الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

عون لم يُخيّب أميركا... بل أصدقاؤها!

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-


هل ذهب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مواقفه المعلنة خلال جولتيه العربيتين أبعد مما يستطيع حليفه "حزب الله" الاحتمال؟ اعتقد بعض السياسيين والمحلّلين أن كلامه الهادئ مع الملك سلمان بن عبد العزيز والمعرب عن رغبة في استعادة تفاهم وتعاون ومساعدات اقتصادية ومالية و"عسكرية"، أقلق "الحزب" لاحتمال قيام جهات داخلية وخارجية بنسج علاقة مع عون تنسف تحالفه معه منذ 2006. لكن تعليقات صحافية سعودية جدّية أظهرت أن لا شيء في مواقف الرئيس اللبناني يوحي بتغيير سياسي أو بانقلاب، كما أن تعليقات قياديين في "الحزب" أظهرت اطمئناناً وتأكيداً للثقة به. وأخيراً صدر كلام سعودي غاضب من لبنان.
واعتقد البعض الآخر من هؤلاء أن "الحزب" كان وراء عودة عون الى تأكيد سياسته الداخلية والاقليمية، أو رأى أن مصلحته تقتضي العودة العلنية الى ثوابته السياسية تبديداً لقلق أو خشية أثارهما. والحقيقة كما يقولها متابعون من قرب لحركة "الحزب" أن قيادته، ورغم تفضيلها أن تكون أولى الزيارات الخارجية لحليفها الرئيس لدولة غير منخرطة في حرب مع حليفهما الأول إيران، تفيد أنها فوجئت بكلام عون على حزبها وسلاحها، وعلى أن "الجيش ليس قوياً كفاية ليحارب إسرائيل، ولذلك نحن نشعر بضرورة وجود سلاح المقاومة ليكمل سلاح الجيش". وتفيد أيضاً أن كلامه جعلها "تخاف" عليه. وأوحى ذلك، رغم شعورها بالسعادة لبقائه على موقفه ولصوابية قرارها إيصاله الى الرئاسة، أنها لم تكن لتزعل لو كان كلامه أكثر عمومية. وقد عبّر له أعضاء في قيادة "الحزب" عن ذلك. فكان جوابه: "ما قلته هو الحقيقة. والانسان لا يغزل الحقيقة بل يقولها". وأثلج قوله قلوب سامعيه. طبعاً هذه المقدمة الطويلة وبعد "الضبضبة" التي قام بها حلفاء إيران في لبنان ومنهم رئيس الجمهورية وحلفاء السعودية وفي مقدمهم رئيس الحكومة سعد الحريري لآثار صراحة عون على "عودة السياحة الخليجية الى لبنان والمال السعودي الى مؤسساته كما على عودة المملكة عن وقف تمويلها صفقة أسلحة لجيشه، ولآثارها أيضاً على دعم أميركا الجيش اللبناني بالسلاح والذخائر والخبرة"، طبعاً هذه المقدمة كان هدفها دعوة اللبنانيين الى عدم "دفن رؤوسهم في الرمال" كما يفعلون دائماً، وكما يفعل قادتهم ورؤساؤهم. هذه الصراحة التي سكت عنها المجتمع الدولي طويلاً بسبب موافقته الضمنية على تعاون الجيش و"حزب الله" وأجهزة الدولة القريبة منه في محاربة الارهاب الاسلامي المتطرف حتى التكفير والعنف، هذه الصراحة لم تمنع الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ من القول علناً: "أن لا سلاح خارج سلطة الدولة، وأن القرار 1701 ينص على نزع سلاح المجموعات المسلحة كلها ويدعو الى تقوية الجيش اللبناني ليقوم بالمهمات الدفاعية كلها". ولن يمنع استدعاء المسؤول في وزارة الخارجية شربل وهبه لها للاحتجاج على خرقها "اتفاق فيينا" أن يتضمن التقرير المرتقب للأمين العام للامم المتحدة عن لبنان إثارة ما أثارته ممثلته. علماً أن ذلك أثار تساؤلات عدة عن إحجام الخارجية عن "استدعاء" أو ربما تأنيب، كما قيل، سفراء وديبلوماسيين آخرين "خرقوا اتفاق فيينا" أكثر من مرة.
والصراحة نفسها لم تمنع سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان في اجتماعهم البيروتي أخيراً من البحث في آثار كل ذلك على الاهتمام بل الدعم الدولي للبنان. كما أنها لم تمنع السيناتور الأميركي كوركر الذي زار بيروت أخيراً من مصارحة المسؤولين الذين استقبلوه بحقيقة موقف بلاده ليس فقط من "صراحة" عون، بل أيضاً من ممارسات من سبقوه، وممارساته التي ستؤثر سلباً على مساعداتها للجيش التي من دونها ما كان قادراً على المواجهة وبنجاح للإرهاب على حدوده وفي الداخل. ومعروف أن لبنان هو رابع دولة في العالم بتلقي المساعدات الأميركية. وهي قد تتقلص بنسبة 40 في المئة. ولم تمنع "الصراحة" نفسها كوركر من الشعور بالمرارة أو على الأقل بالخيبة من عدم مبادرة "الحلفاء" المختلفين مع "حزب الله" على كل شيء الى الرد و"بصراحة" مماثلة على مواقف عون. علماً أنهم صاروا في السلطة. فهل سكوتهم كان ثمن الوصول إليها؟ وهل يُغني ردّهم على هجوم الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على المملكة العربية السعودية عن "تعليق نقدي" يقومون به تثبيتاً لمواقف يطرحونها منذ عقود ويقولون إنها كلّفتهم "دماء زكية"؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم