الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

شهر عسل التسوية انتهى أو في طور الانتهاء؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
شهر عسل التسوية انتهى أو في طور الانتهاء؟
شهر عسل التسوية انتهى أو في طور الانتهاء؟
A+ A-

قد يساهم التماسك الظاهري لأهل السلطة ومحاولات إخفاء الخلافات السياسية في إشاعة انطباعات مطمئنة، أو بالاحرى غير مقلقة لدى اللبنانيين، في حين ان المؤشر لسلامة الاجواء السياسية او عدم سلامتها تعكسه الاوساط النقدية والاقتصادية. ومع أن الحكومة على أهبة إقرار الموازنة العامة التي رُحّلت نقاطها الخلافية الى مجلس النواب، أكان في موضوع الضرائب أم في سلسلة الرتب والرواتب، بما يضمن إقرارها كإنجاز ثانٍ للعهد الرئاسي بعد إقرار مراسيم النفط، وهو إنجاز لا بد منه بعد 12 عاما من تغييب الموازنات، فإن الأجواء السياسية غير المريحة تنعكس في انعدام الثقة الذي تعبر عنه الاسواق المالية. وتعطي مصادر مسؤولة مؤشرا مقلقا لانعدام الثقة أو بالأحرى لتراجعها، لجهة إمكان تصحيح جدي للاوضاع التي سبقت انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف الحكومة. فسهم "سوليدير" تراجع امس الاربعاء الى مستوى 9.12 للفئة "أ" و9.08 للفئة "ب"، في مقابل ما سجله حين تسلّم رئيس الجمهورية السلطة، وهو تراجع نسبته 9 في المئة تقريبا، بما يخشى أن يعبّر عن أن الاجواء السياسية في البلد لا تساعد في هذا الإطار، بل على العكس، علما أن من في الرئاسة الاولى هو العماد ميشال عون ومن في رئاسة الحكومة هو الرئيس سعد الحريري، وهذا يفترض أن يزخّم الوضع الداخلي. والواقع أن الواقع الاقتصادي والمالي يعيش على وقع المناخ السياسي وما يحصل من "مناوشات" سياسية في قانون الانتخاب، علما انها لا تقتصر عليه فحسب بدليل مؤشرات تمايز وخلاف بين طرفي الثنائي المسيحي أيضا في موضوع الكهرباء، بما ينذر بإطاحة التفاؤل الذي تم تعميمه بصيف واعد. وفي ضوء ما يجري، إذا ظلت الاجواء ملبدة خلال الشهرين المقبلين فإن الخلافات ستنعكس حكما على الايجابيات المتوقعة من موسم سياحي مزدهر كما على المؤشرات الاقتصادية المتصلة بالاستثمار والاستهلاك. ومن المسؤولين من يحذر من ان الهندسة المالية التي قام بها حاكم المصرف المركزي رياض سلامة من أجل شراء الوقت للبنان في انتظار استعادة مؤسساته انتظامها وعملها قد تذهب هباء في حال لم تنجح الدولة في ذلك ولم تجر انتخابات نيابية تعيد إنتاج السلطة السياسية.


هل انتهى شهر العسل بين الأفرقاء الذين ساهموا في الشق الداخلي من التسوية التي أدت الى انتخاب رئيس وتأليف حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري؟ هناك رأيان. بعض السياسيين يقول إنه لم ينته بعد، انما قد يكون على طريق الانتهاء في ظل خلافات على كل المواضيع تقريبا. فحتى الآن ليس الجدل حول قانون الانتخاب الذي يحتل الواجهة هو المشكلة فحسب، بل برز ايضا الخلاف من ضمن الصف الطائفي الواحد في موضوع الكهرباء، وقبله في موضوع سلاح "حزب الله" وموقعه في المعادلة الداخلية، كما من الموقف من الرئيس السوري بشار الاسد، علما أن الخلاف ليس بين طرفين سياسيين بل بين رئيس الجمهورية وطرف سياسي في المقابل. وهناك التباعد أيضا بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة في هذا الاطار، وهو امر ينفي عن مكونات السلطة في لبنان وجود رؤية موحدة ليس ازاء المسائل الخارجية فحسب بل ازاء النظرة الى المصالح الداخلية، حيث لا رؤية موحدة الى الادارة اليومية لشؤون الدولة. ويقول سياسيون ان العذر الذي اعطي لتخلف وزراء عن جلسة مجلس الوزراء، والقول ان لا خلفيات سياسية له، قد يكون صحيحا على رغم تشكيك كثر في ذلك، لكنه لا يمكن تجاهل اداء الوزراء او غالبيتهم من الذين تغيبوا من دون عذر، وقد عبروا عن لامبالاة، والبعض عبر عن استهتار ان لم يكن اكثر. فاجتماع الحكومة الاثنين الماضي كان ولا يزال يأتي مع انطلاقة الحكومة وليس في نهاية ولايتها او في عز موسم الانتخابات وانشغالاتها لكي تعبر مجموعة من الوزراء عن لامبالاة مماثلة. وهذا مؤشر سيئ يحاول مراقبون كثر محاولة فهم أبعاده، او اعطاء اول المؤشرات له ربما على سبيل الضغط من اجل القبول بمشاريع انتخابية معينة. وعند هذا الحد يكون مقصودا فتح باب التفسيرات والتأويلات من أجل تمرير الرسائل التي يجب تمريرها.
والرأي السياسي الآخر يقلل من المخاوف او الانعكاسات التي يتركها المناخ السياسي، على أساس ان التجاذب القائم هو جزء من المشهد السياسي في لبنان وان مرحلة عض الاصابع او اللعب على حافة الهاوية تترك انطباعات سلبية على الاقتصاد عموما، لكن لا مصلحة للعهد الرئاسي كما لسواه في الذهاب بالامور الى ابعد من ذلك. إلا أن ذلك لا ينفي بالنسبة الى سياسيين محايدين وآخرين قريبين من الرئاسة الاولى ان غياب الافق التوافقي وظهور تنافس سياسي وغير سياسي اطاحا الرهان الذي كان معقودا على مهادنة سياسية طويلة لاشهر قليلة يصار خلالها الى تأمين استعادة الثقة بالوضع الاقتصادي ومنحه دفعا الى الامام. ولا بد ان المسؤولين يدركون هذا الواقع، لكن مقتضيات اللعب على حافة الهاوية الان كما في السابق تعلي سقف المراهنات من البعض، ضغطا من أجل الحصول على تراجع من الآخرين الذين يمكن ان يبدوا تساهلا لاعتبارات مختلفة بناء على تجارب سابقة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم