الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"نحن" والديموقراطيات المضطربة!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

لسخرية غير متصورة في المتغيرات التي تشهدها بعض المجتمعات السياسية في العالم الغربي ترانا نحاول التخفيف مما تناوب على لبنان من تعميق للمنحى الطائفي والمذهبي في أوضاعه، وتأثير ذلك حاليا في أزمة صياغة قانون انتخابات تحديثي امام الذهول الذي يصيبنا حيال بعض الظواهر الغربية. ربما لا يعني اللبنانيين كثيراً الالتفات الى مجريات السباق الرئاسي في فرنسا مع اقتراب موعد المعركة الرئاسية في جولتيها الاولى والثانية في نيسان وأيار المقبلين لانهماكهم بضرب المندل حيال سيناريوات الانتخابات النيابية الهائمة على غموضها في لبنان. ولكن من تراه كان ليتصور مرشحا رئاسيا فرنسيا أساسيا عقدت له في لحظة ناصية التقدم الكبير نحو الاليزيه فاذا به بالامس يبلغ حدود التهويل والتخويف من "حرب أهلية" في فرنسا فيما يترنح ترشحه تحت وطأة ملف استغلال نفوذ افضى به الى تحقيق قضائي؟ تعيش فرنسا مع تهاوي ترشيح فرنسوا فيون معركة غير مسبوقة باضطرابها وخطر تقدم مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن التي حلت سعيدة في لبنان وشغلتنا بطرائفها وغرائبها ثلاثة ايام زاهية، كدنا ننسى معها الفوارق الواسعة بين أمنا الحنون التاريخية وبلد الأرز الاكثر توددا اليها خصوصا من خلال تلك المنظومة العجائبية التي ترددها لوبن في تفضيلها بشار الأسد على ابو بكر البغدادي كأن قدر سوريا التعيس انتهى عند هذه الثنائية الدموية حصرا. نبحر نحو ما بعد الأطلسي لنعاين ايضا أغرب الغرائب مع يوميات الرئيس الاميركي الاشد اثارة للاضطرابات في تاريخ الرؤساء الاميركيين في اقصر فترة قياسية منذ انتخابه. ليس ثمة سوابق عرفت حربا طاحنة بين البيت الابيض والصحافة والاعلام العريقين في اميركا كتلك الجارية الان بين الرئيس دونالد ترامب وكبريات الصحف والمحطات التلفزيونية الاميركية الى حدود طرد الاعلام والصحافة "المناوئين" من البيت الابيض. هذا الرئيس الذي ادار معركته ولا يزال بـ"تويتر" أقام قواعد استثنائية خالصة في التعامل مع الكبائر والصغائر سواء بسواء وأطاح بكل انتظام تقليدي وقلب كل المفاهيم مما أدى الى اوسع اضطراب داخلي في اميركا، كما الى هز عرش الصحافة والاعلام تماما كما اطاح بصناعة استطلاعات الرأي التي ذهبت الى أسوأ مصائرها في "بلد المنشأ". وليس غريبا والحال هذه في أكبر واعرق ديموقراطيتين غربيتين ان تتحسس أوروبا كلها الخشية من زحف ذاك الشيء الاستثنائي الذي يضرب سائر أوصال الديموقراطيات الاخرى كأننا امام متغيرات مخيفة تنذر بتبدل طبائع الشعوب في تلك الأنحاء. فماذا عنا في لبنان؟ نقف عند مفترق التحولات المفصلية لنقيم قانونا انتخابيا "يصحح" التمثيل؟ أم ترانا أمام مخاض نظام بات حائرا وعالقا بين ظروف دولية واقليمية استولدته قبل اكثر من ربع قرن وتتبدد تباعا الى حدود الاندثار؟ لعلنا امام مجهول مماثل ونحن آخر من يدرك ذلك!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم