الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مخاوف "أبو مازن" من تطورات محتملة \r\nهل يستطيع الجيش الإمساك بأمن المخيمات؟

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-


أياً تكن خطورة الملفات التي حملها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى لبنان، وبحث فيها مع المسؤولين والقيادات اللبنانية، فإن ملف المخيمات الفلسطينية وأوضاع الفلسطينيين فيها تصدر الأولويات من الناحيتين الأمنية والإنسانية.
جاءت زيارة "أبو مازن" في مرحلة دقيقة للفلسطينيين، خصوصاً أن السلطة الفلسطينية تتخوف من تطورات في الأراضي الفلسطينية مرتبطة بالمتغيرات الدولية مع وصول دونالد ترامب الى الرئاسة الأميركية وإعلان دعمه المطلق لإسرائيل بنسفه حل الدولتين أولاً وتعهده نقل السفارة الأميركية الى القدس، بما قد يؤدي الى تفجير الوضع الفلسطيني، وانطلاق انتفاضة فلسطينية جديدة وفق مصدر سياسي فلسطيني واكب زيارة عباس للبنان وملفاتها.
ولا يخفي السياسي الفلسطيني أن لدى قيادته مخاوف كثيرة لا تقتصر على الداخل الفلسطيني، فأي تطورات فلسطينية داخلية سرعان ما تنعكس على فلسطينيي الشتات، خصوصاً في لبنان، حيث الأمور غير ممسوكة في المخيمات الفلسطينية، بعد الضربات التي تعرضت لها حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير، علماً أن التلاعب الإقليمي بالمخيمات وظهور قوى جديدة، ليست حركة "حماس" أولاها، وأخرى متطرفة، جعل من بعض المخيمات نقطة انطلاق للتخريب في داخلها وعلى المستوى اللبناني العام. لذا، كان لا بد من أن يطرح الرئيس الفلسطيني جملة من المبادرات لإعادة ضبط وضع المخيمات وتحسين الوضعين الاجتماعي والحياتي للاجئين الفلسطينيين منعاً لاستغلالهما من أطراف وظيفتها الأساسية ضرب الاستقرار في لبنان.
ليست المرة الأولى يدعو محمود عباس القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية وأبناء الشعب الفلسطيني في لبنان، الى أن يكونوا عامل استقرار للسلم الاهلي اللبناني والحفاظ على المخيمات كعنوان لحق العودة، وهو الأمر الذي أعلنه في زيارته السابقة للبنان عام 2013، لكن الجديد يكمن في إثارته لمخاوف من تطورات في الداخل الفلسطيني وفي المنطقة يجب استباقها، إنطلاقاً من حماية الموقف الفلسطيني الرسمي والنأي بالنفس عن الشؤون اللبنانية والبقاء على الحياد الإيجابي وعدم السماح باستغلال المخيمات لأي أجندة غير فلسطينية، داعياً السلطات اللبنانية الى تولي أمن المخيمات، مع الاستعداد، وفق الإمكانات، والمساهمة في ضبط السلاح الفلسطيني اذا تمكن الجيش اللبناني والقوى الأمنية الرسمية من الإمساك بأمن المخيمات، بعيداً من أي اهتزازات أمنية كبرى. وهذا في ذاته يستلزم الاتفاق مع أطراف إقليمية أخرى لتذليل العقبات، ومنع التخريب الذي تستغله قوى معينة هدفها إبقاء المخيمات، خصوصاً مخيم عين الحلوة في حالة توتر أمني دائم.
ووفق المصدر السياسي الفلسطيني، جاء التوتر الأمني في مخيم عين الحلوة والاشتباكات رسالة رد على أي توجه لتسلم السلطات اللبنانية أمن المخيمات، وهي رد على مبادرة "أبو مازن" في الأساس. وهذا يعني أن الوضع في المخيمات غير ممسوك من أطراف منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" تحديداً، التي تغيرت أوضاعها وبنيتها منذ رحيل الرئيس ياسر عرفات، على رغم كل محاولات رأب الصدع في مكونات الحركة الفلسطينية في مخيمات لبنان. وما يزيد أزمة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، هو الإجراءات الأمنية والقوانين التي تضيق عليهم وتمنعهم من العمل، علماً أن السوق مفتوحة لكل اللاجئين الآخرين للعمل في لبنان، وهو أمر أثاره الرئيس الفلسطيني انطلاقاً من ضرورة استمرار الحوار لتخفيف الإجراءات وإعطاء الفلسطينيين بعض الحقوق الإنسانية للتمكن من الصمود أمام التغيرات المحتملة.
وكان واضحاً من خلال أجواء اللقاءات التي عقدها محمود عباس، أن السلطة الفلسطينية تعاني ضغوطا كبرى وحصارا سياسيا وماليا، وهو أمر انعكس على تقديماتها مع منظمة التحرير الفلسطينية لجهة الرواتب والمساعدات الاجتماعية، خصوصاً مع تراجع تقديمات "الأونروا"، لذا دعا عباس الى العمل على "دعم صندوق الطالب الفلسطيني ورفع نسبة المساعدة لتخفيف معاناة الطلاب"، مؤكداً في الوقت عينه رفضه التوطين وأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الخيمة والمظلة لكل أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات.
يذكر السياسي الفلسطيني أن هذه هي الزيارة الثالثة لعباس للبنان، كمسؤول أولاً، وكرئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 2004، ثم زيارته رئيسا للسلطة الفلسطينية عام 2013، والزيارة الأخيرة ليست متطابقة مع ما حملته الجولات السابقة، لجهة أن الوضع الفلسطيني ليس على ما يرام داخلياً، علماً أن زيارته عام 2004 استقبلها ألوف الفلسطينيين في الشارع، حيث كانت حركة "فتح" لا تزال القوة الأساسية والمكون الفلسطيني الأول القادر على ضبط المخيمات، على رغم التلاعب الإقليمي بأمن المخيمات. يذكر أيضاً أن عباس في زيارته الماضية عام 2013 طرح وضع السلاح الفلسطيني داخل المخيمات بإمرة الدولة اللبنانية، من دون أن يتمكن من طرح معالجة اجتماعية إنسانية شاملة لقضاياهم. وهو لم يتمكن من زيارة مخيم واحد خلال زياراته المتعددة للبنان. وهذا أمر حصل أيضاً في الزيارة الأخيرة، لكن السياسي الفلسطيني يرى أن الزيارة الأخيرة يمكن أن تحمل أملاً في معالجة المشكلات المستجدة أخيراً بإجراءات تضبط الأوضاع، على رغم أن لبنان لن يستطيع في الوقت الراهن الإمساك بوضع المخيمات وأمنها، لأن ذلك يحتاج أيضاً إلى تغطية إقليمية غير متوافرة اليوم.


[email protected]
Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم