الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

مرفأ طرابلس يتهيأ ليكون أفضل مرافئ المتوسط

المصدر: طرابلس - "النهار"
رولا حميد
مرفأ طرابلس يتهيأ ليكون أفضل مرافئ المتوسط
مرفأ طرابلس يتهيأ ليكون أفضل مرافئ المتوسط
A+ A-

 لو فتحنا خريطة الكرة الأرضية، لوجدنا أن لبنان يقع في مركز ارتكازها أي الـ (Center). ولذلك، كانت النقطة الجغرافية التي يحتلها لبنان الحديث معبراً لدول العالم بين الشرق والغرب، وكان ذلك سبباً للحروب التي يمكن القول إنها لا تتوقف في هذه البقعة الجغرافية.


على الشاطئ اللبناني مرافئ عدة، لكن أهمها مرفآ بيروت وطرابلس، وتناوبا على الأهمية في حقب تاريخية مختلفة. لو لم يكن مرفأ طرابلس في هذه المدينة، التي ووجهت بالتهميش منذ نشأة الكيان اللبناني، لكان أحد أهم المرافئ في المتوسط.


لا أحد يستطيع الجزم بصورة مطلقة بهذه الحقيقة، لكن في حديث المتخصص في تكنولوجيا النقل البحري، ومدير المرفأ أحمد تامر إلى "النهار" ما يستخلص هذه الحقيقة، شرط أن تؤمن الظروف واللوجستيات التي تتيح تطويره بنيوياً، وتؤمن له القوانين التي تسهل حركة النقل، والتفريغ، والتحميل فيه. يتحدث تامر عن ذلك بقوله: "علينا الاستعداد ببنية تحتية جيدة، وبصناعة نقل متطورة، وبالاستثمار بمجال النقل واللوجستيات، لمواجهة متطلبات المرحلة المقبلة".



 


ولاحظ تامر ان "المفهوم اللوجستي لا يزال غير متطور عندنا، ومضمونه أن يكون العمل بأسرع ما يمكن وبأقل كلفة". ويقول إن "مرفأ طرابلس يقع في نطاق منطقة الشمال التي تتمتع بمزايا تنافسية كبيرة إذا عرفنا كيف نستغلها، وهنا يترتب على كل قضاء معرفة دوره، وكيف يمكنه المنافسة، أي دوره الاقتصادي، ويمكن أن نستقطب الكثير من الأعمال بالمزايا التنافسية التي نتمتع بها. كما أننا نمتلك كلفة انتاج تنافسية جيدة، ومرفأ مهماً، والمناطق الغنية المحيطة بنا، وعندنا المنطقة الاقتصادية الحرة، بذلك يمكن أن نكون مركز استقطاب لوجستي أساسي لشركات كبيرة شرطها إيجاد بيئة أعمال كبيرة في لبنان. أي قوانين مسهلة، وأنظمة جمركية متمتعة بمرونة وسرعة تخليص، وبنية تحتية وطرق جيدة لكي تتمكن هذه التجارة من التنقل بها، وبيئة تكنولوجية متطورة على صعيد الانترنت، وتبادل إلكتروني، وبيئة سياسية واقتصادية واجتماعية ضمن ما يعرف ببيئة العمل".


ويلفت تامر إلى أن "موقع المرفأ يحتمل أن يكون من أهم مرافئ المتوسط، وأن ينافس المرافئ التركية والاسرائيلية، وهي المرافئ الأكثر تنافسية، ولو طورت خدماته لأصبح المركز المفضل لاستقطاب السفن".


وعلى صعيد المنافسة مع الموانئ التركية والاسرائيلية، فإن مرفأ طرابلس يقع قبل مرافئ تركيا لجهة قناة السويس، وبالتالي يمكنه أن يشكل نقطة جذب أكثر، خصوصاً في حال تطوير أوضاعه. اما على صعيد المنافسة الاسرائيلية، فبالحد الأدنى، لا تزال المنافسة غير متكافئة بسبب استمرار إقفال الحدود بين فلسطين المحتلة، والعالم العربي، وهذا عنصر يسجل لصالح المرافئ اللبنانية.



 


ويفيد أن "من أهم النقاط التي تجعل من مرفأ طرابلس نقطة استقطاب للنقل البحري، هو قربه من قناة السويس، المعبر الرئيسي بين العالم الشرقي والغربي، حيث تبلغ حركة النقل فيه 10 في المئة من حركة النقل والتجارة العالمية، ومن عوامل نشاط هذه الحركة، المنافسة في إنتاج البضائع بين الصين والهند ونقلها إلى العالم الغربي".


يأتي حديث تامر عقب وصول رافعتين ضخمتين إلى المرفأ، والرافعتان تسهلان عمليات التفريغ بصورة كبيرة، وتشكلان نقلة نوعية للمرفأ، على أمل أن تصل رافعتان ثانيتان في السنتين المقبلتين. ويفيد تامر مثلاً بأن "الرافعتين يمكنهما تفريغ 40 حاوية في الساعة مقارنة بـ 10 أو 15 حاوية بالتقنيات الحالية، وبذلك تسهلان التفريغ، وترحيل البواخر بسرعة".



 


يحمل المرفأ قدرة تنافسية كبيرة، لكن كامنة، على مختلف المرافئ. ولا يرغب تامر في التحدث عن المنافسة مع مرفأ بيروت، ولا مع المرافئ السورية. يقول عن ذلك: "يجب التعاون مع المرافئ اللبنانية والسورية لكي نقدر أن نجبه التحدي القائم في المحيط، ولذلك، يجب أن تكون هناك سياسة تكامل وتعاون، في ما بينها، ومع المرافئ السورية لأن المنافسة بيننا تضر بنا، بينما تسعى المرافئ التركية لتأمين مصالحها".


لكن المنافسة المشروعة هي مع المرافئ التركية، والاسرائيلية، شرط تطوير المرفأ، كما يرى تامر.


والمعروف أن الميزة الأساس التي يتمتع بها مرفأ طرابلس، هي وقوعه على نقطة "أعطاه إياها الله سبحانه وتعالى، وهذا ليس خياراً"، بحسب تامر، فالمرفأ يتميز بقربه من الحدود السورية، ولا تحتاج الناقلات منه إلا عبور طرق سهلية قبل الإطلال على العالم: الخليج العربي، والشرق، والغرب، بينما تعزل الجبال المواقع الأخرى، وتجعل حركة النقل صعبة، خصوصاً أن جبال لبنان الغربية هي الأكثر ارتفاعاً شرقي المتوسط. ولذلك، من السهل على الناقلات الكبيرة ان تعبر من مرفأ طرابلس إلى حمص، ومنها إلى مختلف بقاع العالم القديم.



 


ويعتقد تامر أن النقل البحري اليوم يعتمد في آلياته على الناقلات الضخمة، التي يفترض تأمين شروط رسوها، وتفريغ بضاعتها، على مبدأ "بالوقت المحدد"، فتتمكن من التفريغ، أو التحميل بسرعة إلى المرفأ"، مع العلم أن مرفأ طرابلس يحوي حوضين مريحين للرسو، وفيه الشروط الأساسية ليؤمن متطلبات الشركات، ويستقبل حالياً 2 مليوني طن من البضائع سنويا. وعندنا قدرة استيعابية بنسبة 60 في المئة نستطيع استغلالها لتشغيل المرفأ، وعندنا 400 متر أرصفة محطة الحاويات، و200 لسفن الصب الجاف الضخمة بعمق 15 متراً، و900 متر للبضائع العامة بعمق 10 امتار.


ورأى أن "هناك تطوراً في حركة البواخر عندنا، فقد كنا نسقبل ٣٢ باخرة شهريا، وزاد الرقم إلى 47 في السنوات الثلاث الماضية، والآن صار معدلنا الشهري نحو 67 باخرة".


وفي مقارنة بمرفأ بيروت، فإن عدد البواخر التي ترسو في بيروت تناهز الـ١٣٠٠-١٤٠٠ سنوياً، بمقابل 800 تقريباً في مرفأ طرابلس، في الظرف الراهن.



 


يقول تامر إن "أمرين اساسيين ينتظران مرفأ طرابلس، هما انطلاق إعادة إعمار سوريا، وهنا يمكن للمرفأ، كما للمدينة، أن تكون نقطة استقطاب للشركات، والمستثمرين العالميين الذين يتوقون للعمل في إعادة بناء سوريا، وفي لبنان أيضا، من جهة، والأمر الثاني بنظره "هو استكمال خط طريق الحرير، من جهة ثانية".


وختم مؤكداً ضرورة وضع خطة اقتصادية وطنية شاملة تأخذ في الاعتبار نقاط قوة لبنان ونقاط ضعفه والفرص والتهديدات، لاتخاذ اجراءات تضمن دور مهم للبنان في اطار الاقتصاد العالمي".


والمنتظر بناء فروع للخط الرئيسي الذي انطلق بين الصين، وأقصى غرب أوروبا، حيث وصل أول قطار من الصين إلى بريطانيا منذ أشهر قليلة محملا بالبضائع الصينية، وعابرا أنفاق بحر المانش وصولاً إلى الجزر البريطانية. وشرق المتوسط على موعد مستقبلي مع وصول هذا الخط، وسيكون للبنان حصة فيه، مما سيفعل الحركة الاقتصادية، والتجارية، والاستثمار بصورة واسعة، بسبب ربطه مع خطوط النقل العالمية.



 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم