الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

السلطان سليم و"أوروبا الفاشية"!

راجح الخوري
A+ A-

الهياج التركي ضد الدول الأوروبية سياسة متعمدة من رجب طيب إردوغان، الذي يريد تأجيج الشعور القومي عند مؤيّديه، ليحصد أكبر عدد من الأصوات في الإستفتاء الذي يجري يوم ١٦ نيسان المقبل، لإعطائه حكماً رئاسياً يجعله سلطان سليم عصره.


هذا ليس خافياً، لكن خطورته السياسية لا تقتصر على طبيعة النظام الإستبدادي الصاعد في تركيا، بل على طبيعة النظام اليميني المتطرف الذي يتسلل على حساب الديموقراطية في الحوض الأوروبي الذي طالما شكّل حاضنتها التاريخية.
بهذا المعنى قبل ان يحصد إردوغان في ١٦ من الشهر المقبل، مشاعرهياج الأتراك ضد الأوروبيين الذين يصفهم بأنهم "فلول النازية والفاشية والعنصرية"، سيحصد اليميني المتطرف غيرت فيلدرز زعيم "حزب الحرية" الهولندي، المزيد من الأصوات في الإنتخابات التي تجري غداً الأربعاء ما سيجعله في المرتبة الثانية، ثم سيأتي دور مارين لوبن في الإنتخابات الفرنسية في نيسان المقبل، ثم دور حزب "البديل من أجل المانيا" وزعيمته فراوكه بيتري التي تحاول منافسة الحزب المسيحي الديموقراطي وأنغيلا ميركل.
لقد سعى مارك روته رئيس الوزراء الهولندي الى التهدئة مع تركيا تماماً، كما فعلت ميركل قبل يومين، لكن الهياج التركي لم يتوقف، بعدما منعت هولندا طائرة وزير خارجية تركيا من الهبوط ورحّلت وزيرة الأسرة اللذين كانا يريدان المشاركة في تجمعات للجالية التركية دعماً لأردوغان، الذي لم يتوانَ عن إتّهام هولندا بالنازية والفاشية، ما دفع روته الى إعتبار هذه التصريحات "مجنونة وغير لائقة"!
مشاكل إردوغان لن تتوقف عند حدود إلمانيا وهولندا، ذلك ان النمسا وأسوج والدنمارك على خط المواجهة معه، فها هو رئيس وزراء الدانمارك لارس لوك راسموسن يقترح على نده التركي علي يلديريم إرجاء زيارته للدانمارك بسبب التصعيد مع هولندا.
السيئ في كل هذا ان العلاقات بين تركيا والأسرة الأوروبية تتهاوى بإستمرار منذ محاولة الإنقلاب التركية في 15 تموز الماضي وإنزلاق تركيا أكثر فأكثر نحو الحكم الإستبدادي، وخصوصاً بعدما شملت الإعتقالات أكثر من مئة ألف تركي، وزاد تعقيداً قبل إعتقال أنقرة مراسل صحيفة "دي فيلت" الإلمانية دنيز يوجيل بتهمة "الدعاية الإرهابية" وبأنه عميل و"يجب محاكمة المانيا".
واضح ان إردوغان يحاول معاملة الدول الأوروبية بطريقته الطاووسية المعروفة، وعلى رغم الإتفاق الذي أبرمه مع ميركل في شأن مشكلة العبور من تركيا الى أوروبا، ظل دائماً يهدد بإغراق أوروبا باللاجئين وهو ما فاقم الخلاف العميق مع جيرانه، والذي يتصل أصلاً بالشروط المطلوبة حيال ممارسة أنقرة ديموقراطية صحيحة تساعدها في الإنضمام الى الأسرة الأوروبية، لكن إردوغان لم يتردد يوماً في رفع أصبعه في عيون الأوروبيين قائلاً: "نحن أسياد أوروبا"... والآن نرى الإستبداد في تركيا يغذي التطرف في أوروبا!


[email protected] - Twitter:@khouryrajeh

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم