الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

بكّاؤون وشامتون... فقط!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
بكّاؤون وشامتون... فقط!
بكّاؤون وشامتون... فقط!
A+ A-

لا تكفي الذكرى الثانية عشرة لانتفاضة 14 آذار بذاتها لاطلاق الأحكام، صادقة كانت أم زائفة أم شامتة، على مآل تراجع التحالف الذي حمل اسمها الى حدود التفكفك. موضوعيا، بدأت عرى الوهن في التحالف قبل استفحال أزمة الفراغ الرئاسي بما رسم ملامح الضعف الداخلي في صفوفه مع انه أضاف الى وراثته تجربة "الجبهة اللبنانية" لجهة الخط السيادي ميزة التنوع الطائفي. ولكن الازمة الرئاسية كانت الضربة القاضية للتحالف الذي جعلته يتفكك ليس بفعل تفرق دف الاجندات الذاتية لقواه الرئيسية فحسب بل لان التحالف كلا لم يتمكن من الصمود أطول في صراع الوقت. لا يعترف اكثر افرقاء 14 آذار بحقيقة ان الصمود الطويل كان يمكن ان يشكل سلاحا أمضى وقعا في معركة اتخذت طابعا مصيريا. يحق لإثنين من المكونات الكبيرة للتحالف ان يبررا التخلي عن عامل استعمال الضغط بالوقت مثلما استعمله الخصوم بان تمادي الفراغ كان ليحدث أضرارا بنيوية أشد خطورة مما حصل. كما يحق لهما ان يعزوا اعادة ملء الشغور الرئاسي لكونهما شكلا الركيزة التي استولدت التسوية السياسية. ما يفترض اعادة التعمق فيه، للتاريخ فقط وليس من باب حنين وجداني، مراجعة هذه الناحية عبر سؤال حصري هل كانت قوى 14 آذار قادرة على الصمود اكثر في احداث التوازن لمنع تفككها اولا وتاليا فرض دفتر شروط متوازن في التسوية ؟ الجواب الموضوعي هو بالإيجاب لان معركة بمستوى الصراع على النظام لم تكن أشد قسوة أو خطورة من حقبات نشوء التحالف السيادي ومعاركه الضارية مع نظام الوصاية السوري الذي انهزم في لبنان بفعل الثورة اللبنانية عليه اولا وأخيرا. الحقيقة الصافعة هنا لا تتصل بظروف خارجية واكبت تفرق أجندات قوى 14 آذار وجعلتها تقفز الى مسار المساومات. التسويات تحتاج الى مساومات وتنازلات وهو أمر حتمي في نهاية المطاف. ولكن الإشكالية الكبيرة التي تعيد إثارتها الذكرى الـ12 لانتفاضة 14 آذار تتمثل في حقائق لا تزال طرية حيال تبريرات غير مقنعة اطلاقا بان موجبات الصراع السيادي قد انتفت لناس هذه الانتفاضة وجمهورها الواسع الذي يفتقد الآن بوصلته الا بالرجوع الى زمن المقاومة السياسية والفكرية التي استولدت نهجا سياديا عريضا لا حماية لكينونة لبنان والنظام من دونه. في تاريخ لبنان تجارب بارزة حيال تفكك تحالفات وبقاء جماهير وعقائد تدين لها بالبقاء. اليسار اللبناني لا يزال حتى اليوم بعد اكثر من اربعة عقود من اغتيال الزعيم كمال جنبلاط يحن بقوة الى "البرنامج المرحلي للقوى الوطنية والتقدمية" في زمن الصراع مع اليمين والجمهورية الاولى. بين تحالف 14 آذار و"شعب" الانتفاضة بات الوجدان وحده فاصلا وجامعا، وزمن 14 آذار الأصلي لم يسقط كما يحلو للبكائين كما للشامتين ان يظنوا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم