الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

سميراميس إمرأة مثيرة أحيت سيرتها الميزو - سوبرانو أنّا بونيتاتيبوس \r\nإحدى عشرة تحفة أوبرالية أعادت التاج إلى ملكة بابل

مي منسى
سميراميس إمرأة مثيرة أحيت سيرتها الميزو - سوبرانو أنّا بونيتاتيبوس \r\nإحدى عشرة تحفة أوبرالية أعادت التاج إلى ملكة بابل
سميراميس إمرأة مثيرة أحيت سيرتها الميزو - سوبرانو أنّا بونيتاتيبوس \r\nإحدى عشرة تحفة أوبرالية أعادت التاج إلى ملكة بابل
A+ A-

وجاءت سميراميس في الليلة الخامسة من "مهرجان البستان"، يضيء تاريخها الحافل بالحب والسلطة والخيانات والندم، غناء الميزو - سوبرانو، آنّا بونيتاتيبوس، ذات الحنجرة التي لا حدود لطاقاتها، وذاك الجسد الملآن، الفارض رهبته، ممتطياً صهوة خيل جامحة، تعبر الأزمنة، لبلوغ في كل لحن وآريا، قدر هذه المرأة المثيرة.
لأجلها، استعارت آنّا بونيتاتيبوس، من حرير ملابسها، ما جعلها تكون هي، في هذه الليلة التي تسلسلت عليها إحدى عشرة آية من الزمن الباروكي. سميراميس، ملكة بابل، أسطورة وواقعاً، تعود من الأزمنة الغابرة، لتتألّق بصوت هادر كالغضب، عذب كالعشق، نائح كالألم، وتسمو به إلى الخلود.
الافتتاحيات في عمل أوبرالي، كان لدورها أن تستقلّ عن الغناء، وتعد العدّة له، حتى إذا دخلت الملكة، تكوّمت الأوركسترا في ذوبان مدهش بمسام الصوت، بعازفيها، ماركو مارزوكي على البيانو، لندسي جو كليزر على الهوبوا، فيليبا ليما على الفلوت، إرينا زناشكو وفيديريكو هويوس على الكمان، فلاديمير تشاشنكو على الفيولا، وكارن كوشاريان على الشيللو. هؤلاء كانوا رعاة هذا الدفق الهائل من مراحل حياة سميراميس، المصوغة في نبرات الآريا المعبّرة عنها.
أنطونيو كالدارا المعتّق بين المختارين لهذه الليلة، أعطى سميراميس أن تقرأ غيبها. دخلت بونيتاتيبوس في زيّ من ذاك الزمن، بلون الرمال، لا للغناء وحسب، ذلك أن حضورها الطاغي فرض عليها أن تكون قائدة للأوركسترا كما قائدة لجيش بابل. من قصيدة الكونت جيليو بارييه أنشدت: "كجزيرة غير آهلة في قلب الليل/ الكل يرى ويرسم من وحيها ملكة/ لكن المرأة لم تكن أبداً محبوبة".
في حنجرتها ما يشبه هدير امرأة ترفض الانكسار. تلمّ النغم في حنجرتها وتطلقه بارتعاشات صوتها لتكيّل به قدر ملكة من تلك الأزمنة. لقد وعدت مينيا بالزواج منه، لكنّها أحبت نمرود ملك اشور، وبزواجها منه أصبحت ملكة. النصر في شدوها، وفي هدهدات جسدها، والسلطة في يدها حين على موسيقى جورج هاندل تخرج السجين سيالتي من أسره وتقيم معه علاقة مشبوهة. موسيقى هاندل تزأر، والعشيق يتّهمها بالخيانة. الشدو ينطلق في آن واحد من أنثى جريح ومحاربة لا تنطوي.
المؤلّف الباروكي نيكوللو جوميللي، أحاط سميراميس بعطفه. الغناء المكسو باليأس يجد من يبوح إليه. سيتالسي، هذا القلب الرحوم لم تكن تعرف أنّه ابنها.
في الفقرة الثانية تدخل بثوب أحمر ناري، وفي نياتها الثأر من الذي اتهمها بالخيانة. لكن الغيرة تتأكلها حين تعلم بزواجه من تاميري. كريستوف غلاك، واضع موسيقى راقصة باسم سميراميس، يجعل الغناء عنصراً أساسياً في مواجهة سميراميس قدرها. ارتعاشات الكمانات تنعى دراما في المملكة. فردينان برتوني في ختام الجزء الأوّل، يرسم بالكمانات الحزينة والفلوت الرثائي، ضياع ملكة.
بثوب أسود، لون الانكسار، ها هي المحاربة في قفص نمرود الملك الاتهامي. الكمانات تدعو الفارسة المتمسّكة بأمل الخلاص، إلى الغناء. الغناء العاصف من حنجرتها يتحوّل إلى ميلوديا عذبة، تعبيراً عن غرقها في الحزن. آنّا بونيتاتيبوس، أخرجت من ذخيرة أوتارها ما يقتلع من القلب أسى ولوعة. البيانو يرافقها في هلوساتها. روح الملك نمرود تخرج من قبره ليؤجّج ذنوبها. الملكة المحنّكة تجد نفسها في سنفونيا فرنشيسكو بيانكي، تحت سلطة الموت. جيوفاني بايزييللو كتب من وحي سميراميس قدرة الحياة لديها إلى أن انطلقت الأوركسترا تعزف موت سميراميس. تعود بونيتاتيبوس في زي أبيض ناصع كالرؤيا في موسيقى "موت سميراميس" لسباستيانو نازوليني. هنا يتم لقاؤها بابنها في مقاطع متتالية من شارل - سيمون كاتيل وروسيني ومانويل غارثيا. إبنها يستمع إلى مرثاتها، بعذوبة كلامه يعيد إليها عزّ الملك وتاج امرأة فارسة. الموسيقى تهدهدها. يتراجع الموت كي تكتمل سيرة ملكة، للتاريخ.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم