السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

رئيس الجمهوريّة تغيّر والحكومة تغيّرت فهل يتغيّر نواب إذا لم يتغيّر القانون؟

اميل خوري
A+ A-

ماذا تغيّر في لبنان حتى الآن؟! لقد تغيّر رئيس الجمهورية وتغيّرت الحكومة، وقد يتغيّر بعض الوجوه في مجلس النواب إذا تغيّر القانون وأجريت الانتخابات. أمّا الاصلاح فلم يبدأ بعد لكي يتحقّق ما يطالب به الناس منذ سنوات. وهذا الإصلاح لكي يكون حقيقياً وذا جدوى ينبغي أن يبدأ بتطبيق اللامركزية كونها النظام الأصلح لإدارة البلاد، خصوصاً بعدما أثبت النظام المركزي فشله في ايجاد الحلول للمشاكل الحياتية التي يعاني منها الناس في مختلف المجالات والخدمات وعلى الأخص الكهرباء والمياه والنفايات، لا لعجز أو تقصير فحسب، إنّما لخلاف على الصفقات التي تحقّق لهذا أو ذاك الاثراء غير المشروع. فليس إذاً سوى اللامركزية التي تجعل من انتخب القيمين عليها يعرف كيف يحاسب كل مُرتكب ومُختلس في صندوق الاقتراع، وليس بمهزلة تقديم التصاريح عن الأموال المنقولة وغير المنقولة لكل مسؤول، ولا حتى بتطبيق قانون الإثراء غير المشروع الذي لم يطبّق على أحد منذ صدوره.


لذلك، فإن بداية الاصلاح تكون بمباشرة تطبيق اللامركزية الادارية في أسرع وقت ممكن وذلك باقرار المشروع الموجود لدى مجلس النواب بعد تعديله إذا لزم الأمر. فليس سوى اللامركزية ما يُنهي الصراع على السلطة المركزية، وهو صراع سياسي ومذهبي، ويجعله محصوراً في منطقة السلطة اللامركزية ليكون الناس هم المسؤولون عن انتخاب السلطة فيها وعن محاسبتها إذا قصَّرت أو ارتكبت أخطاء تستحق المساءلة، أو عقدت صفقات لتحقيق كسب غير مشروع. واللامركزية تنهي أيضاً الكلام على التقسيم الذي يروّج له أحياناً، خصوصاً بفعل ما يجري في المنطقة، كما يُنهي الكلام على الفيديرالية بدعوى تعذّر استمرار العيش المشترك.
لقد نص اتفاق الطائف في باب الاصلاحات على اللامركزية الإدارية وحدّد أسسها كالآتي:
1- الدولة اللبنانية دولة واحدة موحّدة ذات سلطة مركزية قوية.
2- توسيع صلاحيات المحافظين والقائمقامين وتمثيل جميع ادارات الدولة في المناطق الادارية على أعلى مستوى ممكن تسهيلاً لخدمة المواطنين وتلبية لحاجاتهم محلياً.
3- إعادة النظر في التقسيم الاداري بما يؤمن الانصهار الوطني ويضمن الحفاظ على العيش المشترك ووحدة الأرض والشعب والمؤسسات.
4- اعتماد اللامركزية الادارية الموسّعة على مستوى الوحدات الإدارية الصغرى (القضاء وما دون) عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرأسه القائمقام تأميناً للمشاركة المحلية.
5- اعتماد خطة انمائية موحّدة شاملة للبلاد، قادرة على تطوير المناطق اللبنانية وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً، وتعزيز موارد البلديات والبلديات الموحدة والاتحادات البلدية بالامكانات المالية اللازمة.
فمنذ إقرار اتفاق الطائف لم تتحرّك أي حكومة لوضع هذا البند الاصلاحي فيه موضع التنفيذ إلّا بتاريخ 7/11/2012 عندما صدر قانون يحمل الرقم 166 وتشكلت بموجبه لجنة لإعداد مشروع قانون لتطبيق اللامركزية الادارية برئاسة وزير الداخلية والبلديات في حينه زياد بارود وعشرة أعضاء. وقد استعانت اللجنة بخبراء في مسائل مختلفة حيث دعت الحاجة. وعقدت اللجنة 47 جلسة عمل في القصر الجمهوري أنجزت خلالها مشروع قانون اللامركزية الادارية، اضافة الى التقرير الذي فسّر مشروع القانون والأسباب الموجبة وشرح الخيارات التي اعتمدتها اللجنة. وقد أخذ المشروع بالاجماع اللبناني حول اللامركزية الموسّعة انطلاقاً من اتفاق الطائف. وإذا كان المشروع أعطى فعلاً أوسع الصلاحيات للمناطق، إلّا أنه أبقاها ضمن الدولة الواحدة الموحّدة بعيداً من أي منحى تقسيمي. واعتمد المشروع اللامركزية فعلاً لا قولا باستحداث مجالس منتخبة أعطاها ليس فقط الاستقلالين الاداري والمالي، انما التمويل والواردات اللازمة أيضاً، وحصر الرقابة الى أقصى حد وجعلها لاحقة لا مسبقة، وأبقى من جهة أخرى على البلديات كوحدات لامركزية أساسيّة لا يمسّ بصلاحياتها أو بأموالها، واعتمد القضاء كمساحة لامركزية، واستحدث صندوقاً لامركزياً يحل محل الصندوق البلدي المستقل، ويجعل أعضاء مجلسه منتخبين، على أن يعمل وفقاً لقواعد منهجية ولمعايير توزيع تعتمد مؤشّرات موضوعية تراعي ضرورة الانماء المتوازن وتحفيز النمو المحلي. وقد أحيل مشروع اللامركزية هذا على مجلس النواب بعدما أقرّته الحكومة بصيغته النهائية قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان، وصار مطلوباً من المجلس مناقشته واقراره لأنه المشروع الذي يساعد على مكافحة الفساد وعلى تمكّن الناخب من محاسبة من انتخبه في السلطة اللامركزية محاسبة أدق وأفعل من تلك التي يقوم بها على مساحة كل لبنان من خلال السلطة المركزية، وإلّا فلا يكون تغيّر من القنينة سوى "الفلّينة"...


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم