الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

نداء الكورة إلى الرئيس عون

الياس الديري
الياس الديري
نداء الكورة إلى الرئيس عون
نداء الكورة إلى الرئيس عون
A+ A-

مباشرة إلى عناية فخامة الرئيس ميشال عون، وبثقة تامة أنه سيولي هذا النداء كل اهتمامه، وسيلبّي الاستغاثة:


لا شكّ في أن فخامتكم تعرفون قضاء الكورة جيّداً وعن كثب، وتعرفون هذا القضاء، بل هذه الكورة بكل ما كانته، وفي الزمن الذي كان يُقال عنها عندما تُذكر "الخضراء". أو منطقة الحوار الفكري والعقائدي والعلمي والثقافي ورمز العيش المشترك حتى الانصهار.
بكل ألَمٍ وأسفٍ، لم تعد تلك الكورة موجودة. غابت بل ولَّت، لتحلَّ مكانها كورة الاهمال الكامل، والفراغ الكامل، وعرضة لشتّى أنواع التشويه واللامبالاة واللااكتراث.
كأنّ كورة الزمن الراقي والجميل قد هاجرت، وهاجر معها كلُّ الذين كانوا يملأون ساحات الحوارات، ويزوِّدون بيروت بأجيال مُتخصِّصة في أرقى حقول العلم واختصاصاته.
كانت الكورة جنَّة تعايش الصراع العقائدي، والنموذج الكامل والراسخ لتفهُّم الآخر بأرقى وأعمق مظاهره ومعالمه ومضمونه. ولا تزال في هذا المضمار قدوة تُحتذى.
الشاعر الكبير "الأخطل الصغير" الذي عشق الكورانيَّة سلمى وذاب شِعرُه في شعرها حتى ذاب بها، أطلَّ على عالم الشعر والشعراء بإبداعٍ تجلِّى في قصيدة حول تلك الكورة:
مَنْ كانت الكورةُ الخضراء منبته / فليس ينبت إلّا المجدَ والجاها
لبنان ما لفراح النسر جائعة / والأرض أرضك أعلاها وأدناها
كأن ما غرس الآباء من ثمر / لغير أبنائهم قد طاب مجناها...
هذه الكورة موجوعة اليوم، متألّمة، مقهورة، ليس لها، في معاناتها ووحدتها، مَنْ يشاركها في همومها، ويرفع عنها هذا التجنّي البيئي والصحي، وعلى كرومها وزيتونها وحقولها التي باتت بدورها ضحيَّة الوحدة والتسيُّب.
أما زيتونها فقد غدا أقرب إلى الأيتام، وفي أفيائها وقراها ودروبها ما يُشبه الهجرة، وحيث كل ما فيها أصبح عرضة للسموم والاستلشاق، والاستباحة من معامل وأضرار مختلفة المصدر.
لا، لم تعد ثمة مراكز للثقافة والمعرفة، ولا بقيت آثار لمكتبات عامة، ولا مكان لمحاضرات، أو لقاءات، أو مناسبات تعيد إلى الكورة المسيَّجة بالضجر والإهمال شيئاً من بعض ما كانته وكان لها.
ولـ"النهار" جولات وصوْلات في الكشف عمّا تعانيه هذه الكورة التي تحتضن اليوم جامعة البلمند الغنيَّة عن كل تعريف. وستظل تتفقَّدها.
تبدو عن قرب كأنها مهجورة لا أب لها يسأم.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم