السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

تامر السعيد في "أيام بيروت السينمائية"

تامر السعيد في "أيام بيروت السينمائية"
تامر السعيد في "أيام بيروت السينمائية"
A+ A-

"آخر أيام المدينة"¶ لتامر السعيد الذي انطلق في مهرجان برلين السينمائي العام الماضي، يُعرض في "أيام بيروت السينمائية" (15 - 24 الجاري) الذي افتتح دورته التاسعة أمس مع فيلم "ربيع" للبناني فاتشي بولغورجيان. منذ فترة، يحاول فيلم السعيد ملاقاة جمهوره المصري. فبعدما حُذف من برنامج مهرجان القاهرة، ألغيت قبل أيام مشاركته في مهرجان شرم الشيخ في قرار واضح من الرقابة بالتضييق عليه. أنجز السعيد فيلمه هذا بعد عقد كامل من البحث المتواصل عن نصّ مثالي يعكس علاقته بمدينته القاهرة بكل أطيافها. طوال عشر سنين، أبصر عدد غير قليل من النسخ النور، لكن أياً منها لم تسد جوعه وتوقه الى رسم صورة مغايرة للسينما المصرية، فظلّ يحاول إلى أن اكتملت الرؤيا الشاملة. ينم "آخر أيام المدينة" عن حسّ في الاختبار والتيه المتعمد في متاهات التعبير، نتلسمه من خلال شخصية خالد (خالد عبدالله)، وهو مخرج يحاول صنع فيلم يأتيه بأجوبة شافية عن أسئلة ترافقه منذ فترة وتوقظ في داخله أشياء يخالها المرء ماتت الى الأبد. خالد هذا يعاني مشكلات عدة، يبحث عن شقة، أمه ترقد في المستشفى، ومَن يَحب لا يستطيع إقامة علاقة سوية معها. في حين يغلي الشارع القاهري غلياناً، والأجواء ضاغطة، والحال الاجتماعية في ذروتها. الفيلم عن الثابت والمتحول، الدال والمدلول، عن الانجذاب والنفور في علاقتنا بأماكن عيشنا. نجد أنفسنا في بقعة مرّت فيها ثورة - منذ تصوير السعيد -، الا انها لم تغيّر شيئاً. يتجوّل الفيلم في ضمائر ومدن وفي خواطر شلّة من الشباب يتصدّون لرتابة الواقع، فيخرج النصّ عن اطاره القاهري، في اطلالة على وحدة الحال العربية من بيروت الى بغداد، وهذا كان ممكناً الاستغناء عنه. بيد ان العمل الطموح الذي يحمل في داخله قدراً من الصدق، يغوي حتى في نقاط ضعفه التي هي هنات الفيلم الأول المتعطش الى جمع كلّ شيء كأنه الفيلم الأخير. ملفات عدة ينشغل بها "آخر أيام المدينة": المرأة والحبّ والأمومة ومظاهر التدين المنتشرة، وأخيراً وليس آخراً السينما، داخلاً اليها من باب النقاشات المرتجلة بين المخرجين العرب الذين ينقلون الفيلم الى أمكنة أخرى لا تختلف كثيراً عن مكانه الأصلي.


هناك شعور بجوّ من الضغط والتوتّر. كأننا في آلة ضغط تكاد تنفجر في كل لحظة. المفارقة أنّ الانفجار وقع بعد الفيلم، والفيلم لم يصوّره. يقول السعيد: "آخر أيام المدينة" عن اللحظة التي تسبق الثورة وليس عن الثورة نفسها. صوّرتُ نصف يوم بعد الثورة ولم أزجّ بالمَشاهد في الفيلم. أو بشكل أدق، صوّرتُ بضع لقطات في برلين بعد الثورة، وحصل هذا لأسباب لوجستية، ذلك انني لم استطع الحصول على تأشيرة للتصوير فيها قبل الثورة. لم أُرِد فيلماً يخفت وهجه فور انتهاء الحدث. أتعامل مع الفيلم على أنّه لا يُفترض أن يتضمن رسائل سياسية مباشرة. أمقت البروباغندا في السينما، حتى لو خدمت التيار الذي أنتمي إليه. في الحالين، أراها إهانة للسينما. مسؤولية الفيلم الوحيدة أن يبقى فيلماً، هذه مسؤوليته الوحيدة. وهذا يعني ان عليه ان يستعمل الصورة والصوت بطريقة خلّاقة للتعبير عن لحظة أو موقف من العالم".
بدأ السعيد يفكّر في الفيلم منذ 2006. حينها توفى والده وشبّ حريق مسرح بني سويف. غمره إحساسٌ ملحٌ بضرورة عمل شيء. يقول: "كنت أريد اخراج ما في داخلي. في أواخر 2005، جرت ما سُميت أوّل انتخابات رئاسية أدّت إلى فوز حسني مبارك. آنذاك، شهدت مصر تظاهرات حاشدة ولاح شعورٌ بأنّ النهاية قريبة. في الآن عينه، تملّكتني رغبةٌ في تصوير القاهرة من زاوية مختلفة. أراها مدينة "فوتوجينية"، تختلط فيها الدهشة والسحر والتلقائية بكثير من القسوة، ولكن ما إن نضعها على الشاشة حتى تزول تلك الخلطة. ثم، عملتُ سنة مع رشا سلطي (تشاركا كتابة السيناريو)، أمضيناها ونحن نجمع قصص الأصدقاء. لم تكن هناك حبكة. أردتُ خوض مغامرة السرد. وحين انطلقت رحلة التنفيذ، بدأتُ أواجه الواقع. كان الأمر صعباً: فيلم في القاهرة من دون إمكانات وموازنة، وهو الأول لي وللكثير من العاملين فيه. أي أنني أُصنَّف ممّن لا يملكون خبرة، ومن المعرَّضين لارتكاب الأخطاء. لا يثق أحدٌ بك، وهذا يعني أنّك لن تحصل على المال".


■ "آخر أيام المدينة"، السبت 18 آذار، الساعة الثامنة مساءً، صالة "مونتين" (المركز الثقافي الفرنسي).

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم