الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ضرائب موازنة 2017 على العقارات زادت جمود القطاع... فهل تنخفض الأسعار؟

سلوى بعلبكي
سلوى بعلبكي
ضرائب موازنة 2017 على العقارات زادت جمود القطاع... فهل تنخفض الأسعار؟
ضرائب موازنة 2017 على العقارات زادت جمود القطاع... فهل تنخفض الأسعار؟
A+ A-

على الرغم من الايجابية السياسية التي شهدتها البلاد مع انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف الحكومة، إلاّ ان القطاع العقاري لم يحرك ساكناً لا بل زاد جموداً. كما أن جرعات الدعم التي ضخّها مصرف لبنان عبر دعمه للقروض السكنية والتعميم الرقم 427 المخصص للتجار المتعثرين، لم تنجح في انتشال القطاع من المأزق الواقع فيه منذ أعوام عدة لأسباب باتت معروفة. وجاء مشروع موازنة 2017 ليزيد الطين بلّة خصوصاً وانه تضمّن ضرائب تطاول القطاع على نحو اعتبرها بعض المعنيين بمثابة الضربة القاضية.


على غير عادته، لم يكن الخبير العقاري رجا مكارم متفائلاً بنهوض القطاع العقاري من كبوته خصوصاً مع ما تضمنه مشروع موازنة 2017 من ضرائب جديدة. إذ لطالما كان يعتبر أن مرحلة الجمود المسيطرة لا بد من أن تزول مع بروز بوادر ايجابية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، ولكن الضرائب الجديدة غيّرت نظرته المتفائلة الى متشائمة الى حد القول أن "وقعها سيكون كارثياً على القطاع"، مستغرباً أن يعمد المسؤولون الى فرض ضرائب عشوائية على قطاع يعاني من أزمات ويرزح تحت ركود قاتل "انهم يرتكبون جريمة بشعة في حق هذا القطاع، وإذا لم يسارع أصحاب القرار في مجلس النواب الى تصحيح الوضع فإن الانهيار قادم لا محالة". ولاحظ أن المستثمرين الصغار يعمدون الى بيع عقاراتهم خوفاً من الضرائب الجديدة التي ستفرض على الشقق الفارغة.
وفي الانتظار، يعاني القطاع من جمود لن يحركه وفق ما يقول مكارم، الا الاتفاق على قانون للانتخاب الذي أصبح يوازي بأهميته لتحريك القطاعات الاقتصادية انتخاب الرئيس وتأليف الحكومة. ولكن هل ترجم الجمود انخفاضاً للاسعار؟، يؤكد مكارم أن الانخفاض يصل الى أكثر من 30% خصوصاً عندما يكون المطوّر مضطراً الى البيع في ظل الجمود الحاصل. وتبعاً لذلك، ينصح مكارم باقتناص الفرص للشراء. ولكنه في المقابل لا ينصح بالبيع لأن الوضع لن يبقى على حاله مستقبلاً وسترتفع الاسعار حتماً عندما تتحسن الظروف.
على الرغم من الظروف التي يمر بها القطاع العقاري، إلا ان تنفيذ المشاريع لم يتوقف. ولكن هذه الفترة تشهد جموداً ملحوظاً للمشاريع إذا لم نقل غياباً تاماً. وهذا الامر يرده مكارم الى استمرار ارتفاع أسعار الاراضي في مقابل انخفاض اسعار الشقق، إذ أن المطوّر لا يناسبه أن ينفذ مشاريع على عقارات أسعارها مرتفعة ويبيع الشقق بالأسعار الرائجة في السوق، لذا يعتبر أن "اسعار الاراضي يجب أن تنخفض بما نسبته بين 10 و15% لكي يتم تشجيع المطوّر على تنفيذ مشاريعه، وفي الموازاة ينبغي على المطوّر أن يخفف من ارباحه بالنسب عينها لكي يتم تحريك السوق".


جمود قاتل
فيما يسيطر الجمود على القطاع العقاري في لبنان منذ أعوام عدة نتيجة أسباب أصبحت معروفة، يتخوّف المعنيون في القطاع من احتضاره نظراً الى المشكلات التي يعاني منها. فالقطاع، وفق ما يؤكد رئيس نقابة مقاولي الاشغال العامة والبناء مارون الحلو جامد، خصوصاً ان تطوّره مرتبط بالعرض والطلب، في حين لم يكن هناك طلب في الفترة الاخيرة.
كما أن القطاع العقاري مرتبط بالاستثمار أو بالتجارة، فبرأي الحلو فإن التاجر "عندما يشعر أن العقار سيرتفع فإنه يعمد الى شراء العقار. وكذلك الامر بالنسبة الى المستثمر الذي يوظف أمواله في العقارات بغية الربح. ولكن اذا لم يكن ثمة طلب من دون استقرار في البلاد، فإن المستثمر يفضّل أن لا يستثمر أمواله في قطاع تطوير العقار".
ويشير الحلو الى ان المرحلة هي مرحلة الجمود القاتل، إذ "لا تداول في العقارات، وهذا يعود الى الوضع العام في البلاد. فرغم تأليف حكومة وعلى رغم انتخاب رئيس للجمهورية إلا أن السوق لم تواكب هذه الايجابيات لأسباب عدة، أولها أنه لا وجود لتفاهم بين القوى السياسية على أمور اساسية كقانون الانتخاب والموازنة والضرائب. وكذلك يرتبط الجمود، وفق الحلو، بالوضع في دول الجوار التي تشهد أزمات وحروباً على نحو يؤثر على مزاج المستثمرين. وثمة أمر أساسي يتعلق بالهندسة المالية التي أجراها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إذ عندما يحصل المستثمر على فوائد تصل نسبتها الى 25% لقاء توظيف أمواله في سندات الخزينة، فإنه سيعدل بالتأكيد عن الاستثمارات الاخرى". وهذا الامر يعني برأيه أن "الهندسة المالية أثرت سلباً على الاستثمارات ومن بينها الاستثمارات العقارية. يضاف الى ذلك التخمة التي يشهدها القطاع العقاري، إذ ثمة عدد كبير من الشقق السكنية لا تباع"، متوقعاً أن لا يتحرك القطاع قبل أن يزيد الطلب ليصبح أكثر من العرض.
وعلى عكس بقية القطاعات الاقتصادية، لا يعتبر الحلو الضرائب الملحوظة في موازنة 2017 مجحفة في حق القطاع العقاري، خصوصاً أنها ستدخل الى الخزينة مباشرة. ويدعم رأيه في أن "الكثير من التجار جنوا ارباحاً طائلة من العقارات وهناك الكثير من الثروات تكدّست من الاستثمار العقاري، لذا فإن الضريبة على الأرباح العقارية تعتبر مقبولة مقارنة بأرباح التجار والمستثمرين، شرط أن تكون مدروسة لا أن تشارك الدولة هؤلاء أرباحهم".
ولكن ما الايرادات المتوقعة التي يمكن أن تحققها الضرائب على القطاع العقاري؟ يشير الخبير الاقتصادي غازي وزني الى ان ادراج ضريبة جديدة بمعدل 15% على الارباح العقارية تؤمن ايرادات بـ 150 مليار ليرة، إذ أن فرض رسم على انتاج الاسمنت سيوفر ايرادات تقدر بـ 50 مليار ليرة، كما أن فرض نسبة 1.5% من القيمة التخمينية لمساحات رخص البناء يوفر نحو 150 ملياراً، اضافة الى ما يوفره فرض رسم على استخراج البحص والرمل، والتعديلات التي طرأت على قانون ضريبة الاملاك المبنية في ما يتعلق بالشغور.
هذه الاجراءات تؤدي وفق ما يقول وزني الى زيادة الجمود في القطاع التي تراجعت حركته في الاعوام الاخيرة نتيجة تراجع الطلب وزيادة العرض، اذ انها تزيد من كلفة البناء وفي الوقت عينه لا تشجع على الاستثمار نتيجة التعديلات التي طاولت قوانين ضريبة الاملاك المبنية.
إذاً، جاءت هذه الضرائب وفق ما يقول وزني في التوقيت الخاطئ، في وقت يرزح فيه القطاع تحت وطأة الجمود وتراجع اهتمامات المستثمرين الاجانب والمغتربين اللبنانيين. وتأتي في ضوء تراجع مداخيل الدول النفطية وفي ظل آفاق سياسية وأمنية ملبّدة. إذ كان على الحكومة، وفق وزني، أن تفرض هذه الضرائب ما بين عامي 2007 و2012، أما الآن فعليها اعادة النظر فيها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم