الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

المرض الوراثي يفاقم معاناة عائلة نازحة... "من الصعب رفض زواج القرابة"

طرابلس- رولا حميد
المرض الوراثي يفاقم معاناة عائلة نازحة... "من الصعب رفض زواج القرابة"
المرض الوراثي يفاقم معاناة عائلة نازحة... "من الصعب رفض زواج القرابة"
A+ A-

جاءت الأحداث السورية لتفاقم معاناة عمر محمد حمدو، وعائلته، واقاربه. فإثر التهجير الذي طاولهم في ريف حماة جراء الأعمال العسكرية، حيث هدمت منازلهم، لجأ عمر، وعدد من عائلته واقاربه، ويصح القول، أبناء عشيرته، إلى لبنان، وأقاموا بجوار طرابلس، واتخذوا من غرفة في مجمع سياحي مهجور مكانا للجوئهم، على غرار عشرات العائلات السورية النازحة.


المكان غريب على النازحين، والبيئة مغايرة لبيئتهم، لكنهم تأقلموا مع الأجواء، ورتبوا إقامتهم التدريجية بضبط الغرفة لتتحول منزلا يتسع للعديد منهم، واكتفوا، كما في الريف، بالبسيط من الفرش، بساط أرضي، وبعض فرشات اسفنج تحوط أرض الغرفة، ومدفئة ترد برد الشتاء.


كل تلك الأمور سهلة بالنسبة لقوم اعتادوا خشونة الحياة، وتصلبوا في مواجهة قساوة البيئة والمناخ. لكن ما يقض مضاجع عمر وأهله، هو ما يعانيه عدد من أبنائهم، من تشوهات خلقية في الهيكل العظمي، خصوصا في الأطراف (الأيدي والأرجل)، وما ينجم عنها من ارباك في التنقل، وقضاء حاجات الحياة.



 


والقصة أن العائلة تحمل في عناصرها الوراثية تشوهات الهيكل العظمي، فتتكرر الحالة لدى العديد من أبنائهم بسبب الزواج الداخلي في العائلة أو العشيرة. فهم لا يزالون يعيشون على علاقات القرابة، حيث كان من المفروض، دون خيار، أن يتم التزاوج فيما بينهم من الأقارب، وتحديدا من أولاد العم والخال.


لمحمد حمدو خمسة ابناء، ثلاث بنات وصبيين، لا يزيد عمر أكبرهم على الثلاثة عشر عاما، كما قال. الصبيَان يبدوان بصحة جيدة، ولا يعانيان أي صعوبة، أما البنات الثلاثة، آيات، وزينب، ومروى فيعانين من التواءات الأيدي والأقدام، بطريقة متشابهة ومتكررة فيما بينهم.


روى عمر أن آيات عانت من ضيق تنفس لدى الولادة، ونقص تلقي الاوكسجين. وجرت معالجتها في سوريا، وتحسنت حالتها، وبقيت تعاني من مشاكل ناجمة عن التواءات الأطراف، وقال إن الثانية، وهي زينب، تعاني من الأعراض عينها، ولم تنفع معها العمليتان اللتان أجريتا لها في سوريا قبل النزوح إلى لبنان. أما مروى التي ظلت حتى سن الخامسة، السن الذي استطاعت المشي فيه، فقد تحسنت حالها بعض الشيء، لكن حركتها بطيئة، وتعاني صعوبة في المشي، والحركة بصورة عامة، وجميعهم يحتجن لمن يساعدهن في قضاء حاجاتهن المختلفة في الحمام.


وتنضم إلى البنات الثلاثة، ابنة عمهن، وهي تعاني ايضا من المشاكل عينها. ثم يأتي ابن خالهم محمود، الذي ناهز العشرين من العمر، وبسبب وضعه المشابه، لم يستطع العمل خلافا لأبناء جيله. ويقول: "حركتي صعبة، ولم يساعدني أحد، ووالدي فقد في الأحداث، وانتظر إجراء عملية جراحية وبعدها يمكن أن أتمكن من العمل أسوة بكل أبناء جيلي، وقد نصحني طبيب من سوريا عندما كنت في الثانية عشرة من عمري أن انتظر بلوغ السابعة عشرة كعمر أفضل لإجراء عملية جراحية"، مع العلم أن له شقيق أكبر منه لكنه يعمل، وله شقيقتان صغيرتان.


بجوار العائلة، يقيم لبنانيون حاولوا مساعدة العائلة على تخطي الصعاب بتأمين فرصة من جمعيات دولية من شأنها أن تساعد في إجراء العمليات، وقد جرت الاتصالات مع جمعية يابانية وعدت بالحضور للكشف على الأولاد، وهم لا يزالون بانتظار الجمعية منذ شهور.



 


يعرف كبار العائلة أن سبب إعاقة ابنائهم هو زواج القرابة، ويقولون انهم لا يملكون رفض الزواج فيما بينهم لأنهم يعيشون حياتهم التقليدية كما اعتادوا منذ القدم، "هذا امر صعب"، وليست البدائل متوافرة لهم، خصوصا في غربتهم التي لم يتوقفوا التوالد فيها.


وقد روى أحد الأشخاص الذين حاول مساعدتهم، وآثر عدم ذكر اسمه، أن كل الأولاد منهم يعانون من التواء العمود الفقري بسبب طريقة المشي العوجاء الناجمة عن تركيبة أقدام كل واحد منهم، مما ينعكس على العمود الفقري، فيلتوي، وتتفاقم بذلك صعوباتهم الحياتية.


ليست العائلة سعيدة بطبيعة الحال بإقامتها، خصوصا أنها تعيش على المساعدات، والأعمال الخيرية، وبعض دعم من منظمات دولية، ويصرح أبناؤها، أنهم يتوقون للعودة إلى بلدهم، بانتظار هدوء الأحوال، ووقف الأعمال العسكرية، علهم يستطيعون متابعة مشاكل ابنائهم، وإجراء عمليات جراحية تحسن من أوضاعهم.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم