الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

"يبكي ويضحك"!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
"يبكي ويضحك"!
"يبكي ويضحك"!
A+ A-

لا تعني الضجة المصاحبة لصدور التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية، ترحيبا أو تحفظا، من جانب القوى السياسية أي مغزى جدي لأن مقياس التعيينات يظل رهنا بإختبار مراس المعينين وكفاءاتهم ومدى التغيير الذي يحدثونه في مواقع المسؤوليات. ولذا يبدو مثيرا للسخرية ان يتشكل إجماع سياسي يمرر التعيينات ومن ثم تقوم تحفظات أو اعتراضات على آلية التعيينات لكونها طبخت بين "الكبار" ثم أسقطت على الآخرين. والحال ان النقاش في مجلس الوزراء كان يفترض ان يتعمق أكثر ليطاول الأسماء وشكليات التعيينات التي سبقتها مراسم توديع القادة السابقين قبل اصدار التعيينات بما وضع مجلس الوزراء في صورة مختزلة تماما. فإذا كانت الاختيارات قد تمكنت فعلا من تعيين قادة ومسؤولين لا اعتراضات عليهم سيكون ذلك أمرا باهرا ولو جاءت التعيينات بصيغة الحصص التقليدية مع حصة "طابشة" للعهد. ولكن هل الامر وقف عند ناحية إختزال معظم الوزراء وجعل دورهم يقتصر على "البصم" على توافق الكبار؟ ما نخشاه ان تكون التعيينات فصلا إضافيا من فصول مسار مساكنة سياسية تفتقر بشدة الى استراتيجية الحد الادنى من المعايير والضوابط والتنسيق حيال تمرير المرحلة الانتقالية الفاصلة عن الانتخابات النيابية الهائمة في مهب ازمة مفتوحة. يكفي لترسيخ هذه المخاوف ان تبرز تباعا ملامح " مشاريع " سلطوية مختلفة داخل السلطة والحكم والحكومة على غرار ما حصل مرات متعاقبة في فترة قصيرة قياسية منذ ولادة التسوية الرئاسية والحكومية. ألم يتكرر مشهد جلسات لمجلس الوزراء يستعاد فيها اطلاق مواقف "تصويبية" من قضايا محورية خلافية مثل العلاقات اللبنانية مع المحيط العربي والخليجي عقب هزات حادة، أو في مسألة التزام القرار 1701 وسلاح المقاومة؟ ماذا يعني ذلك غير ارباك واضح لا يزال يجرجر ذيوله منذ ولادة التسوية السياسية بحيث تعذرت ترجمة موجبات هذه التسوية في مواجهة الاستحقاقات المتعاقبة بخطاب يوازي ويتطابق تماما مع البيان الوزاري للحكومة ؟ لعل الأخطر ان تبرز في هذه الموجات تبدلات طرأت على الظروف التي واكبت التسوية فاندفعت أجندات متنافرة باتت تشكل اختبارا قاسيا لصمود التسوية وإلا سنكون أمام تطبيع مع سلطة تبرر إنقساماتها بالواقع الانتقالي الذي تعيشه فيما هي واقعيا السلطة التأسيسية لعهد طالع. فماذا لو أملى المأزق الانتخابي تمديد عمر الحكومة الحالية الى أمد غير محدد ؟ وكيف يمكن التوفيق بين منطقين متناقضين أحدهما يصور الحكومة بأنها رأس كاسحة الجليد امام التغيير الموعود مع العهد الجديد فيما المنطق الآخر يقلل أهميتها باعتبارها ليست حكومة العهد الاولى الفعلية ؟ واذا كانت الإشكالية الاساسية تنطلق من هذا الانفصام الشديد فلا غرابة إذن ان نعتاد أهازيج إنجازات مشوبة بامتعاضات معتملة ومكتومة... على هدى شعر الاخطل الصغير "يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا"!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم