الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

العلاقة المتطورة بين "التيار الحر" و"أمل" \r\nأيّ أفق تفتح وما هي حدودها؟

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
العلاقة المتطورة بين "التيار الحر" و"أمل" \r\nأيّ أفق تفتح وما هي حدودها؟
العلاقة المتطورة بين "التيار الحر" و"أمل" \r\nأيّ أفق تفتح وما هي حدودها؟
A+ A-

هل بلغ مسار العلاقة المستجدة بين "التيار الوطني الحر" وحركة "أمل" مرحلة إبرام تفاهم اوّلي مفتوح على ملفات حاضرة تفرض نفسها على صفحة المشهد السياسي، وعلى قضايا مستقبلية ما زالت في طور التكوّن والانضاج؟


السؤال فرض نفسه بالحاح في الايام القليلة الماضية في ضوء تواتر معلومات وتطورات عدة على هذا الصعيد، في مقدمها:
- توقّف كل أشكال التقاصف والاحتراب السياسي التي كانت سمة العلاقة بين الطرفين في مرحلة ما قبل انتخابات الرئاسة الاولى في تشرين الاول الماضي.
- الانباء الواردة تباعاً عن لقاءات عقدت بين رئيس "التيار" الوزير جبران باسيل وبين الشخصية الثانية والاكثر حضوراً في "أمل" المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل. ومع ان البعض يدرج هذه اللقاءات في خانة التنسيق الذي تفرضه المساكنة الحاصلة بين التنظيمين في الحكومة، الا ان ثمة من اصدقاء الطرفين من يحبّذ ان يذهب الى التفاؤل بمستقبلها الى درجة التكهن بأنها وصلت الى مرحلة التفاهم الاوّلي على الخطوط العريضة لورقة عمل مهمتها ملاقاة مشتركة للكثير من القضايا والملفات الساخنة على مستوى الحكم.
- كلا الطرفين يتحدث تقريباً بلغة توشك ان تكون واحدة حيال مواضيع حساسة ابرزها قانون الانتخاب، اذ يحذر كل منهما من مغبة ابقاء القديم على قدمه ويرفضان الذهاب الى محظور التمديد او الفراغ على مستوى السلطة التشريعية.
وبعيداً من هذه الوقائع وسيل التأويلات المواكب لها، فالثابت ان ثمة تناغماً لا يخفى في خطاب الطرفين الذي خلا الى حد بعيد من كل آثار المرحلة الماضية حيث كانت القطيعة بينهما سمة بارزة، الى درجة انهما اوشكا ان يكونا على طرفي نقيض.
لكن السؤال المطروح حيال هذا التطور الايجابي هو: هل نضجت العلاقة بينهما حد انتظار لحظة ابرام تفاهم مفتوح على أفق اكثر تطوراً في قابل الايام؟
عن هذا السؤال يجيب مَن هم في اجواء الطرفين إجابة غامضة الى حد ما لا تقطع الشك باليقين، فهم يقرّون بانصرام مرحلة التنابذ والاستفزاز التي كانت سمة العلاقة بينهما، والتي بلغت ذروتها يوم انتخاب رئيس الجمهورية حيث جاهر بري واعضاء من كتلته بالوقوف ضد خيار عون رئيساً، إلا ان مرحلة ما بعد هذا التطور ما برحت تحتاج الى مزيد من الاختبارات و"معموديات النار" كي تستقر على صورة نمطية معينة يمكن البناء عليها، او لتعود على الاقل سيرتها الاولى، أي سيرة "حليف الحليف حليف".
إذاً هي محطة تشي بإيجابيات وتعد بفرص تطوّرية فرضتها طبيعة المرحلة وحاجة الطرفين اليها بعد انقضاء عهد الفراغ الرئاسي وانطلاق قاطرة عهد رئاسي جديد ومكتمل. وهي بهذا المعنى حاجة ملحّة لطرفين بدأا للتو مرحلة التشارك في تجربة حكم جديدة. وفي العادة فان مثل هذا النوع من التجارب يجبّ سمات مرحلة ما قبله حتى لو سرى فيها كلام من نوع "فقدان الكيمياء" التي تجمع الاقطاب. فالمستجد يصبّ في طاحونة ما يسمى "براغماتية الحاجة" الى ابرام تفاهم مصلحي تراجع من خلاله الرئيس بري عن التحذير من الدور الخفي والفاعل لصهر الرئيس (الوزير باسيل)، وهو ما لجأ اليه عشية سريان خيار عون رئيساً، وبالتالي بات اكثر استعداداً وتهيؤاً للقبول بـ"سلة تفاهمات" تطاول حتماً مواضيع وملفات ساخنة متفاعلة وكامنة تنتظر دور ايقاظها.
ومع كل هذا المنحى الايجابي في تطور العلاقة بين الطرفين، فان احداً من اصدقائهما لا يجزم ببلوغها حد التفاهم الجلي على غرار تفاهم كنيسة مار مخايل الذي انعقد من نحو عقد من الزمن بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، وتفاهم معراب المبرم بين "التيار" وحزب "القوات اللبنانية"، وهما التفاهمان اللذان غيّرا جذرياً مجرى الوضع السياسي في لبنان وتحديدًا العديد من التطورات الدراماتيكية.
وثمة من قُدّر له ان يرصد مسار التفاهم الاوّلي المستجد، يخرج الآن باستنتاج فحواه ان رئيس "التيار" الوزير باسيل هو صاحب الفضل الاول في بلورة هذا التفاهم، اذ عمل منذ زمن على هدي نهج سُمّي لاحقاً "نهج استيعاب بري" وامتصاص هواجسه ومخاوفه المتدحرجة وبث رسائل التطمين المتتالية اليه وهو ما احتاج الى جهد استثنائي.
ومن البديهي ان ثمة معطيات عدة تضافرت لتشكل عامل استدراج لبري الى اجواء هذه الانعطافة حيال عون وفريقه السياسي، ابرزها:
- تحطم "حلم" راود الى حين وجدان بري بنسج تحالف سياسي مبني على ركائز مع زعيم "تيار المستقبل" الرئيس سعد الحريري. فالرجل الآتي الى السلطة بعد سنوات من الاغتراب عنها يحمل عقلية جديدة وحسابات مختلفة ومزوداً نصائح جوهرها عدم تكرار تجربة الشركة التي اتكأ عليها والده بحذافيرها ورموزها.
- اقتناع بري بعد طول مكابرة بان ثمة تحولات في المشهد السياسي، ولاسيما بعد نجاح خيار عون رئيساً، تفرض عليه القبول بأمر واقع عنوانه ان عليه التراجع عن موقعه المعتاد المتقدم منذ مطلع التسعينات، وان استمرار التباينات والتصادمات مع عون لن يعود عليه بالفائدة، بل ستزيد تباعده مع حليفه "حزب الله" الذي اثبت بالدليل القاطع انه ليس في وارد الابتعاد عن عون.
إنه إذاً تفاهم المجبر، والرئيس بري العريق والمحترف في لعبة السياسة اللبنانية يعرف تماما متى يكون الإحجام عزماً ومتى يكون الإقدام حزماً.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم