الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ثقة مفقودة بالنيات والأهداف بين الأفرقاء يترجمها الرفض المتواصل لقانون الستين

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
ثقة مفقودة بالنيات والأهداف بين الأفرقاء يترجمها الرفض المتواصل لقانون الستين
ثقة مفقودة بالنيات والأهداف بين الأفرقاء يترجمها الرفض المتواصل لقانون الستين
A+ A-

تجيب المعادلة التي أعلنها رئيس الحكومة سعد الحريري قبل يومين عن الاصرار على "قانون جديد للانتخابات او تفشل الحكومة"، عن جملة تحديات قد يكون في مقدمها الطمأنة الى ان هناك انتخابات بقانون جديد حكما، باعتبار ان البلد بناسه واقتصاده لا يتحمل إبقاء القديم على قدمه او استمرار الستاتيكو القائم. ويوجه رسالة ايضا الى المجتمع الدولي والدول المانحة الضاغطة عن التزام التبادل الدوري للسلطة عبر الانتخابات، علما ان رؤساء البعثات الديبلوماسية يستمدون الموقف من الحريري مباشرة، الا ان الاهم هو انه يدحض الاتهامات الضمنية التي رميت في ملعبه لجهة المماطلة في إقرار قانون جديد لرغبة لديه ربما في الابقاء على قانون الستين وفق ما تعتبر مصادر سياسية سمعت كلاما مشككا من سياسيين محسوبين على الثنائية المسيحية تصب في هذا الاطار، كما تطمئن المعادلة نفسها الى ان العودة الى قانون الستين ليست واردة في ظل تأكيدات مماثلة من الرئيس نبيه بري كما من رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل ورئيس "القوات" الدكتور سمير جعجع. ويفترض بذلك أن ينهي الردح بقانون الستين رفضا له، خصوصا ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي يرمى بتهمة الرغبة في الابقاء على القانون النافذ، تقدم باقتراح الى الرئيس بري يلحظ قبولا بالمختلط على أساس 68 نائبا على الاكثري و60 على الاساس النسبي، ويكشف ان المأزق في عدم الاتفاق الذي وضع في خانته ليس في ملعبه، بل في ملعب أفرقاء آخرين وفق ما اتضح لاحقا. وتعول مصادر على مرحلة ما بعد اقرار الموازنة من اجل تبين ما إذا كانت الحكومة ستنكب على درس قانون الانتخاب كما فعلت في جلسات متلاحقة بقانون الموازنة لاسبوعين متتاليين، بمعدل ثلاث جلسات أسبوعيا من أجل إنجازها، وذلك على سبيل اظهار جديتها في الاعداد لقانون انتخابي جديد وفق التزام رئيس الحكومة. فهذا سيكون مؤشرا مهما انطلاقا من ان الاجتماعات الجانبية لم تؤد الى النتيجة المرجوة حتى الآن، علما أن تقدما يتفق على انه حصل، يتمثل في ترجيح كفة القانون المختلط، باعتبار أن الاكثري بشكل كامل قد سقط وكذلك الامر بالنسبة الى قانون يعتمد النسبية الكاملة التي لن يتم تبنيها، وستكون خسارة لأكثر من فريق، ولو انه يتم الاختباء وراء الخسارة الاكبر التي يمكن ان يتكبدها الرئيس الحريري بقانون مماثل. حتى "حزب الله" يقول إنه يخسر مقعدين وفق النظام النسبي من دون أن ينفي تعويضهما من حصص طوائف اخرى بنسبة اكبر. واستمرار رفع الحزب تمسكه بالنسبية الكاملة ومطالبته بها لا ينفي انه وافق في مرحلة ما على القانون المختلط، لكن حساباته جعلته يراجع موقفه في انتظار الاتفاق على النسب التي تعزز وفق حسابات كل فريق، موقعه ودوره وحصته، من دون التنازل عما لديه او ما يأمل بالحصول عليه الى جانب حسابات مستقبلية غير خافية.


لكن ثمة أسئلة لا تزال تثير الاستغراب، من بينها اولا لماذا الاصرار على التطمين الى عدم الذهاب مجددا الى القانون النافذ، فيما أعطى رئيس الجمهورية مؤشرا قاطعا وحازما بعدم العودة الى قانون الستين من خلال رفضه توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة انطلاقا من ان توقيعه المرسوم على اساس قانون معين، لا يعود جائزا بعده إلغاء هذا القانون ووضع قانون جديد، باعتبار انه يعني عمليا الشروع في العملية الانتخابية. وهذا رأي دستوري يقابله رأي آخر يفيد بأنه يمكن المجلس ان يضع قانونا يلغي قانون الانتخاب حتى بعد صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة. وهذا الرأي الدستوري قدمه وزير العدل خالد قباني في مناقشة الرسالة التي كان وجهها الرئيس اميل لحود الى مجلس النواب في أيار 2005، يطلب فيها إعادة النظر في قانون انتخابات الـ2000 والذي كانت ستجرى الانتخابات النيابية على أساسه، إنما بعد توقيعه هو مرسوم دعوة الهيئات الناخبة. لكن لم يبرز ما يناقض موقف رئيس الجمهورية او يعترض بشكل اساسي عليه، وان هناك اجماعا في المقابل على عدم مخالفة رئيس الجمهورية الرأي، أقله سياسيا، وكل من راهن كليا على رئاسة عون، أي "حزب الله" او الرئيس الحريري او رئيس "القوات اللبنانية" لا يرون مصلحة لهم في معاكسة رهانهم بأي طريقة كانت. لكن هناك عدم ثقة أو تشكيكا في النيات او الاهداف وفق ما تقول بعض المعطيات، بحيث أتى كلام الحريري ليعطي إثباتا على عدم وجوب المضي في هذا التشكيك حول التزام الذهاب الى قانون جديد كان تعهد به في البيان الوزاري لحكومته.
ومن الاسئلة المطروحة أيضا، ما إذا كان ثمة اتفاق ضمني كان سرى الكلام في شأنه حين الاعلان عن التسوية الرئاسية، لجهة أن يكون هناك تأجيل مدروس للانتخابات لا يتصل فقط بأسباب السعي الى قانون جديد، بل بتوفير ظروف أفضل لمختلف الافرقاء من أجل إتاحة الفرصة لتحسين الاوراق والمواقع. هناك بعض المؤشرات او الاثباتات العملية التي يستشهد بها البعض لهذا الغرض او يراها تصب في هذا الاطار او يرميها في التداول من باب ان تأجيل التوصل الى اقرار قانون الانتخاب يعني تأجيل الانتخابات الذي تتيح للحريري خصوصا اعادة تحسين موقعه في مناطق ذات غالبية سنية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم