الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"أوسكار 89": عندما تخرج هوليوود على النصّ!

المصدر: "النهار"
"أوسكار 89": عندما تخرج هوليوود على النصّ!
"أوسكار 89": عندما تخرج هوليوود على النصّ!
A+ A-

سهرة مملّة خيّم عليها شبح دونالد #ترامب وانتهت بتويست على طريقة أفلام شيامالان الذي غرّد ممازحاً بأنه هو الذي أخرج الحفل. هكذا سنتذكّر الطبعة الـ89 لتوزيع جوائز "الأوسكار" التي عُقدت في مسرح "دولبي" (لوس أنجليس) فجر اليوم بتوقيت بيروت، وقدّمها جيمي كيمل، وانتهت بإسناد #أوسكار أفضل فيلم إلى "لا لا لاند" قبل تدارك الخطأ وانتزاعها منه لإعطائها لـ"مونلايت". ما حصل أنّ الممثلَيْن وارن بيتي وفاي داناواي فتحا المغلّف الخطأ، فقرأت داناواي اسم "لا لا لاند"، بعدما ارتسمت بضع علامات استغراب على وجهيهما. لاحقاً، شرح بيتي أنّ المغلّف كان في داخله اسم إيما ستون، الفائزة بأفضل ممثلة عن دورها في "لا لا لاند"، وجرى استبداله من طريق الخطأ.


لو أُتيح لأكاديمية فنون الصور المتحركة وعلومها إعادة الحفل من أوله، لحذفت هذه اللحظة المُحرجة من تاريخها. إلا أننا، بعد التدقيق، نجد أنّ هذه "الفضيحة" ستطيل عمر الحدث في الأيام المقبلة، سواء في الصحافة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. تماماً كحكاية الصحافية المصرية الواث آباوتية في العام الماضي. في المنظور الترويجي، كلّ دعاية سيئة هي دعاية جيدة.



 كايسي أفلك قبل صعوده على المسرح لاستلام "أوسكار" أفضل ممثل.


المناخ السياسي السائد منذ فترة في الأوساط السينمائية الأميركية، وتحديداً منذ انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، دفع بعدد من الأفلام إلى الواجهة. ما كان يبقى في الظلّ سابقاً، أصبح له مكان تحت الشمس، فغلبت نتيجة ذلك على قائمة الأفلام المرشّحة أعمال - بعضها متواضع - تحمل رسالة الاختلاف والانتصار للأقليات العرقية والهوية الجنسية المستبعدة. هذه السنة، وصل عدد المرشّحين من أصول أفريقية في كلّ الفئات إلى ستّة. إلا أنّ القضايا المحقة لا تصنع في الضرورة أفلاماً كبيرة. و"الأوسكار" كانت دائماً، ولا تزال، منصّة للبيانات السياسية وإعلان المواقف والاستنكار والتنديد، لكون الحفل يحظى بتغطية دولية، وينطوي على مزيج من الـ"شوبيز" والفنّ والمصالح الإنتاجية. من "صهاينة" فانيسّا ردغرايف إلى "سكّان أميركا الأصليون" لمارلون براندو، تبقى "الأوسكار"، مناسبة تُرفع فيها الأصوات عالياً، قبل أن يتصاعد هذا كلّه في الأجواء ويتبدّد، فتحين ساعة البحث عن قضايا أخرى تغزّي خيال كتّاب السيناريو. ذلك أنّ المشكلة الكبرى التي تعانيها السينما الأميركية منذ مطلع العقد الحالي هي شحّ النصوص التي تستحق الأفلمة. القضايا المطروحة عن تغييب هذا وتجاهل ذاك، تُنسينا جوهر المسألة: هوليوود في أزمة نصوص عميقة!


الهجمة المبرمجة ضد ترامب بدأت مع دعوة مقدّم الحفل جيمي كيمل إلى إلقاء تحيّة على ميريل ستريب التي لا "تستحقّه" (في تلميح إلى تغريدة ترامب الرعناء الذي اعتبر ستريب مبالغاً في تقديرها). واستمرّ نقد سياسة ترامب وشخصه مع صعود الممثل المكسيكي غاييل غارثيا برنال إلى المنصّة لإسناد جائزة أفضل فيلم تحريك، فقال إنه ضدّ كلّ أشكال الجدران التي تفصل الناس بعضها عن بعض. حتى الكتب المقدّسة كان لها حضورٌ في الحفل، عندما قرأ مخرج فيلم "الخوذ البيضاء" (الفائز بأفضل وثائقي قصير)، أورلاندو فون أينسيدل كلمة رائد صالح، رئيس "الخوذ البيضاء" في سوريا: "تنظيمنا تقوده آية قرآنية (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً). هذا كلّه، على الرغم من أنّ مندوب البيت الأبيض كان أعلن أنّ ترامب لن يتابع الـ"أوسكار"، وعلى الأرجح سيكون مشغولاً بحفل اجتماعي يقام الليلة نفسها في القصر الرئاسي.



 داميان شازل، أفضل مخرج.


كلّ هذه العناصر أحاطت بـ"الأوسكار" هذه السنة، وساهمت في إيصال فيلم من مستوى "مونلايت" ("ضوء القمر") لباري جنكينز إلى أرفع جائزة سينمائية تُمنح في العالم (بعد "سعفة" كانّ). يأتي هذا بعد عامين من الجدل العارم حول ضرورة عدم تهميش الأقليات. الفيلم (مقتبس من مسرحية لتاريل ماككريني) يقتفي أثر شيرون، مثلي أسود، من مراهقته حتى بلوغه سنّ الرشد. دراما حميمية تحمل مضامين سياسية وسوسيولوجية لا يمكن نكرانها، إلا أنه من فرط رغبته في تفادي الصورة النمطية للسود، يقع في عكس ذلك، فينتهي عملاً بليداً يتبلور كتمرين أسلوبي ميكانيكي بلا أيّ روح وبالكثير من المساحات البيضاء بين الفعل وردّ الفعل. جنكينز وقع ضحية طموحاته الفضفاضة. صُوِّر "مونلايت" في حيّ ليبرتي سكوير الخطر الواقع في ميامي، ولم تتعدَّ موازنته الـ٥ ملايين دولار، علماً أنّ "الأوسكار" مالت مراراً إلى الأفلام ذات الموازنة الضئيلة: "آني هول" لوودي آلن و"الشبكة الفرنسية" لوليم فردكين و"روكي" لسيلفستر ستالون و"بلاتون" لأوليفر ستون و"ناس عاديون" لروبرت ردفورد، والقائمة طويلة. نال "مونلايت" جائزتين إضافيتين: أفضل ممثل في دورٍ ثانٍ (تاجر مخدرات) ذهبت إلى ماهرشلا علي (تردّد أنه أول مسلم ينال هذه الجائزة) وأفضل سيناريو مقتبس لجنكينز نفسه.


على الرغم من فوز "مونلايت" بـ"أفضل فيلم"، يبقى "لا لا لاند" لداميان شازل الفائز بأكبر عدد من الجوائز، في مقدمها جائزة "أفضل مخرج" (أصغر مخرج ينالها في تاريخ "الأوسكار"): 6 تماثيل ذهب (من أصل 14 ترشيحاً - آخر فيلم رُشِّح إلى هذا العدد هو "تايتانيك" لجيمس كاميرون)، حصده الفيلم الذي يتسبّب بالكثير من البهجة عند مشاهدته. ولا يزال الفصل بين "أفضل فيلم" و"أفضل مخرج"، وتوزيعهما على فيلمين مختلفين أمراً مريباً، إذ أنّ الميزة الأولى للفيلم الجيد هي الإخراج.


"لا لا لاند" تجربة بصرية دسمة. تحية معلنة للميوزيكالات الشهيرة سواء تلك التي أخرجها ستانلي دونن أو جاك دومي. فيلم أبعد ما يكون عن السياسة على رغم محاولات فاشلة من بعض الصحافيين لإقحام السياسة فيه. شازل يدفع بالموارد السينمائية إلى مداها الأبعد، عبر مَشاهد قصيرة، لغة مختزلة، صورة حنونة. جوائز أخرى نالها الفيلم: أفضل ممثلة (ايما ستون - إيزابيل أوبير في "هي" لبول فرهوفن تستحقها أكثر)، أفضل موسيقى تصويرية وأفضل أغنية (جاستن هرفيتز)، أفضل تصوير (لينوس ساندغرين)، وأفضل ديكور.


إيما ستون، أفضل ممثلة.


رائعة كينيث لونرغان، "مانتشستر على البحر" (الفيلم الأكثر قرباً للكمال في هذه المسابقة) اكتفت بجائزتين، لكنهما جائزتان بارزتان تعبّران عن أهم عنصرين في الفيلم (بالإضافة إلى الإخراج): أفضل ممثل لكايسي أفلك، وأفضل سيناريو أصلي للونرغان نفسه. نصّ بديع يتمحور حول لي تشاندلر، هذا الشاب الباطني الذي يخفي ماضياً أليماً ويضطر إلى الاهتمام بابن أخيه بعد وفاة الأخير. لونرغان، سيناريست خطير، يضع يده البارعة في كل ثانية، لكن الفيلم يحتاج إلى مُشاهدة صبورة وبال طويل. يُعرض "مانتشستر على البحر" حالياً في الصالات المحلية. في المقابل، أُسندت جائزتان تقنيتان لـ"هاكسو ريدج"، إخراج ميل غيبسون، العائد إلى السينما بقوة بعد عشر سنين غياباً: أفضل ميكساج صوت وأفضل مونتاج. الفيلم مرافعة مناهضة للحرب تصمد في الذاكرة.


"البائع المتجول" لأصغر فرهادي فاز بـ"أوسكار" أفضل فيلم أجنبي، وهو عمل فذّ سيناريستياً وسليم إخراجياً، لكنه لا يستحق كلّ هذا المجد، إلا أن المناخ السياسي وقرار ترامب حظر مواطني سبعة بلدان ذات غالبية مسلمة، منها إيران، رجّحا كفّة المخرج الإيراني القدير، فنال ثاني "أوسكار" بحياته في خمسة أعوام. فرهادي قاطع الحفل، كما كان وعد سابقاً، احتجاجاً على قرار الحظر، وتسلمت عنه الجائزة رائدة الفضاء الأميركية - الإيرانية أنوشه أنصاري، وقرأت رسالته حيث ذكر أنّ "تقسيم العالم بين "نحن" و"الأعداء" يعزّز الخوف. لا يرتقي "البائع المتجول"، على الرغم من مزاياه، بأي شكل من الأشكال، إلى ابتكارية "توني ايردمان" لمارين اديه (منافسه الأبرز) وحساسيته وفرادته، الذي تلاحقه اللعنة منذ عرضه الأول في مهرجان كانّ بأيار الماضي، حيث لم ينل أي جائزة. المرشّحون الستّة لهذه الفئة كان سبق أن توجهوا برسالة مفتوحة تدين "صعود الوطنية والتطرف"، إلا أنّ فرهادي أفاد من هذه الأجواء، فيما مارين أديه دفعت الثمن. فمَن يحتاج إلى حكاية رجل أبيض وابنته في هذه اللحظة؟!


لائحة الجوائز الكاملة:


أفضل فيلم: "مونلايت" لباري جنكينز.
أفضل مخرج: داميان شازل عن "لا لا لاند".
أفضل ممثل: كايسي أفلك عن "مانتشستر على البحر".
أفضل ممثلة: ايما ستون عن "لا لا لاند".
أفضل سيناريو مقتبس: باري جنكينز عن "مونلايت".
أفضل سيناريو أصلي: كينيث لونرغان عن "مانتشستر على البحر".
أفضل ممثل في دور ثانٍ: ماهرشلا علي عن "مونلايت".
أفضل ممثلة في دور ثانٍ: فيولا دايفيس في "فنسز".
أفضل فيلم تحريك: "زوتوبيا" لبايرون هاورد وريتش مور.
أفضل تصوير: للينوس ساندغرين عن "لا لا لاند".
أفضل تصميم ملابس: كولين أتوود عن "وحوش رائعة".
أفضل وثائقي قصير: "الخوذ البيضاء" لأورلاندو فون أينسيدل وجوانّا ناتاسيغارا.
أفضل مونتاج: جون جيلبرت عن "هاكسو ريدج".
أفضل فيلم أجنبي: "البائع المتجول" لأصغر فرهادي.
أفضل تبريج وتصفيف شعر: "سويسايد سكواد".
أفضل أغنية وأفضل موسيقى تصويرية: جاستن هرفيتز عن "لا لا لاند".
أفضل ديكور: ديفيد واسكو عن "لا لا لاند".
أفضل فيلم تحريك قصير: "بيبر" لألن باريلارو ومارك سوندهايمر.
أفضل فيلم قصير: "سينغ" لكريستوف ديك.
أفضل مونتاج صوت: سيلفان بلمار عن "وصول".
أفضل ميكساج صوت: كافن أوكونيل وآندي رايت عن "هاكسو ريدج".
أفضل مؤثرات خاصة: روبرت ليغاتو وآدم فالديز عن "كتاب الأدغال".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم