الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مسلسل الفشل الناجح جداً !

راجح الخوري
A+ A-

ما الفرق بين مسلسل أستانا الذي لن ينجح في تثبيت وقف إطلاق النار في سوريا، حيث يمضي النظام مدعوماً من روسيا في ضرب مناطق المعارضة، ومسلسل جنيف الذي لم يتمكن من التقدم خطوة واحدة في الطريق المقفل لعملية الإنتقال السياسي، التي يرفضها النظام مدعوماً من روسيا وإيران؟
لا فرق اطلاقاً. أستانا مسلسل جديد للتعمية على المضي في ضرب المعارضين وقد باتوا منهكين، وجنيف مسلسل قديم لإسقاط المطالبة بتغيير النظام وقد نجح حتى الآن في فرض بقاء الرئيس بشار الأسد وربما القبول بمشاركته في أي إنتخابات جديدة قد ترسّخ شعار " الاسد رئيسنا الى الأبد"!
وهكذا لن يكون في وسع محادثات أستانا التي استؤنفت أمس ان تحقق شيئاً سوى الإيحاء بأن هناك وقفاً للنار يستدعي من المعارضين المضي على الطريق التي يرسمها ببراعة مدهشة سيرغي لافروف، مقاول تفليس المعارضين الناجح جداً، منذ نسف محتوى "جنيف ١" بإسقاط أي اشارة الى موقع الاسد من الإنتقال السياسي.
يوم الجمعة الماضي قال ستافان دو ميستورا إن مسألة الإنتقال السياسي لا تزال في صلب محادثات جنيف التي ستُستأنف في ٢٣ من الشهر الجاري، وأعرب عن أمله في أن تنجح محادثات أستانا في ترسيخ وقف النار، لكنه تجاوز الخط الأحمر عندما قال إنه "لا يمكن إجراء إنتخابات في سوريا في ظل النظام الحالي"، وهي الخلاصة التي توصل اليها سلفه الأخضر الإبرهيمي ودفع ثمنها تخويناً من النظام وحلفائه وسلف سلفه كوفي انان الذي لم ينج بدوره من التخوين!
لست ادري لماذا يواصل دو ميستورا المراهنة على مسلسل الفشل في جنيف، فإن كان قد اكتشف ان جنيف مجرد عملية تمويه تفاوضية سياسية على العمليات العسكرية، هدفها التعمية على إخضاع المعارضين وشق صفوفهم وتدميرهم فهذه مصيبة، وان لم يكن يعلم هذا بعد كل ما شاهد فالمصيبة أعظم.
على الأقل يجب ان يتذكر دو ميستورا كيف بدأ الإجتماع الأخير في جنيف، عندما حمل هو الى نصر الحريري رئيس وفد المعارضة، تهديداً من الأسد فيه انه "اذا فشلت المفاوضات سيفعل الأسد بإدلب ما فعله بحلب"، لكن إدلب بقيت تحت نار النظام قبل مؤتمر جنيف وبعده!
وعلى رغم ان الورقة التي قدمها في المؤتمر جاءت أشبه بترجمة روسية لنص القرار ٢٢٤٥ فرضها لافروف عليه بالتقسيط، عندما أدرجت نظرية التزامن بدلاً من التدرّج، بين تشكيل حكم موثوق به شامل وغير طائفي، ثم تحديد جدول زمني لصوغ دستور جديد، ثم تنظيم إنتخابات حرة ونزيهة تحت رقابة الأمم المتحدة تتوافق مع ما ينصّ عليه الدستور الجديد... على رغم كل هذا غرق المؤتمر تكراراً في الفشل، وهو مسلسل الفشل الناجح جداً من أستانا الى جنيف.


[email protected] - Twitter:@khouryrajeh

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم