الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

موسكو تبرز الدعم الروسي لاستعادة تدمر وإيران والحزب تم تغييبهما حتى من النظام

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

أول الأنباء عن إعادة تحرير تدمر السورية من يد "تنظيم الدولة الاسلامية" مجددا يوم الخميس الماضي ورد على لسان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي ابلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان القوات السورية استعادت تدمر بدعم من القوات الجوية الروسية، وذلك قبل ساعات من إصدار الحكومة السورية بيانا اعلنت فيه استعادة المدينة، شاكرة الروس على دعمهم. الطرفان الروسي والسوري أهملا ذكر أي مساعدة حصرية من الجانب الايراني او من جانب "حزب الله" في هذا الاطار. ولاحقا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مستشارين روساً هم الذين خططوا وأشرفوا على استعادة تدمر على نحو لافت يوجه رسائل في اتجاهات عدة، بالتزامن مع الاعلان عن ان الطيران الروسي دمّر قرابة 2300 هدف للإرهابيين. ولم يكن هذا الإنجاز محتملا من دون الدعم الروسي وتخطيطه في استعادة مدينة سبق أن أعادها الى النظام قبل ان يفقدها. وفي هذا ايضا اعادة للهيبة الروسية التي اهتزت آنذاك داخل روسيا قبل الخارج، وانتقام شخصي لها بالنسبة الى تدمر حيث أعاد تنظيم الدولة الاسلامية السيطرة عليها بعد تحريرها من روسيا. وللامر دلالاته على صعد أخرى لا يمكن تجاهلها. إذ يبدو وفقا لمتابعين ديبلوماسيين أن الامر يشبه الى حد ما عدم إبراز إيران في الواجهة، على غرار القرار الذي قدم الى مجلس الامن عن اتفاق لوقف النار ترعاه روسيا وتركيا في نهاية كانون الاول الماضي، من دون إبراز الشريك الثالث الذي هو إيران، باعتبار أن ضامني اتفاق وقف النار هما تركيا وايران الى جانب روسيا، في الوقت الذي تم التعاطي في مجلس الامن على اساس انه اتفاق ترعاه روسيا وتركيا. جملة نقاط يتوقف عندها المتابعون الديبلوماسيون في سياق الانباء عن تحرير تدمر مجددا، من بينها أولا التوقيت غداة إحباط روسيا، ومعها الصين، قرارا لمجلس الامن يطالب بعقوبات على النظام السوري لاستخدامه السلاح الكيميائي ثلاث مرات ضد شعبه، وبالتزامن مع مفاوضات قائمة في جنيف بين النظام والمعارضة لا تقدم ملموسا فيها، لكن النظام لا يزال يصر على بند الارهاب كأولوية. وطرد "داعش" مجددا من تدمر هو عنوان تبرزه موسكو على أنه نجاح في حربها ضد الارهاب ومساعدة النظام في ذلك، مما يبرر تعطيل قرار مجلس الامن في الوقت الذي لا يستطيع احد الاعتراض على اندفاع النظام وروسيا معه في خطوة تنقذ مدينة اثرية لها وقعها عند المجتمع الدولي. والحرب على الارهاب في اعين المتحفظين من شأنها ان توفر شرعية لنظام يفتقدها بقوة، على أساس أنه يحميها من التخريب الذي ارتكبه "تنظيم الدولة الاسلامية"، وهو أكثر ائتمانا عليها. ولا يجوز التقليل من هذا الدفع في تقوية ورقة النظام، ولو عبر التأكيد من أن تقدمه هو رهن الدعم الروسي، مما يفترض انه يمكن ان يكون متجاوبا معها في كل المراحل التالية وليس رهن أي تقدم آخر.


أما الشق المتعلق بحصر روسيا الدعم بها من دون ايران ومعها "حزب الله" في اعادة تأمين سيطرة النظام على تدمر، فإن المتابعين الديبلوماسيين لا يرون الامر مستغربا لكون روسيا هي اللاعب الاساسي، وقد أقرّ لها المجتمع الدولي بدورها في سوريا على صعيد الحل والربط فيها، وتم التسليم حتى على طاولة مجلس الامن بأن مفاوضات جنيف الاخيرة انما تم الوصول اليها من خارج الرعاية الاممية وعبر اتفاق روسي مع تركيا وايران أدى الى مفاوضات في أستانا، ومنها الى جنيف. ولا يعدّ أمرا عابرا ان تكون روسيا توجت مفاوضات جنيف هذا الاسبوع بين النظام ومعارضيه بأنها ضغطت عليه من اجل قبوله البحث في ملف الانتقال السياسي على طاولة المفاوضات، مما أكسبها بعض الصدقية حتى لدى وفد المعارضة السورية. لكن المتابعين الديبلوماسيين ينتظرون اذا كان سيثير حصر روسيا استعادة السيطرة على تدمر بها، ردة فعل لدى ايران التي انتقدت مؤسسات رسمية عدة فيها قبل أشهر قليلة حصر الرعاية لاتفاق وقف النار بروسيا وتركيا من دون ايران، على رغم انها شريكة فيه من حيث المبدأ، مع الاشارة الى ان تلفزيون "المنار" التابع لـ"حزب الله" بث مشاهد لمقاتليه على المرتفعات القريبة من تدمر، كجزء من التقدم الذي اعلن النظام عن تحقيقه في الوقت الذي لم يشر الاخير الى المسألة او لم يسم الحزب من ضمن الاصدقاء الذين ساعدوه باستثناء روسيا. يسأل المتابعون اذا كان ذلك معبرا عن تباين روسي - ايراني اضافي على خلفية استئثار روسيا بالمشهد السوري في ظل تباينات كثيرة يتم تداولها، ام ان ذلك من ضمن استراتيجية لتحسين صورة النظام وجعله اكثر قبولا من الدول العربية من خلال بيعه للدول العربية على انه مدين لروسيا وفي احضانها، وليس في احضان ايران، كجزء من المساعي التي يقوم بها البعض من اجل اعادته الى مقعد سوريا في الجامعة العربية خلال القمة المقبلة على اساس استيعابه وتخفيف النفوذ الايراني عليه. وفي رأي المتابعين أنفسهم أن هذا مستبعد لاعتبارات متعددة، أقله في المرحلة الراهنة وما لم تتوضح على الاقل مؤشرات المرحلة المقبلة وضماناتها، باعتبار ان هذه الورقة لا تباع بسهولة انما لقاء اثمان باهظة. لكن مرة اخرى يظهر التأكيد الروسي حجم الضمانات التي تنخرط فيها من اجل انجاح المسار الذي تراه مناسبا كحل في سوريا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم