الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تفجير حمص المتزامن مع مفاوضات جنيف يؤخّر فرض عقوبات في ملف الكيميائي؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
تفجير حمص المتزامن مع مفاوضات جنيف يؤخّر فرض عقوبات في ملف الكيميائي؟
تفجير حمص المتزامن مع مفاوضات جنيف يؤخّر فرض عقوبات في ملف الكيميائي؟
A+ A-

مع التفجير الجديد الذي حصل في حمص قبل يومين فيما تستمر المفاوضات السورية - السورية في جنيف علق احد الديبلوماسيين بالقول انها ليست المرة الاولى التي تخاض المعارك الديبلوماسية عبر العمليات الامنية او العسكرية. اذ ان التفاوض حتى لو كان هدفه التحاور للوصول الى هدف لا يخلو فقط من صراع يخوضه كل طرف للحصول على ما يريده بالمساومات والترغيب والترهيب بل ايضا تتم مواصلة الحرب على الارض بمظاهر مختلفة. فالتفجير ايا يكن من قام به في ظل اتهامات للنظام من المعارضة بانه يقف وراءه لاعتبارات متعددة فان النظام بدوره وضع المعارضة في موقع دفاعي من شأنه ان يحرجها مع داعميها وان كانت ليست مسؤولة عنه. لكن ليس هناك من يدافع عنها كما تدافع روسيا عن النظام الذي يفترض ان يكون موقع ادانة لا بل معرضا لعقوبات في حق هيئات مسؤولين عن استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي ضد شعبه وفق ما خلصت اليه تحقيقات اللجنة الاممية الخاصة بهذا الموضوع المطروح على التصويت في مجلس الامن مطلع هذا الاسبوع. لعل روسيا ستمتلك بدورها ورقة اضافية من اجل تجنب استخدام فيتو اضافي لحماية النظام السوري سيحمل الرقم سبعة من ضمن مجموعة الفيتوات التي استخدمتها روسيا حتى الان دفاعا عن نظام الرئيس بشار الاسد انطلاقا من ان التفجير يعيد تسليط الضوء على عملية ارهابية في المنطقة الخاضعة للنظام السوري بمعنى انه يبقى معرضا للتهديدات بحيث لا يجوز فرض عقوبات اضافية عليه في هذا التوقيت. ومع انه قد تكون للتفجير في حمص اهداف متعددة بمستفيدين كثر غير انه جزء من الحرب المستمرة ولو بهدنة هشة يستخدمها النظام من اجل متابعة قصفه مناطق المعارضة، فان توقيته لا يمكن فصله لا عن استهداف المفاوضات في جنيف من دون تجاهل احتمال تعزيز النظام اوراقه ولا عن استهداف القرار المرتقب في مجلس الامن ولو انه محسوم سلفا استخدام روسيا للفيتو. وهذه النقطة الاخيرة محرجة لموسكو في الوقت الذي تحاول ان تضمن استقرار النظام وفق ما اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الايام الاخيرة ابان مراسم عسكرية تزامنا مع بدء مفاوضات جنيف: "مهمتنا هي تحقيق استقرار السلطات الشرعية وتوجيه ضربة قاضية الى الارهاب الدولي". ما يعني عمليا ان روسيا ستدافع مجددا عن النظام الذي تعتبره السلطة الشرعية وتسعى الى حمايته مما قد يطاوله من عقوبات تحت الفصل السابع او سواه. وبذلك تظهر روسيا دورا متكاملا في هذا الاطار بين تحديدها الخطوط المحتملة لقرارات مجلس الامن حول سوريا واداراتها غير المباشرة للمفاوضات في جنيف ولو كانت هذه الاخيرة برعاية اممية من حيث المبدأ.


وتكشف مصادر ديبلوماسية انه سبق ان اثير في هذا السياق ما اذا كان طرح موضوع فرض عقوبات في مجلس الامن وفق الفصل السابع وذلك بناء على اتفاق اميركي - روسي في هذا الاطار لدى اقرار القرارات المتعلقة بمنع او حظر استخدام الاسلحة الكيميائية قد يكون مناسبا في التوقيت الراهن وذلك قياسا الى مفاوضات سورية - سورية برعاية اممية في جنيف عقدت الاسبوع الماضي. فاتخاذ عقوبات ضد اشخاص وهيئات داخل النظام وفق اصحاب هذا الرأي يمكن ان يصيب المفاوضات وربما يؤدي الى عرقلتها فيما ستحمل الدول التي تدفع في اتجاه فرض عقوبات مسؤولية احباط المفاوضات. ومع انه كان ثمة اتجاه منذ منتصف كانون الاول الماضي لبت خلاصات لجنة التحقيق الاممية في هذا الاطار والتي ادت الى الجزم باستخدام النظام الاسلحة الكيميائية ثلاث مرات على نحو مؤكد في حين لا اثباتات حاسمة ونهائية عن استخدامات اخرى من جانبه لهذه الاسلحة انما شبهات فقط في حين استخدم تنظيم الدولة الاسلامية السلاح الكيميائي مرة واحدة فان روسيا سعت الى اعداد مشروع آخر غير المقترح الفرنسي - البريطاني في هذا الصدد. ويرجح ان تأجيل الموضوع ارتبط بانتظار تسلم الادارة الاميركية الجديدة مهماتها وبدء اعداد ملفاتها فضلا عن انتظار المقاربات التي ستستخدمها خصوصا في ظل المهادنة الواضحة من الرئيس الاميركي دونالد ترامب لنظيره الروسي على عكس ما كانت العلاقة بين الاخير والرئيس باراك اوباما. لكن كانت العقوبات التي اتخذتها واشنطن في حق اشخاص اضافيين في سوريا في 12 من الشهر الجاري بمثابة المؤشر على امكان المضي في هذا الاتجاه نفسه بما يعنيه من عودة الاختلاف للظهور بين روسيا والولايات المتحدة حول مقاربة الوضع السوري في الوقت الذي تتم المراهنة بقوة على البناء على مواقف الرئيس الاميركي التي تهمل البت بمصير النظام السوري ورئيسه في مقابل التركيز على استهداف تنظيم الدولة الاسلامية. وهذا جانب مهم من جوانب التطورات التي تعلق عليها الامال باعتبار ان ثمة رهانات قامت على توقع تغييرات اساسية في مواقف الادارة الاميركية تبعا للتطلع الى التعاون الوثيق مع روسيا والذي ليس واضحا اذا تم لجمه كليا في ضوء الفضيحة التي تناولت الادارة بملف مايكل فلين ام لا.
على هامش هذه التطورات التي لا يبدو لبنان معنيا بها مباشرة بل من خلال انعكاساتها ثمة من يخشى ان يعود الوضع الداخلي معلقا استنادا الى عدم اليقين في الرؤية الاميركية للوضع السوري مما يخشى ان يسترهن لبنان مجددا حتى وضوح الصورة بالنسبة الى من يعلق امالا او رهانات من شأنها اراحة النظام نسبيا وداعميه الاقليميين ايضا انطلاقا من ان الكباش ليس داخليا فحسب. ويجب عدم التوهم بانه كذلك.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم