الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أي سياسة خارجية وسط اتساع "الهوامش" ؟ \r\nالتمايز في المواقف يحيي إشكاليات الانقسام

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

خلال الاسبوع المنصرم تبدت عناوين خلافية في السياسة الخارجية ولو تمت لملمتها بسرعة لكنها شكلت مؤشرات اولى على ان " تجميد " الخلافات وفق التعبير الذي استخدمه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالذات قد ينجح في بعض الملفات لكن ليس في كل الملفات. فرئيس الجمهورية حدد في خطاب القسم عناوين لم تثر اي حساسية خارجية او داخلية بل اثارت ارتياحا ساهم في تثبيت انطلاقة الرئيس عون في اولى زياراته الخارجية في اتجاه محاولة رأب الصدع مع الدول الخليجية التي حصلت معها شروخ قوية نتيجة مواقف معروفة. كان برنامج عمل الرئيس بمثابة خريطة الطريق التي قد توفر على لبنان الدخول في محاور خلافية والصراعات الاقليمية باعتبار انه حدد" اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي" كما جاء في الخطاب. وما حصل حتى الان في بعض المحطات قارب تجاوز هذه الخطوط بهوامش كبيرة . فما اطلقه الرئيس عون بداية في الموقف من النظام السوري في حديث الى محطة فرنسية كان مؤشر الى امكان حصول خلافات في مقاربة السياسة الخارجية باعتبار ان موضوع النظام السوري وسبل التعاطي معه هو نقطة خلاف رئيسية يرجح الا تقتصر مفاعيلها على الداخل فحسب . ثم كان الموقف الذي اطلقه الرئيس عون من سلاح" حزب الله" والذي اثار رد فعل داخليا واخر من الامم المتحدة والذي سرعان ما استتبع بموقف للامين العام لـ" حزب الله " السيد حسن نصرالله" من تهديد اسرائيل وشن حملة على الدول الخليجية. اذ انبرى كل من "تيار المستقبل" ورئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع الى الرد على مواقف السيد نصرالله . وتوزعت التفسيرات لكلمة الامين العام للحزب التي استهدفت دولا خليجية والتي تزامنت مع جولة قادت الرئيس الايراني حسن روحاني الى كل من عمان والكويت في مسعى لبدء مساع فتح للابواب العدائية بين هذه الدول وايران في الوقت الذي رددت مصادر ان لا "تيار المستقبل" ولا "القوات اللبنانية" يمكنهما ان يتحملا استهداف الدول الخليجية بما يجعلهما يخطان موقفا منفصلا يسعى الى موازنة موقف السيد نصرالله في الواقع الداخلي للتعاطي في السياسة الخارجية . سبق ذلك اطلالة كل من الرئيس سعد الحريري والدكتور جعجع يدا بيد في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري والتي اعتبرها البعض تتويجا لمساعي الموفد السعودي الى بيروت ثامر السبهان . لكن اضطرار الحريري وجعجع الى اعتماد موقف مما قاله السيد نصرالله يضع الرئيس عون في موقع دقيق علما ان الحكومة هي التي تقرر السياسة الخارجية التي يتعين اعتمادها ولم يبد احد اعتراض على تصحيح رئيس الجمهورية ما شاب العلاقات السابقة مع دول الخليج انطلاقا من ان موقعه الرئاسي مختلف عن موقعه خارج السلطة. وكان الرئيس الحريري اعتمد اسلوبا ميز نفسه عن موقف رئيس الجمهورية من موضوع سلاح الحزب ومهمته من دون ان يظهر في موقع التضاد او الخلاف معه مع الاصرار من جانبه على ان زمن الخلافات ولى ولا مجال للانقسام الداخلي . لكن الامر تخطى العلاقات في الداخل الى الخارج ايضا. فهذا التمايز في المواقف سرعان ما سيطرح اشكالية امام الدول التي تتعاون مع لبنان. فالتغريدة التي علقت بها ممثلة الامين العام للامم المتحدة سيغريد كاغ على موقف رئيس الجمهورية من سلاح الحزب وحذرت من ان يعتبر ذلك تجاوزا لالتزام لبنان القرارات الدولية اثارت استياء بالغا لدى القصر الجمهوري فاستدعت الخارجية اللبنانية كاغ لابلاغها اعتراضها على التغريدة ولم يستقبل وزير الخارجية الديبلوماسية الاممية بل كلف مديرا في الخارجية هذه المهمة في خطوة لا تستبعد مصادر معنية في بيروت ان تكون متصلة بالخلاف بين الوزير باسيل والمنظمة الدولية حين رفض وزير الخارجية اللبناني استقبال الامين العام السابق للامم المتحدة بان كي مون في اثناء زيارته لبيروت وذلك قبل انتخاب العماد عون.


ومع ان هذه المصادر تقول ان الاعتراض اللبناني يتصل بكون السيدة كاغ علقت على موقف رئيس الجمهورية عبر تغريدة وكان يفضل لو نقلت تحفظاتها مباشرة الى القصر الجمهوري على حد تعبير هذه المصادر ، فان ذلك لا يغفل واقع ان الموقف الرئاسي اثار نقزة يمكن ان تسجل على لبنان، لو لم يتم توضيحها ، بقطع النظر عما اذا كانت العلاقات مع الامم المتحدة في افضل احوالها ام لا في الوقت الذي ليس من مصلحة لبنان ذلك بل على العكس نتيجة حاجته الماسة الى المؤسسة الدولية على مستويات عدة.
اي سياسة خارجية اذا للبنان ؟ وهل يمكن التفاهم على المواقف قبل اطلاقها ام انها ستكون عرضة للتجاذبات المعروفة انطلاقا من انها ستكون المؤشر على ان لبنان انجز تسوية لمرحلة انتقالية موقتة في غياب التفاهم على الاساسيات. البعض يخشى ان غياب عناصر تسوية متكاملة تشمل التفاهم على نقاط محورية من شأنه ان يفتح الباب او يشرعه على خلافات تم السعي سريعا الى تطويقها في مرحلة لا تزال تعد بمثابة شهر العسل بالنسبة الى انطلاقة العهد الجديد . لكن مطلعين يقولون ان ثمة تفاهما حصل على نقاط معينة على غرار الموقف من النظام السوري والانفتاح عليه لكن في ضوء الموقف الذي اعلنه الرئيس عون ثم دعوة السيد نصرالله الى التفاوض مع النظام حول مسألة النازحين فانما ذلك يثير الخشية من ان تكون السياسة الخارجية احد ابرز فصول الخلافات في المرحلة الطالعة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم