السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

التاريخ أعطى بكركي "مجد لبنان" لأنّها كانت دوماً مع سيادته واستقلاله

اميل خوري
A+ A-

ليست المرة الأولى يرفع سيد بكركي صوته دفاعاً عن سيادة لبنان وحريته واستقلاله كي يستغرب بعض مَن يجهلون تاريخها ذلك وهو ما جعله يعطي بكركي مجد لبنان.


لقد قاد البطريرك الياس الحويك الدعوة الى "لبنان الكبير" على رغم اعتراض بعض الزعماء المسيحيين الذين قالوا إن القرار المسيحي يصبح صغيراً في لبنان الكبير. وأيد البطريرك عريضة الدعوة الى استقلال لبنان وانهاء الانتداب الفرنسي عليه. وقاد البطريرك الكاردينال صفير إخراج القوات السورية من لبنان تطبيقاً لاتفاق الطائف، ووجّه نداء شهيراً يدعو الى ذلك فالتفَّ حوله عدد من القادة في تجمّع عُرف بـ"لقاء قرنة شهوان"، ثم توسع في "لقاء البريستول" بانضمام عدد من القادة المسلمين، فكانت بداية الانتفاضة الشعبية التي عُرفت بـ"ثورة الأرز" التي استطاعت تحقيق انسحاب القوات السورية من كل لبنان. وعندما بدا لبكركي أن السلاح خارج الدولة حال ويحول دون قيامها تكرّرت دعوة مجالس المطارنة الموارنة الى التخلّي عن هذا السلاح أو وضعه في كنف الدولة أو بإمرتها ليبقى السلاح حصراً بها. لكن هذه الدعوات ظلّت صرخة في برية. فلا "اتفاق القاهرة" الذي وُصِف في حينه باتفاق "الاذعان" استطاع أن يحافظ على ما تبقّى من سيادة للسلطة اللبنانية على أرضها، فأدّى استمرار فلتان السلاح الفلسطيني الى حرب لبنانية – فلسطينية ثم الى حرب لبنانية – لبنانية دامت 15 سنة بعد تحوّلها حرب الآخرين على أرض لبنان، ولم تنتهِ تلك الحرب إلّا بتدخّل قوات سورية وبوصاية سورية خضع لها لبنان مدة 30 عاماً خلافاً لاتفاق الطائف.
ولم يستطع عهد الرئيس ميشال سليمان إقامة الدولة اللبنانية القوية التي لا دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها على رغم صدور قرارات دولية تدعو الى ذلك. كما لم يستطع اخضاع استخدام سلاح "حزب الله" لاستراتيجية دفاعية على رغم تعدّد المشاريع التي طرحت على طاولة الحوار الوطني، وكان آخرها مشروع الرئيس سليمان نفسه وتضمن أسئلة تحتاج إلى أجوبة وهي: متى وأين وكيف يستخدم هذا السلاح؟ لكن "حزب الله" الذي يعرف أن لسلاحه دوراً اقليمياً تحدّده إيران، لم يوافق على أي مشروع كي تظل له وحده الأمرة على سلاحه، بدليل أنه تدخّل في الحرب السورية من دون العودة الى مجلس الوزراء كما ينص الدستور، ومخالفاً سياسة "النأي بالنفس" التي قرّرتها الحكومة المشارك فيها ونالت ثقة مجلس النواب على أساسها.
وعندما بدأت معركة الانتخابات الرئاسيّة ارتأت بكركي أن يكون على رأس الدولة رئيس جمهورية قوي علّه يستطيع إقامة الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها، فلا تكون دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها، فاتجهت الأنظار نحو الأقطاب الموارنة الأربعة وهم: العماد ميشال عون، الرئيس أمين الجميل، الدكتور سمير جعجع، والنائب سليمان فرنجية. وبدا بعد طول انتظار أن "حزب الله" لا يريد رئيساً سوى العماد عون وإلّا ظل الشغور الرئاسي إلى أجل غير معروف، وعندها قد لا يبقى لبنان... فصار انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية حتى من قبل مَن لم يكونوا مؤيّدين له وذلك خوفاً من الفراغ القاتل، وأمل الناس في أن يكون انتخابه بوابة قيام الدولة اللبنانية القوية، وذلك بأن يبادر "حزب الله" ثقةً منه بالرئيس عون وهو حليفه الذي أصر على انتخابه من دون سواه، الى وضع سلاحه في كنف الدولة لثقته المطلقة به. ولكن إذ بـ"حزب الله" يعيد تأكيد تمسّكه بسلاحه ما دام الخطر الاسرائيلي على لبنان قائماً وما دامت الحرب في سوريا مستعرة ولم يتم التوصل الى حل لها. وهو ما جعل سيد بكركي البطريرك الكاردينال بشارة الراعي يخشى أن يبقى لبنان بلا دولة قوية حتى في زمن الرئيس الذي اعتُبر قوياً عندما راح يفتش عن أسباب تبرّر بقاء هذا السلاح خارج الدولة، ويبرّر تالياً بقاء كل سلاح خارجها ولا سيما سلاح الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات وخارجها لتشكّل بؤر اضطراب وتعكير للأمن من حين إلى آخر.
فمتى يحين وقت قيام دولة قوية في لبنان، التي إنْ لم تقم في عهد الرئيس عون القوي ففي أي عهد تقوم؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم