الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

أخطر ما في الاختلاف على مواضيع مهمة أن يتحوّل خلافاً بين رأسَي السلطة التنفيذية

اميل خوري
A+ A-

الى متى يستمر الاختلاف بين أهل السلطة وأهل السياسة على مواضيع مهمة مثل سلاح "حزب الله" والوضع في سوريا والعلاقة مع الدول العربية، ولا سيما منها السعودية ودول الخليج، والمحكمة الدولية، ولا يتحوّل خلافاً حاداً يدخل البلاد في المجهول؟


لقد أكد الرئيس سعد الحريري في كلمته لمناسبة ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد وجود هذا الاختلاف، وقال إنه فاوض وساوم من أجل الحفاظ على الاستقرار، لكنه "لم ولن يساوم على الحق والثوابت والمحكمة الدولية والنظرة الى نظام الأسد وجرائمه، والموقف من السلاح غير الشرعي والميليشيات، ومن تورّط حزب الله في سوريا وغيرها وغيرها، وليس هناك توافق على كل هذه المواضيع لا في مجلس النواب ولا على طاولة الحوار، لكن ما يحمي البلد هو أن هناك إجماعاً حول الجيش والقوى الشرعية والدولة، فقط الدولة".
والسؤال المطروح هو: هل في إمكان القادة في لبنان أن يتوصلوا الى اتفاق على هذه المواضيع، أم أنها ستظل موضوع اختلاف الى أجل غير معروف ولا أحد يعرف متى تتحول خلافاً يفجر الحكومات أو يهزها ويرمي البلاد في أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات؟
إن استمرار الاختلاف حول هذه المواضيع تحول في الماضي خلافاً أسقط حكومة الرئيس سعد الحريري ولم يحمها من هذا السقوط لا "اتفاق الدوحة" ولا "ربط النزاع"، وخلفتها حكومة اللون الواحد برئاسة نجيب ميقاتي التي أثبتت بقلّة إنتاجها أن لبنان لا يحكم من فريق واحد. ومع ذلك فإن تلك الحكومة استقالت احتجاجاً على تدخل "حزب الله" عسكرياً في سوريا من دون العودة الى مجلس الوزراء، لأن هذا التدخل يخالف سياسة "النأي بالنفس" التي اعتمدتها ونالت ثقة مجلس النواب على أساسها، كل ذلك خدمة لإيران. واستمرار الاختلاف تحوّل خلافاً حال دون انتخاب رئيس للجمهورية مدة سنتين ونصف سنة، ومن دون الاتفاق أيضاً على تأليف حكومة برئاسة تمام سلام تسد الشغور الرئاسي إلا بعد 11 شهراً وبعد تدخل خارجي سهَّل تأليفها. وأمل الناس بعد الاتفاق على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتأليف حكومة ثلاثينية تتمثل فيها الغالبية العظمى من القوى السياسية الأساسية في البلاد برئاسة سعد الحريري، في أن تدخل البلاد عهد الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي ويكون للعهد سياسة رسمها الرئيس عون في خطاب القسم الذي حظي بإجماع كل القوى. لكن تبيّن بعد مرور وقت قصير أن "حليمة" لم تغيّر عادتها فعاد الاختلاف على سلاح "حزب الله" وعلى الحرب في سوريا وعلى العلاقة مع السعودية ودول الخليج التي عاد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى تعكيرها بعدما نجح الرئيس عون خلال زيارته لها في إعادة الصفاء إليها. وهو اختلاف بلغ بين أهل الحكم وأهل السياسة الذروة وبات يخشى أن يتحوّل خلافاً في أي وقت وتكون له عواقب وخيمة إذا لم يبقَ محصوراً بالاحزاب لأن ما من خلاف حصل بين ر ئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إلا نتجت منه كوارث على الوطن والمواطن.
فالاستقرار العام لم يكن يتحقق إلا باستمرار التفاهم والتعاون بين رأسَي السلطة التنفيذية لأن أي خلاف خارجهما يظل قابلاً للعلاج. واذا كان لا مصلحة لأي من الرئيس عون والرئيس الحريري في أن يتحوّل اختلافهما حول مواضيع مهمة الى خلاف قد يكون ممنوعاً من الدول الشقيقة والصديقة للبنان، فإن هذا الاختلاف يؤمل أن يزول عند التوصل الى اجراء انتخابات نيابية ينبثق منها مجلس نيابي يحسم هذا الخلاف، أو تتولى التطورات في المنطقة حسمه بحيث تزول أسباب الاحتفاظ بأي سلاح خارج الدولة، ليس في لبنان فحسب بل في كل دول المنطقة، ولا يعود ثمة اختلاف على الوضع في سوريا عندما يحسمه حل يجعل لبنان يتعاطى مع سوريا في ضوء هذا الحل.
لذلك فالمطلوب من أهل السلطة أن يظلوا محافظين ولو على الحد الادنى من التفاهم والتعاون بقبول سياسة الاختلاف من دون تحويله الى خلاف، وباعتماد سياسة "ربط نزاع" الى أن تساعد التطورات في المنطقة والتي تدخل فيها مصالح الدول الكبرى على حل مشكلة السلاح خارج الدولة، وعلى التعاطي مع دول المنطقة في ضوء الوضع الذي تستقر عليه، حتى إذا صدر حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه لا يكون لصدوره ارتدادات واهتزازات داخلية تجعل لبنان نفسه في حاجة الى حل...


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم