السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

نظام الانتماءين والمجلسَين هو الحلّ

شوقي الفخري، عضو مؤسس في المركز المدني للمبادرة الوطنية
نظام الانتماءين والمجلسَين هو الحلّ
نظام الانتماءين والمجلسَين هو الحلّ
A+ A-

أكثري؟ نسبي؟ مختلط؟ قانون الستين؟ قانون ما قبل الستين؟ قانون دستوري؟ قانون عصري؟ قانون أرثوذكسي...؟ أكثر من ثمانية أعوام ونحن ندور في الحلقة المفرغة ذاتها. ولو قُيّض لمن يمسكون اللعبة من "القيادات الطائفية" الاستمرار في هذه المهزلة – المأساة، لبقوا ثمانين سنة وهم يدورون في الحلقة نفسها!


لكن ارتفاع نسبة الوعي، مرفقاً بالحراك المدني، وبقدرة اللبنانيين على إجراء انتخابات بلدية مميزة، ذلك كلّه كشف القناع الأخير عن هذه القيادات، وحشرها في الزاوية، فلجأت الى سلاحها الأمضى والأقوى: رفع سقف الاستغلال الطائفي، سلاح "التخويف من نيات الآخر"، ليصبح "الزعيم" المخوّف هو الأقوى في الدفاع عن "مصالح المذهب". فاستشرت القيادات في صراعها الظاهري على القانون الانتخابي، لكن الهدف المضمر والحقيقي هو واحد: إظهار "الزعماء" كـ"منقذين" لمذاهبهم في العملية الانتخابية، كيفما جرت الانتخابات.
انها العملية ذاتها المعتمدة مذ بدأ اللبنانيون يمارسون الديموقراطية: يُظهر الزعيم الطائفي نفسه بأنه "البطل المنقذ" لطائفته المهدّدة وجوديًا من الآخرين، لينتقل بعد نجاحه في الهيمنة داخل طائفته، إلى استخدام الطائفة معتمدًا وسائل أخرى، من أجل اغتصاب مراكز الدولة وأموالها، عبر الأزلام، المال، السلاح، القوة...
انهم أبالسة شياطين يمارسون شتى أنواع الأسلحة لفرض مصالح طوائفهم على حساب مصلحة الوطن، ومن ثم فرض مصالحهم الشخصية ضمن الطائفة على الآخرين من الطائفة ذاتها. أما النقاش في قانون الانتخاب، وممارسته، فمادة دسمة تساعدهم في تنفيذ خطتهم الشيطانية هذه.
في هذه المعمعة، يتناسى الجميع الشخص الذي سينتخب. هل هو انسان طبيعي؟ هل هو مواطن صالح يعرف ماذا يريد؟ أم هو ينوء تحت أوجاع كثيرة تجعل التفكير "ترفًا" لا يستطيع تحمّله؟ وفي النهاية، أي بعد عملية الانتخاب، يلقون عليه مسؤولية الفشل والنجاح، تيمّناً بالمثل الشهير: "كما تكونون يولى عليكم".
الخطوة الأولى لمحاربة هؤلاء الأبالسة هي اجبارهم على إقرار قانون انتخاب يفصل بين الصفتين، "المواطنية" و"الطائفية".
اللبناني، أيها اللبنانيون، هو شخص مزدوج الانتماء، كما شعوب هذا الشرق المعذب والسائر الى التفتيت. فهو ينتمي الى طائفة وينتمي الى وطن.
هذه الحقيقة معروفة من الجميع، ومسلّم بها.
فالدستور يعرف هذه الحقيقة، ويعترف بها، وهو الذي أطلق مشروع الحل الدائم بإنشاء مجلسين: مجلس شيوخ طائفي ومجلس نواب خارج القيد الطائفي (ماة 22).
انما راعى دستورنا هؤلاء الأبالسة بوضعه "الحل المؤقت" معتبراً ان اللبناني ذو انتماء واحد: انما ينتخب فحسب نوابًا طائفيين برعوا في استعمال السلاح الطائفي، بجعله في لحظة الانتخاب "طائفياً" فقط، دون صفته كـ"مواطن".
على من يحب لبنان، أن ينطلق في معركته ضد هؤلاء، لان الغاية هي استرجاع الوطن وانقاذه من الانهيار. يتمظهر هذا الولاء للبنان، بالتوحد حول مشروع قانون انتخابي يعترف بازدواجية الانتماء، فيحيد "الانتماء الطائفي" ولا يلغيه لدى المواطن، لينقذ "الانتماء المواطني" في لحظة الانتخاب.
لم يعد مقبولًا ايها اللبنانيون، الى أي مجموعة انتميتم، ابقاء صفة "الحل المؤقت"، فهذا "الحل" سينهي لبنان الذي لن يصبح "دولة" بل سيبقى "مشروع دولة" إلى ان ينهار.
المطلوب الاتفاق على قانون انتخاب يعترف بالانتماءين ويفرضه على الجميع، بما عندنا من قوة ضغط وناس وتحرك شعبي واسع.
هذا الاتفاق يؤدي الى اخراج لبنان من دائرة الخطر، ويؤسس لجعله "دولة مدنية" فعلًا، تطبيقًا لدستوره ولمقدمته، ليصبح بذلك البلد الديموقراطي التعددي، "لبنان الرسالة"، نموذجًا للعالم!
إنهم الآن في لحظة التشرذم، فلنغتنم هذه اللحظة.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم