الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الحرص على واقع اليونيفيل في الجنوب في خلفيات احتواء الاتجاهات التصعيدية

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

لا يخفي مراقبون سياسيون ان صدور تقرير الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس عن القرار 1701 الذي نشرت " النهار" مضمونه امس كان موضع متابعة خصوصا لجهة رصد الموقف الدولي مما اعلنه الرئيس العماد ميشال عون حول اشادته بسلاح " حزب الله" واعتباره مكملا لعمل الجيش استنادا على الاقل الى تغريدة لممثلة الامين العام للمنظمة الدولية السيدة سيغريد كاغ ذكرت فيها بمضمون القرار 1701 ووجوب احترامه ثم التوضيح الذي قدمه الرئيس عون لموقفه في مجلس الوزراء عشية صدور التقرير. في شكل عام لا يخرج التقرير عن مضامين كل التقارير السابقة خصوصا انه اتى متناغما وفقا لهؤلاء المراقبين مع موقف المنظمة الدولية الذي عبر عن قلق المنظمة الدولية وتاليا المجتمع الدولي على الاستقرار اللبناني والحرص عليه . لكن هذا لا ينفي ملاحظة العبارات التي تضمنها التقرير لجهة " تنديد" الامين العام بالتهديد الذي اطلقه الامين العام لـ" حزب الله" السيد حسن نصرالله والذي "لا يمكن تبريره بغاية الردع المعلنة" كما قال في مقابل امرين : تشجيع رئيس الجمهورية على المبادرة في اتجاه استعادة الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية والاعراب عن" القلق" من الانتهاكات الاسرائيلية شبه اليومية للاجواء اللبنانية. ما كان المراقبون في انتظاره هو المراجعة الاستراتيجية التي كان سيقدمها غوتيريس في شباط الماضي وارجئت الى توقيتها مع صدور التقرير الدوري عن القرار 1701 عن عمل القوة الدولية في الجنوب وفقا للقرار 2305 الصادر في اب 2016 والذي مدد بموجبه للقوة عاما اضافيا. وعامل الانتظار يكمن في تقويم عمل اليونيفيل ومدى التقدم الذي تحقق بعد عشر سنوات على صدور القرار 1701 والتقدم البطيء ان لم يكن المحدود على طريق وقف دائم للنار في الجنوب انما في ظل هاجس سرى بعضه في الاوساط السياسية والاعلامية من دون ان يجد صدى كبيرا في الواقع. اذ ان هذا الهاجس ارتقى الى درجة الشائعات وفق مصادر ديبلوماسية رفضت كليا الكلام على ان المراجعة الاستراتيجية ستحمل اعادة نظر في عمل اليونيفيل او دور هذه القوة في الجنوب. عادت من هذا الباب رغبة بعض الدول الاوروبية في تقليص مشاركتها في عمل القوة وتحويلها الى مشاركة رمزية بناء على اكلاف مالية باهظة لم يعد بعض الدول يتحملها. الا ان ما غذى الشائعات هو زيارة وفد الى بيروت اخيرا استطلع اهمية بقاء القوة الدولية وضرورتها القصوى والتحديات المحتملة. يقول مطلعون ان رد الفعل الذي سارعت الى ابدائه السيدة كاغ حيال موقف رئيس الجمهورية من دفاعه عن سلاح الحزب كان من باب المخاوف لديها ان يؤثر على المواقف الدولية في شان القوة الدولية. اذ ليس خافيا ان هناك ضغوطا تمارسها الولايات المتحدة من اجل تقليص اكلاف اعمال القوات الدولية المنتشرة في انحاء عدة من العالم. ومندوبة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة نيكي هايلي كانت واضحة مع تسلم مهماتها باعلان عزمها على ان تضع نصب عينيها خفض تكاليف قوات السلام وهي عقدت اجتماعات مطلع شهر شباط الماضي مع رؤساء بعثات ديبلوماسية عدة بهدف الاطلاع على المناطق التي يمكن خفض اكلاف القوة الدولية الموجودة فيها. فمساهمة الولايات المتحدة في قوات السلام التابعة للامم المتحدة توازي نسبة 29 في المئة من موازنة السنة الحالية على رغم عدم مشاركتها العملية باي من هذه القوات ربما باستثناء بضعة عناصر. وهايلي اعلنت في اثناء جلسة الاستماع اليها امام الكونغرس خفض المساهمة الاميركية الى اقل من 25 في المئة. وهناك سحب للقوة الدولية في ساحل العاج في حزيران المقبل والقوة الدولية في ليبيريا مدد لها حتى اذار 2018 على ان تكون السنة الاخيرة.


لذلك كان ثمة قلق يساور بعض السلطة في لبنان ازاء هذه المسألة اولا في ضوء توجهات الادارة الاميركية الجديدة في هذا الاتجاه ومن ثم انطلاقا من الثقة والارتياح لما تقوم به القوة الدولية العاملة في الجنوب والتي تحمي ليس الاستقرار في لبنان فحسب بل ايضا الاستقرار في المنطقة وعدم الرغبة حتى في خفض عديدها في حال كان واردا باعتبار ان من الصعوبة جدا الاعتقاد بالقدرة على الاستغناء عنها علما انها موجودة في جنوب لبنان من العام 1978. وهذا لا يتصل بالتصعيد الاخير في المواقف استنادا الى عدم اعتقاد المراقبين الديبلوماسيين المعنيين ان الامر قد يتجه الى مواجهة عسكرية على رغم كل الكلام في هذا الاطار لاعتبارات كثيرة لكن ابرزها ان احدا لا يستطيع تحمل الكلفة الباهظة للذهاب الى حرب سواء ما يتعلق بالكلام على مواجهة اميركية ايرانية او اسرائيلية مع ايران و"حزب الله" في لبنان . فهناك مقدار كبير من الحرص على الاستقرار في لبنان وجنوبه ايضا وعدم رغبة في المس بقدرة القوة الدولية على الاضطلاع بمهماتها علما ان عدد عناصر القوة الدولية زاد في شكل كبير بعد حرب 2006 بموجب القرار 1701 وتراجع عددها بعض الشيء لكن من دون تغييرات كبيرة. لكن هناك حرصا كبيرا على عدم تاثير المواقف ، اي مواقف في هذا الاتجاه، في ظل الرهان على الهدوء الذي توفره اليونيفيل في جنوب لبنان وفق ما عبر عنه غوتيريس في تقريره مشيدا بعمل الآلية الثلاثية في الجنوب . ومن هنا الرهان الكبير على ضرورة التمسك بالقرار 1701 من اجل عدم فتح ابواب مغلقة في الوقت الذي غدت امور كثيرة على المحك.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم