الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

هل طارت مجدّداً سلسلة الرتب والرواتب؟

هدى شديد
هل طارت مجدّداً سلسلة الرتب والرواتب؟
هل طارت مجدّداً سلسلة الرتب والرواتب؟
A+ A-

إذا كانت معظم الكتل النيابية ممثلة في الحكومة باستثناء الكتائب والمستقلين، فلماذا رمى مجلس الوزراء سلسلة الرتب والرواتب مع سلّة الضرائب المقترحة لتمويلها في ملعب مجلس النواب؟ اختصاراً لجولة جديدة من الدوران في الحلقة المفرغة، لا سلسلة رتب ورواتب، وأقصى ما يمكن أن يعطى لموظفي القطاع العام جاء في غلاء المعيشة، الذي تمنّن مالية الدولة بمنحه من دون تغطية بإيرادات ضريبية جديدة.


للتذكير فقط، إن السلسلة تمّ تطييرها رغم أنها وصلت الى حدّ الإقرار في مجلس النواب في ايار 2014 بعد ثلاث سنوات من الضغط في الشارع بإضرابات واعتصامات لهيئة التنسيق النقابية، وبعد اجتماعات لا تعدّ لدرسها في لجان وزارية ونيابية، وبعد خفض ارقامها من 3000 مليار ليرة في لجنة ابرهيم كنعان، الى 1200 مليار في لجنة جورج عدوان، بحيث أقرّ مجلس النواب معظم المواد الضريبية المقترحة لتمويلها في تلك الجلسة التشريعية، صباحاً. وعندما استؤنفت الجلسة مساءً للتصويت على إقرار السلسلة، طارت فجأة بحجة أن وزير الدفاع آنذاك سمير مقبل طلب فصل سلسلة العسكريين عنها، فما كان من رئيس المجلس نبيه بري إلا أن طلب ترحيلها الى جلسة تقرّر عقدها في 27 أيار. دخلت البلاد بعد ذلك في الفراغ، ورغم الاتفاق على ان السلسلة من تشريع الضرورة، وضعت في أدراج المجلس الذي ينفض عنها اليوم غبار ثلاث سنوات، دون أن يطرأ طوال هذه المدّة أي معطى إيجابي لإقرارها، بل إن كل المؤشرات تضغط في اتجاه اعادة تنويمها.
في العلن، لا يجرؤ أي نائب ولا أي كتلة نيابية في خضم التحضير للانتخابات النيابية التي يفترض أنها قريبة، على الجهر بمعارضة إقرار السلسلة لموظفي القطاع العام. ولكن ما يقال في السرّ، لا يحتمل أي رهان خاطئ على أن لا سلسلة للموظفين حتى ولو كانت الانتخابات النيابية على الأبواب. والدليل أن أحد الوزراء السياديين من الفريق المناضل الى جانب مطالب الناس، ولا سيما العسكريين منهم، كان الأكثر صراحة ومكاشفة في دردشة معه بأن محاذير اقرار السلسلة وتهديدها بانهيار الوضع الاقتصادي في البلد أخطر بكثير من الضغوط الشعبية على القوى السياسية عشية الانتخابات، ولذلك يفضّل حماية البلد واقتصاده على المغامرة من أجل المقعد النيابي. هذا الكلام تزامن مع اخراج الحكومة سلسلة الرتب والرواتب من مشروع الموازنة مرفقة بسلة الضرائب المقترحة لتمويلها، وتركها لمجلس النواب، تحت حجة أن السلسلة مشروع قانون مستقل عن الموازنة، وموجود أصلاً في مجلس النواب، الذي عليه أن يستكمل البحث في تفاصيلها من حيث توقّف عام 2014.
وفي مجلس النواب، يكشف أحد النواب من الفريق المدافع عن حقوق الموظفين والعسكريين، أن السلسلة ليس لها بين الكتل النيابية أصدقاء، بل أعداء. واذا كانت كلفتها 1200 مليار ليرة في ايار 2014 عندما وصلت لقمة اقرارها الى فم موظفي القطاع العام، ولم تكن ترضي آنذاك الاساتذة ولا السلك العسكري، فكيف الحال بعد ثلاث سنوات؟ كلفتها ارتفعت، وسقف المطالب لم يتراجع، وقد يطيحها بسهولة كما جرى في المرة الماضية. فالأصعب من عدم اقرار السلسلة بالنسبة الى القوى السياسية فرض الضرائب لتمويلها، ولذلك الخيار محسوم سلفاً بالهرب من الاثنين ما أمكن، وتلافي الحشر في زاوية الشارع.
الى ذلك، لا تتوهّم الاوساط النقابية بأن السلسلة ستقرّ إذا لم تكن مغطاة بضرائب جديدة، وأن الضرائب لا يمكن أن تمرّ اذا كانت القوى المصرفية وارباب القطاع الخاص يرفضونها، لا سيما بعدما التزمت القوى السياسية عدم فرض ضرائب جديدة على الفقراء والطبقة الوسطى. ولذلك، إذا كانت الضرائب غير واردة، فلا سلسلة، وإذا كانت السلسلة غير واردة فلا موازنة. وفي السياق، تدرج الاوساط النقابية الموقف الاخير لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الذي ربط فيه بين اقرار الموازنة وقانون الانتخاب، في مؤشر واضح الى أن التسوية السياسية التي انسحبت على كل الملفات حتى الآن قد توقفت عند هذا الحدّ. مع العلم ان اي حكومة يستحيل عليها الخروج من السلسلة أو الغاؤها، وكل ما يمكنها فعله هو المماطلة والتأجيل.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم