الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ترامب والخلل في الإمبراطورية!

راجح الخوري
A+ A-

عندما يقول بنيامين نتنياهو "إن دونالد ترامب هو الرئيس الأميركي الأكثر دعماً لإسرائيل"، فهو يعرف انه يمسكه من خناقه، ليس لأن ترامب أغدق وعوداً على إسرائيل لا يمكن الفكاك منها، ولا لأنه يعيش تقريباً في عائلة يهودية، بين صهره جاريد كوشنير وابنته إيفانكا، التي شاهدناها تعانق سارة نتنياهو كما تعانق والدتها ميلانا، التي انتقلت من نيويورك الى البيت الأبيض لئلا تغيب عن اللقاء الحميم لـ"العائلة الإسرائيلية الواحدة".
لا ليس لكل هذا، بل لأن نتنياهو الذي سبق له ان حاصر باراك أوباما في الصحافة الأميركية ثمانية أعوام، لمجرد انه دعاه الى وقف الإستيطان، يعرف تماماً ان خنق ترامب سيكون أسهل بكثير، اذا لم يتعامَ ليس عن وقف هذا الإستيطان، الذي يكاد ان يبتلع القدس الشرقية والضفة الغربية، بعد قرارات التوغل في اقامة ستة آلاف وحدة سكنية جديدة، بل عن كل ما يتصل بنظرية إقامة الدولتين، التي بدا ترامب في مؤتمره الصحافي مع نتنياهو كأنه يحاول التملص منها، بالحديث السخيف عن إمكان البحث عن حلول أخرى!
ليس خافياً أي فوضى تلك التي تحيط بالإدارة الأميركية الجديدة، كما ليس خافياً ان ترامب ينخرط في معركة تكاد ان تدمّر هيبة الدولة الأميركية، سواء مع الوسائل الاعلامية، التي تقدر ان تجعل عهده جحيماً من الفضائح والتسريبات، أو مع السلطة القضائية التي أحبط بعض قضاتها قراره بمنع دخول المواطنين من سبع دول ذات غالبية إسلامية، خصوصاً انه يستعد الآن لخوض مواجهة جديدة مع هؤلاء القضاء لن تكون لمصلحته على الإطلاق.
هناك مقالات متزايدة في الصحافة الأميركية المحترمة، بدأت تتخوف من ان تكون الفوضى الفضائحية، التي رافقت وصول ترامب الى البيت الأبيض والتي تتسع وتتزايد، وقد أدت الى إستقالة عدد من المسؤولين الذين إختارهم لمناصب حساسة ولا سيما منهم مايكل فلين، بداية شروخات تصيب هيبة الولايات المتحدة ويمكن ان تؤثر في تماسكها الداخلي، وخصوصاً عندما تظهر تقارير تتحدث صراحة عن تراجع قوة الجيش الأميركي، الذي تدنّت موازناته في الأعوام الأخيرة.
لقد بدت زيارة نتنياهو لواشنطن كأنها تمثّل اعلاناً رسمياً لسقوط نظرية اقامة الدولتين، وكان يكفي ان يتأمل المرء في صورة ترامب وضيفه وزوجتيهما في المكتب البيضاوي لكي يدرك ان كل ما قاله ترامب عن بدائل ممكنة انما هو من الترهات، التي ان دلت على شيء فعلى الضياع المتمادي الذي يسيطر على القرار الأميركي منذ وصول ترامب الذي يتصرف بطريقة سطحية وكأنه يدير امبراطورية بذهنية الرجل الذي يدير برجاً في منهاتن!
لكن السؤال الأعمق سيبقى دائماً: هل كل هذا نتيجة سطحية ترامب أم سطحية الناخب الأميركي... ولماذا؟


[email protected] - Twitter:@khouryrajeh

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم