الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"التفاهمات" تجسد "سوء التفاهم" الوطني

المصدر: "النهار"
غسان صليبي-باحث وخبير اجتماعي مستقل
"التفاهمات" تجسد "سوء التفاهم" الوطني
"التفاهمات" تجسد "سوء التفاهم" الوطني
A+ A-

يمكننا اختصار "منطق" التفاهمات المتلاحقة، كما يأتي:


التفاهم الأول: أحتكر لك الموقع الأول، تدعني احتكر مصير البلد.
التفاهم الثاني: أدعمك للموقع الأول، تدعمني لمواقع اخرى.
التفاهم الثالث: أمرر لك الموقع الأول، تمرر لي الموقع الثالث.
التفاهم الرابع (لم يعلن عنه بعد ولا ضرورة للاطلاع عليه): لا تعطيني ولا أعطيك.
الله يحفظ الذي جمعنا، والذي يعطيني ويعطيك.
ست ملاحظات عابرة للتفاهمات:
ملاحظة بيولوجية: التفاهمات يتناسل بعضها من بعض!
ملاحظة قانونية: التفاهمات غير دستورية بصفقاتها ومفاعيلها!
ملاحظة لغوية: لقد تعمدت تلخيص مضمون التفاهمات، بصيغة الفرد لا الجماعة، تفادياً لأي التباس، في فهم الأسباب والدوافع!
ملاحظة تاريخية: أيام الرئيس صائب سلام، كان المطلوب "التفهم والتفاهم". في أيامنا، لا حاجة للتفهم، أي لاستيعاب منطق الآخر. هذا الشرط الانساني- الاجتماعي للتواصل، لم يعد ضرورياً. أو، وهذا هو الأخطر، ربما لم يعد ممكناً، في ظلّ الخوف والشكوك المتبادلة بين المتزعمين، وأيضاً بين المذاهب والطوائف!
ملاحظة سيكولوجية: التفاهمات بعموميتها، وتكرارها لمبادئ عامة، تبدو كأنها مجرد "حجة"، لخداع النفس قبل الآخرين، بأن القضية أبعد من صفقة مصالح وتبادل مغانم!
ملاحظة سياسية: التفاهم هو شكل متخلّف من أشكال التحالف السياسي. المعنى الحرفي للكلمة، هو نوع من الاتفاق الضمني وغير الرسمي. كالاتفاق الضمني مثلاً بين سكّان الحي، على عدم التسبب بضجة مزعجة! وهو بالتأكيد، ما دون البرنامج المشترك للقوى المتحالفة. وقد يكون وراء خفض السقف السياسي، ثلاثة أسباب على الأقل :
- الهم الطاغي، هو تبادل المغانم وليس الاتفاق على قضايا .
- العجز الفعلي عن اقتراح برنامج عمل مشترك.
- حساسيات "البيئات الحاضنة" بعضها تجاه بعض، وعدم رغبة المتزعمين بإغضاب جمهورهم أو رعاياهم. من هنا تفضيل استخدام تعابير باهتة، كـ"التفاهم" أو "إعلان النيات" أو ما شابه!
هذه التفاهمات هي إعلان صارخ عن غياب عقد اجتماعي بين اللبنانيين، العمود الفقري للدستور والدولة والوطن!
إنها، عن حقّ، تجسيد لـ"سوء تفاهم" وطني !


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم