في إحياء الذكرى الأربعين لاغتيال الزعيم العربي الخالد #كمال_جنبلاط. فخصّصت حلقة الأسبوع الماضي من برنامج "الصندوق الأسود" لإلقاء مزيد من الأضواء على أسرار هذه الجريمة النكراء.


أهمّية برنامج "الصندوق الأسود" أنّه يعالج في كل حلقة من حلقاته قضيّة من القضايا أو الأحداث الكبيرة التي تستقطب اهتمام الرأي العام، فيما هي محاطة بالأسرار والألغاز. ويبذل فريق الاعداد في البرنامج جهوداً كبيرة لكشف ما أمكن من الأسرار، بالعودة إلى خبايا الأرشيف والوثائق السرية، أو المقابلات مع الشخصيات ذات الصلة بالحدث موضوع البحث.


كان لي شرف الاشتراك بدور رئيسي في الحلقة المشار إليها عن جريمة اغتيال كمال جنبلاط. فأعدت سرد المعلومات التي تكوّنت لدي خلال مساهمتي بالتحقيق في الجريمة، من موقعي الأمني، معاوناً للمحقق العدلي القاضي النزيه والشجاع حسن القوّاس، طيّب الله ثراه.


الجديد الذي أعلنته هذه المرّة للرأي العام، من خلال "الجزيرة"، هو ما تكّتمت عنه في مساهماتي الإعلامية السابقة حول هذه المسألة، نظراً الى حساسيته، وإن كنت قد أطلعت عليه في حينه المراجع ذات الصلة، الرسمية والقضائية والسياسية. فقد أوحت وقائع التحقيق بأن الجناة لم يكونوا يهدفون إلى اغتيال كمال جنبلاط على الفور، بل ربّما خطّطوا لخطفه لسبب ما زال مجهولاً، ثم قتله.


ربما كان قصدهم نقله إلى منطقة حسّاسة من مناطق الجبل واغتياله هناك، لتفجير فتنة طائفية بين اللبنانيين، تفوق بما لا يقاس الأحداث الدموية المؤسفة التي وقعت بعد انتشار خبر الاغتيال. هذا يؤكّد أن اليد التي غدرت بكمال جنبلاط لم تكن تبغي الاكتفاء بتغييبه عن القيادة السياسية فحسب، بل كانت ترغب، في الوقت نفسه، بالتسبّب بسلسلة من الجرائم الدموية تتفرّع عن الجريمة الأمّ.


حلقة "الصندوق الأسود" لم تمرّ من دون مفاجأة، وقناة "الجزيرة" معروفة برغبتها في تسجيل سبق إعلامي كلما تسنّى لها ذلك. فخلال حلقة "مقتل كمال جنبلاط" جرى بث اتصال هاتفي مسجّل مع العقيد رفعت الأسد، شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد، أكّد فيه أن اغتيال كمال جنبلاط نفّذه جهاز المخابرات الجوية التابع مباشرة لشقيقه حافظ، وأن العميد محمّد الخولي قائد الجهاز المذكور، كلّف الضابط ابرهيم حويجي بتنفيذ الجريمة.
شهادة رفعت الأسد مهمّة جدّاً ولو وصلت متأخّرة. فالرجل كان يوم اغتيال كمال جنبلاط من أركان النظام السوري، يشغل منصب "نائب رئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي"، وكان بلا شك مطّلعاً على خفايا المؤامرات الأمنية والمشاركين فيها، وهو متّهم بالعديد من الجرائم الكبرى والمذابح التي نفذها النظام. أراد رفعت الأسد من شهادته التأكيد أنه لم يشارك في قتل كمال جنبلاط بالتحديد، إذ أن هذه الجريمة، على حدّ قوله، مسؤولية شقيقه حافظ.
قتل العظماء لا يسقط بالنسيان ولا يمرّ بمرور الزمن. فجريمة قتل كمال جنبلاط تمّت قبل أربعين سنة، ولكنها لا زالت في الخواطر والوجدان كأنها وقعت يوم أمس.


جاءت شهادة رفعت الأسد في "الجزيرة" لتؤكّد صحّة المعلومات التي أدليتُ بها مراراً عبر الإعلام عن خفايا اغتيال كمال جنبلاط، ولتعزّز مصداقية التحقيق الأمني اللبناني الذي اضطلعت بدور رئيسي فيه بإشراف قاض عظيم من بلادي هو الرئيس حسن القوّاس.
كما أكّدت الشهادة أن المجرم لا يستطيع أن يخفي فعلته إلى الأبد، وإعلان الحقيقة هو مقدّمة لا بدّ منها لتحقيق العدالة. وإذا تعذّر عقاب الجاني على الأرض، فسيواجه حتماً عدالة السماء.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم