الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لن "ينغشّ" ترامب بالازدواجيّة الباكستانيّة

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

يتصاعد الضغط على إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب لاتخاذ موقف صارم وحازم من دعم باكستان المقاتلين الإسلاميّين سواء على أرضها أو في أفغانستان. ويأتي الضغط من مجموعة أصوات تشمل الجيش الأميركي وأعضاء من الكونغرس ينتمون إلى الحزبيْن الجمهوري والديموقراطي، ومجموعة من مراكز الأبحاث النافذة في العاصمة واشنطن. والضغوط العسكريّة التي مارستها في الأشهر القليلة الماضية القوات الباكستانيّة لم تخفّف الضغوط المذكورة أعلاه إذ أن أصحابها مقتنعون بأن الحكومة في إسلام أباد لا "تحارب" المقاتلين الإسلاميّين من قلبها كما يُقال. ومن الأدلّة على ذلك إحباط الصين وبطلب من باكستان إدراج مجلس الأمن منظّمات إسلاميّة باكستانيّة متشدّدة جدّاً على لوائح الإرهاب الشامل العالم كلّه. ومن الأدلّة على الأمر نفسه أيضاً معلومات ذات صدقيّة تؤكّد أن عدداً من قادة المنظّمات المُشار إليها قد تلقّوا "إنذارات رسميّة" بأن القوّات المسلّحة الرسميّة ستنفّذ عمليّات عسكريّة ضدّها.
إلّا أن المسؤولين الباكستانيّين يأملون في قيام وزير الدفاع في إدارة ترامب جيمس ماتيس الذي تعاطى مدّة طويلة مع إسلام أباد في أثناء خدمته العسكريّة بدور مخفّف الصدمات بين بلادهم وواشنطن. ودافعهم إلى الأمل اقتناعهم بأنّه يعرف مشكلاتهم ويؤمن بضرورة إعادة بناء الثقة بين الدولتين. وقد عبّر جزئيّاً عن ذلك في أثناء جلسة الاستماع إليه قبل تثبيته وزيراً بقوله لأعضاء اللجنة "أن على أميركا أن تبقى منخرطة في باكستان". كما أن الإعلام الباكستاني نقل أن ماتيس عبّر عن دعمه لدور الجيش الباكستاني في محاربة "الإرهاب" في مكالمة هاتفيّة استمرّت 20 دقيقة قبل مدّة قصيرة بينه وبين قائده الجديد الجنرال قمر جافاد بجوا.
هل الآمال الباكستانيّة مبنيّة على ثوابت وحقائق أم على أحلام أو أوهام؟
ما شهدته لجنة القوّات المسلّحة في الكونغرس من شهادات لمسؤولين مدنيّين وعسكريّين أظهر دعماً قويّاً لمقاربة أكثر صراحة وحزماً مع باكستان. فالجنرال جون نيكولسون قائد القوات الأميركيّة في أفغانستان أشار إلى أن 20 من أصل 98 منظّمة إسلاميّة متطرّفة وإرهابيّة وفقاً لتصنيف أميركا "تعمل في أفغانستان وباكستان. وهي تشكّل أكبر حشد للمنظّمات المشار إليها في العالم". وطالب بمراجعة علاقات بلاده بباكستان معتبراً أن حركة "الطالبان" و"شبكة حقّاني" لا تمتلكان حافزاً للمصالحة ما دامتا تتمتّعان بملاذ آمن فيها. ومن شأن الملاذ والدعم الباكستاني زيادة كلفة أميركا من حيث المال والوقت والعسكريّين الذي يُقتلون أو يُجرحون. ومن شأنه أيضاً تعزيز المبادرة الاستراتيجيّة للعدو وتمكينه من تحديد مسرح المواجهة وسرعة وتيرتها". وتحدّث عن هذا الأمر لاحقاً أعضاء من اللجنة الكونغرسيّة نفسها بينهم السيناتور جون ماكين الذي قال: "النجاح في أفغانستان يحتاج إلى تقويم صريح لعلاقاتنا مع باكستان. ذلك أن الحقيقة تشير إلى أن مجموعات إرهابيّة كثيرة لا تزال ناشطة في هذه الدولة، وتهاجم جيرانها وتقتل قوّات أميركيّة. ومهمّتنا في أفغانستان أصبحت أكثر صعوبة وبما لا يقاس، وربما مستحيلة. بينما يتمتّع أعداؤنا بملاذات آمنة في باكستان". ثم قال زميله جاك ريد: "يجب أن ينتهي دعم باكستان للمجموعات المتطرفّة العاملة في أفغانستان إذا أردنا أن نحقّق بعض الانجازات في مجال الأمن". إلى هؤلاء تحدّث خبراء منهم سفير باكستاني سابقاً في واشنطن حسين حقّاني، ومستشار لرؤساء جمهوريّة بعد خدمته في الـ"سي. آي إي" بروس ريدل وباحثون في "هيريتاج فاونديشن" و"هادسون إنستتيوت" و"ميدل إيست إنستتيوت" و"نيو أميركا فاونديشين" و"جامعة جورجتاون"، فقالوا في تقرير لهم: "على أميركا أن تتوقّف عن مطاردة السراب الذي هو تغيير استراتيجيا باكستان من خلال إعطائها مزيداً من المساعدات أو المعدّات العسكريّة. يجب الاعتراف بأن تغييرها سياساتها الحاليّة بالاغراءات غير محتمل. ويجب أن تعترف أميركا أيضاً بأن جهودها لتقوية باكستان عسكريّاً خلال عقود عدّة شجّعت العناصر الباكستانيّة التي تأمل في انتزاع كشمير من الهند بالقوّة يوماً ما. وعلى إدارة ترامب أن تكون مستعدّة لاتخاذ إجراءات حازمة تجاه إسلام أباد قد ينطوي بعضها على "مخاطرات" وذلك لإثارة ردود فعل باكستانيّة مختلفة". ثم اقترح هؤلاء "أن تنتظر إدارة ترامب سنة كي تغيّر باكستان سياساتها ولكن مع تسميتها رسميّاً دولة راعية للارهاب".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم