الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مشروع موازنة سنة 2017 ... ترجمة لواقع مالي متأزم: "سلّة ضريبيّة لا تساهم في النمو"

سلوى بعلبكي
سلوى بعلبكي
مشروع موازنة سنة 2017 ... ترجمة لواقع مالي متأزم: "سلّة ضريبيّة لا تساهم في النمو"
مشروع موازنة سنة 2017 ... ترجمة لواقع مالي متأزم: "سلّة ضريبيّة لا تساهم في النمو"
A+ A-

فيما يكب مجلس الوزراء على درس مشروع موازنة سنة 2017 وسط أجواء شعبية واقتصادية رافضة لها، لأن الاشكالية الاساسية في الضرائب الجديدة تأتي في ظل اوضاع اقتصادية منكمشة أصلاً، كما ان سحب السيولة سيؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي وعلى معدلات النمو التي لم تتجاوز حدود الـ 1,4% في العام 2016.
أمام هذا الواقع، ليس مستغرباً القول ان مشروع الموازنة يشكل مشروعاً لواقع مالي متأزم، يحتوي وفق الخبير في الشؤون المالية الدكتور مروان القطب على 3 امور اساسية:
- خدمة دين عام مرتفعة تبلغ 7100 مليار ليرة أي في حدود 4,7 مليارات دولار، وتشكل نحو 30% من الانفاق العام، وهي في تزايد مطرد مع مرور الوقت. وهذه النسبة تدل على ان المشكلات الاساسية التي تعاني منها المالية العامة تكمن في الدين العام المتنامي والذي بلغ في نهاية العام 2016 نحو 74,9 مليار دولار.
- كلفة سلسلة الرتب والرواتب التي تبلغ نحو 1200 مليار ليرة اي نحو 800 مليون دولار، وتشكل 5% من اجمالي الانفاق العام، ويجري التذرّع بها لفرض سلّة كبيرة من الضرائب. مع الاشارة الى ان الرواتب والاجور ومعاشات التقاعد الحالية تشكل نحو 35% من اجمالي الانفاق العام.
- سلّة ضريبية تستهدف تحقيق ايرادات بنحو 2436 مليار ليرة اي في حدود 1,6 مليار دولار.
ولكن ما هي ابرز زيادات الضرائب، وكيف ستنعكس على الاقتصاد والمواطن:
- رفع معدل ضريبة الفوائد على الودائع المصرفية من 5% الى 7%: هذه الزيادة يمكن ان تحقق ايرادات في حدود 300 مليار ليرة. الا ان الجانب السلبي فيها يكمن في انها تمسّ فئة من المتقاعدين من القطاع الخاص الذين يودعون تعويضات صرفهم في المصارف ويعتاشون من الفوائد التي تحققها.
- زيادة معدل ضريبة الدخل على ارباح الشركات من 15% الى 17%: نرى أن هذه الزيادة ما زالت محدودة، خصوصاً اذا ما قارنا معدلات الضريبة في دول اخرى. مثلاً يصل في فرنسا معدل الضريبة على الشركات الى ثلث الارباح. كما ان صغار المكلفين بضريبة الارباح في لبنان يخضعون الى شطور ضريبية تصاعدية تبدأ بـ 4% وتنتهي عند 21% بالنسبة الى الارباح التي تتجاوز 104 ملايين ليرة. فلماذا لا تخضع الشركات لهذا المعدل التصاعدي اسوة ببقية المكلفين؟
- زيادة معدل الضريبة على القيمة المضافة من 10% الى 11%: من المتوقع ان تدخل هذه الزيادة الى الخزينة ايرادات في حدود 320 مليار ليرة، الاّ انه يخشى من ان تؤدي هذه الزيادة الى انخفاض معدلات الاستهلاك، كما انه يخشى استغلال هذه الزيادة من بعض التجار لرفع الاسعار.
- زيادة معدلات رسم الطابع المالي من 3 بالالف الى 4 بالالف، بالاضافة الى زيادة رسوم الطابع المالي المقطوعة على فواتير الهاتف، والفواتير، والايصالات، والسجل العدلي، وغيرها من الصكوك، علماً ان هذه الرسوم تمس المواطن العادي الذي يجري معاملاته امام الادارات الرسمية والقضائية.
- زيادة ضريبة المادة 45 من قانون ضريبة الدخل من 10% الى 15%: تتعلق بالربح الناتج من اعادة تخمين الاصول الثابتة والتفرّغ عن المؤسسة التجارية أو احد عناصرها، واثر هذه الزيادة سيكون محدوداً في ظل الاوضاع الاقتصادية المنكمشة. بالاضافة الى مجموعة اخرى من الضرائب والرسوم التي تتعلق برسوم مغادرة المسافرين، وزيادة الضريبة على المشروبات الروحية وغيرها.
في مقابل هذه الزيادة الضريبية، يقترح القطب مجموعة من الضرائب التي يمكن أن تحقق برأيه زيادة في الايرادات من دون المساس بالطبقات محدودة الدخل او التأثير سلبا على النشاط الاقتصادي ومنها:
- تنويع معدلات الضريبة على القيمة المضافة وعدم فرضها بمعدل واحد، كما هي الحال في فرنسا، وتالياً يمكن حصر الزيادة بالسلع الكمالية وبمعدلات تؤدي الى تحقيق ايرادات فعلية.
- اخضاع ارباح التفرغ عن اسهم الشركات لضريبة الدخل "الباب الثالث" بمعدل 10%، خصوصاً الشركات العقارية التي تستخدم للتهرّب من رسوم التسجيل العقارية.
- اخضاع الحسابات المصرفية المنتقلة الى الورثة لرسم الانتقال وعدم التذرع بالسرية المصرفية، فيمكن للمصارف ان تقتطعها وتؤديها الى الخزينة، كما تقوم حاليا باقتطاع ضريبة الفوائد وتأديتها.
- اخضاع الودائع بين المصارف لضريبة الفوائد، على الرغم من ان حجم هذه الودائع مهم وهي منتجة للفوائد.
- اخضاع الشركات للضريبة التصاعدية شأنها شأن سائر المكلفين بضريبة الدخل على الارباح، اي الخضوع للشطور التصاعدية، بصورة تحقق المساواة امام الاعباء العامة.


لا ضبط للانفاق الاّ بمكافحة الفساد
من البديهي القول أنه في ظل تزايد الانفاق العام، ثمة خطوات جدية يجب يتم اتباعها لمكافحة الفساد المستشري في القطاع العام وخصوصاً مع تصنيف لبنان في المرتبة 136 من مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، ويتطلب ذلك، وفق قطب، اتخاذ مجموعة من الخطوات اهمها:
- ادارة شفافة وذات صدقية لعملية تلزيم الصفقات العامة، بحيث لا تقتصر على فتح العروض واختيار العارض الافضل، بل تمتد الى وضع دفاتر الشروط والمشاركة في صوغ عقود تراعي المصلحة العامة.
- توحيد مستويات الرواتب والاجور التي تدفع في القطاع العام بالنسبة الى الوظائف المماثلة.
- توحيد الصناديق المانحة للتقدمات الاجتماعية داخل القطاع العام والحدّ من التفاوت في التقدمات المتعلقة بالاستشفاء ومنح التعليم وغيرها من التقدمات.
- وضع حد للتوظيف العشوائي، وحصر التعاقد والتوظيف بمجلس الخدمة المدنية.
- ايجاد حل جذري لمشكلة مؤسسة الكهرباء، لانها تستنزف المالية العامة منذ اكثر من عقدين ولا تزال، عدا عن عدم قدرتها على تقديم الخدمات الكافية لحاجات المواطنين.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم