الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"عين الحلوة" لا تبقى حلوة إذا ظلّ المخيّم فيها ملاذاً للفارين

اميل خوري
A+ A-

لم يعد مقبولاً ولا معقولاً أن تبقى الى جانب الدولة اللبنانية جزر أمنية أو مربعات في أي منطقة تشغل القوات المسلحة بها كلما وقعت اشتباكات فيها. فالفلسطينيون جاؤوا الى لبنان لاجئين لا كمسلحين يحوّلون المخيمات ثكناً ومعسكرات، وإذا صاروا ضيوفاً عليه كما وصفهم الرئيس محمود عباس، فللضيافة أصول... كما لا ينبغي لطائفة في لبنان أن تتميز عن أخرى في الخضوع للقانون، فتكون طائفة مسلحة تستقوي على طائفة وتخيفها لأنها غير مسلحة، أو تستقوي عليها بخارج لتصبح هي الدولة.


لذلك فإن "عين الحلوة" لا تعود حلوة إذا احمرّت عين الدولة منها لكثرة ما يهتز الأمن فيها، ويصبح المخيم مفتوحاً لكل فار من وجه الدولة أو لكل إرهابي يعمل من داخله على هز الاستقرار في البلاد. هذا الوضع الشاذ بات يتطلب حلاً جذرياً لا حلولاً موقتة لا تلبث أن تسقط ويعود المخيم الى هذا الوضع الذي قد لا يبقى محصوراً في داخله بل قد يمتد الى خارجه ليتحوّل قتالاً بين لبنانيين وفلسطينيين أو بين فلسطينيين وفلسطينيين.
لقد سبق لهيئة الحوار الوطني أن قررت بالإجماع إزالة المواقع العسكرية الفلسطينية خارج المخيمات تمهيداً لضبط السلاح داخلها. لكن لا سوريا ساعدت على تنفيذ هذا القرار لأن لها مصلحة في بقاء هذه المواقع، ولا "حزب الله" ساعد أيضاً لأنه يعتبر السلاح خارج المخيمات جزءاً من استراتيجيته في مواجهة اسرائيل. وقد انقسمت الفصائل الفلسطينية بين مؤيد لتسليم المطلوبين في المخيم، لبنانيين وغير لبنانيين، الى الدولة اللبنانية، وبين من لا يريد تسليمهم والاكتفاء باخراجهم منه كي لا تتحمل مسؤولية تسليمهم. وانقسمت أيضاً بين من يريد تسليم السلاح الى الدولة أو وضعه في تصرفها، ودخول الجيش اللبناني الى المخيم ليتحمل مسؤولية حفظ الأمن فيه بعيداً من صراعات الفصائل الفلسطينية على السلطة وعلى إدارة شؤون الأمن فيه بعد فشل اللجان الأمنية المشتركة.
لقد آن الأوان العبور الى الدولة اللبنانية القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها، فلا تكون دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها. وهذا يتطلب مساعدة السلطة الفلسطينية على إزالة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وضبطه داخلها، وان تتحمل الدولة اللبنانية مسؤولية حفظ الأمن فيها لأن لا دولة في لبنان إذا ظل للفصائل الفلسطينية دولتها داخل المخيمات لأهداف وغايات، وتكون بيئة حاضنة لكل فار من وجه الدولة ولكل إرهابي، ثم تتوسل الدولة كل مسؤول عن أمن المخيم تسليم المطلوب منهم اليها. فعندما قُتل القضاة الأربعة في محكمة صيدا شاع في حينه أن القتلة لجأوا الى مخيم عين الحلوة، فأجمعت صيدا على مطالبة الجيش بدخوله واعتقالهم. لكن ما لبث أن شاع، ربما لتجنب عواقب ذلك، ان القتلة هربوا الى اسرائيل.
أما السلاح في يد "حزب الله" فينبغي الاتفاق على دوره. فإذا كان لتحرير الأراضي اللبنانية التي لا تزال محتلة، أو لرد كل اعتداء اسرائيلي على لبنان، فإن هذا السلاح ينبغي أن يكون مكانه في مواقع معينة في الجنوب وليس خارج هذه المواقع لئلا يصبح عامل خلل بالأمن وبالتوازنات الداخلية السياسية والمذهبية الدقيقة. فليس في لبنان من يعارض أن تكون اسرائيل وجهة هذا السلاح لا أن يرتد الى الداخل، وهذا ما أكده الرئيس ميشال عون. فالخلاف بين الأحزاب في لبنان ليس على سلاح "حزب الله" عندما تكون وجهته اسرائيل، إنما عندما يرتد ساعة يشار إلى الداخل ليفرض رأيه، وهذا ما حصل غير مرة، فكانت أحداث 7 أيار "المجيدة"، وكانت عراضة القمصان السود التي قلبت الأكثرية النيابية في الاستشارات من مؤيدة تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة الى مؤيدة الرئيس نجيب ميقاتي. فإذا لم يكن في استطاعة عهود سابقة إقامة الدولة التي لا سلاح غير سلاحها، فإن في استطاعة عهد الرئيس عون أن يقيم هذه الدولة نظراً الى تحالفه مع "حزب الله". فهل يبدأ العبور الى الدولة من المخيمات الفلسطينية ولا تظل هذه المخيمات عابرة للدولة ومصدر قلاقل واضطرابات من حين الى حين لأي سبب من الأسباب؟ إن هذا العبور إذا لم يبدأ من عهد الرئيس عون فقد لا يبدأ في أي عهد آخر.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم