الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

العلم الأميركي في منبج مشهد مختلف \r\nخريطة النفوذ والتداعيات على لبنان!

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

ما يجب أن يرسم علامات استفهام كبيرة امام المسؤولين اللبنانيين بعيدا من الجدل المضني حول قانون الانتخاب وسلسلة الرتب والرواتب، ولو ان الشأن الداخلي وعزله عن شؤون المنطقة أمر ملحّ وضروري، هو هذا المشهد للقوات الاميركية في مدينة منبج السورية حيث رفعت الآليات المدرعة العلم الاميركي على مرأى من النظام السوري الذي تسلم خمسًا من قرى المنطقة لجهة غربها، كما على مرأى من الايرانيين ومن "حزب الله"، فيما عقد اجتماع تنسيقي بين رؤساء أركان كل من روسيا والولايات المتحدة وتركيا في انطاليا التركية. ومع أن العنوان المرفوع هو البحث في استراتيجية التصدي لتنظيم "الدولة الاسلامية"، فيما المسعى هو لردع تركيا عن التقدم نحو المدينة التي في عهدة الاكراد، فإن العلم الاميركي على أرض الميدان في سوريا يرسم علامات استفهام حول تعاون أميركي تنتظره روسيا، لكن من دون الاعلان عن ذلك على المستوى السياسي، على رغم اشتراط النظام ومطالبته، كما ايران، بأن يحظى اي وجود خارجي في سوريا بموافقته. هل من تفاهم ضمني بين روسيا والولايات المتحدة، او بداياته على وقع الدخول الاميركي العسكري العلني على الارض، ولو رمزيا، باعتبار أن للولايات المتحدة وجودا سابقا عبر مستشارين ومدربين لقوى معارضة وللاكراد، وقد ساهمت عبر قوات التحالف في تحرير كوباني سابقا، ولم تمانع في أن تتوسط روسيا مع قوات سوريا الديموقراطية التي تضم وحدات حماية الشعب التركية التي تدعمها واشنطن، من أجل تسليم قرى في عهدتها الى النظام؟ والواقع أنه خلال الاعلان عن استعادة السيطرة على تدمر الاسبوع الماضي، والتي تبنتها روسيا بالكامل بناء على إبلاغ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الرئيس فلاديمير بوتين بأن تدمر تمت استعادتها بالدعم الروسي، تمّ إغفال مساهمة للمقاتلات الاميركية التي نفذت بين 20 و40 غارة وفق الاعلام الاميركي.


ثمة خلط للاوراق وملامح تغيير لخريطة النفوذ في المنطقة، على رغم عدم وضوح وجود خطة أميركية واضحة للادارة الجديدة بإدارة الرئيس دونالد ترامب. لكن فيما هذه الملامح معقدة لكونها تكرس الولايات المتحدة لاعبا ميدانيا اضافيا على الارض وليس لاعبا وهميا من دون مصالح مباشرة، وقد اندفعت القوات الاميركية لحمايتها، فإن ثمة أسسا لما يمكن أن يعدّ لسوريا على وقع اللاعبين الموجودين على الارض ولطبيعة العلاقات الاميركية مع دول الاقليم على وقع التطورات الميدانية في سوريا، وما سيعنيه ذلك لجهة الاعتراف بوجود القوى الاخرى، بمن فيها النظام والاقرار باستمراره من الاميركيين عمليا، ما داموا موجودين على الارض، في مقابل وجود قواته حتى لو كان الوجود الاميركي لمنع خروج الامور عن السيطرة بين أفرقاء متعددين.
والواقع الذي تستدرجه هذه التطورات، تخشى مصادر ان يساهم في تعقيد المشهد اللبناني على خلفية عدم وجود الدول العربية في المشهد السوري، وغياب ايران عن المشهد فيها، مما يدفع الى الحذر إزاء المفاعيل والانعكاسات لهذا الوضع ومستجداته. والمواقف الاخيرة العالية النبرة لدى "حزب الله"، أتت وفق ما يعتقد على خلفية مخاوف من استهداف استشعر به الحزب ومعه ايران من الولايات المتحدة واسرائيل. واذا كانت هذه الاخيرة لا يستفزها بقاء بشار الاسد، بل إنها تدعم بقاءه، فإن موضوع ايران والحزب في سوريا، أو قرب الجولان، هو أمر مختلف كليا. وبناء على المعطيات الاقليمية المربكة في انتظار اتضاح أفقها ومعرفة ما إذا كانت تستهدف ايران ام لا، تخشى مصادر معنية ألا يكون موضوع قانون الانتخاب في لبنان مثار بلبلة فحسب، بل إجراء الانتخابات في ذاتها وسط تعاظم الشكوك في إمكان الاتفاق على قانون يرضي الجميع. ومعلوم أن ما تبديه مصادر ديبلوماسية أجنبية متأكدة منه في خضم الجدل حول قانون الانتخاب العتيد، هو أن أي قانون لم يعد بعيدا عما يطالب به "حزب الله"، لجهة ادخال عامل النظام النسبي في الانتخابات المقبلة. ويراقب بعض هؤلاء المقدار الذي سيتم اعتماده ليتم الحكم على مدى فاعلية الموقف الذي يستطيع الحزب فرضه، من ضمن البحث عن القانون العتيد، علما أن الامر يتفاوت بين ديبلوماسيين يتوقعون نجاحا كبيرا للحزب في فرض النسبية الكاملة وفق ما يقولون، وآخرين يعتقدون أن المسألة التي لا مهرب منها هي نجاح الحزب في ادخال مفهوم النسبية التي لا يمكن العودة عنها، خصوصا بعدما وافق على المبدأ المتصل به لدى كل من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط على نحو لم يعد في الامكان تجنبه. من هذه الزاوية بالذات، تصبّ المواقف المنددة بالقوانين السابقة على قاعدة النظام الأكثري، في خانة حتمية التجاوب مع طلبات، إن لم يكن مع شروط الحزب، امام اي انتخابات جديدة، ولو ان الافرقاء السياسيين يسعون الى تحصيل أقصى ما يمكن من حصصهم من ضمن المعادلة الجديدة. لكن ليس قانون الانتخاب وحده ما يثير القلق في هذا السياق على وقع التطورات الاقليمية، بل ايضا مؤشرات لتبدل الوضع في جنوب لبنان، في ضوء مخاوف من ان تكون هناك أثمان يدفعها اطراف ضعفاء كلبنان مثلا، قياسا الى عدد الافرقاء الموجودين على الساحة السورية راهنا ومصالحهم. والكلام على مخاوف على "اليونيفيل" واحتمال بقائها في الجنوب، يزداد من منطلق المؤشرات المقلقة التي يقرأها سياسيون كثر، ولو ان ثمة اقتناعا بعدم سهولة التخلي عن وجود القوة الدولية في الجنوب راهنا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم