الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

إلغاء المادة 522... المغتصِبون الى السجون والنساء يتطلعن الى المزيد

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
إلغاء المادة 522... المغتصِبون الى السجون والنساء يتطلعن الى المزيد
إلغاء المادة 522... المغتصِبون الى السجون والنساء يتطلعن الى المزيد
A+ A-

في بلدٍ تعتبر فيه المرأة اللبنانية حرَّة، متعلمة، متحضرة وعاملة، حاول المشرِّع التقليل من دورها فحرمها حقها في منح أبنائها الجنسية اللبنانية، وحرمها من الكوتا في الانتخابات النيابية حتى الآن، ووقف إلى جانب الرجل في مسألة الحضانة، وغطَّى العنف الأسري تحت ستار جريمة الشرف أحياناً مبرراً الأذى المعنوي والجسدي وصولاً إلى حدَّ القتل. ولكنَّ إصرار المجتمع المدني مكَّن المرأة من إيصال صوتها والإضاءة على القضايا والملفات العالقة. خطوة جديدة في مسار إحقاق العدالة الاجتماعية لصون حقوق المرأة سجلت مع اعلان رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم بـ"انتهينا من المادة /522/ بحيث ألغيت بالكامل". فما هي بنود هذه المادة؟ وماذا يعني إلغاؤها؟


 


ما هي المادة 522؟
تنص المادة /522/ من قانون العقوبات في لبنان على أنه "إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم (الإغتصاب، الخطف بغية الزواج...) وبين المعتدى عليها أُوقفت الملاحقة، وإذا صدر الحكم في القضية عُلِّق تنفيذ العقاب الذي فُرضَ عليه". وأدى عــدم تعريف كلمة "المرتكب" وتحديدها  في المادة /522/ مــن قانون العقوبات، إلى جدل في الاجتهاد والفقه حول شــموليتها للفاعل والشريك والمحرّض والمتدخل لا سيّما في ما يختص: بوقف الملاحقة، وتعليق تنفيذ العقاب بحق كل منهم، وفق "الخطة الوطنية لحقوق الإنسان" الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان النيابية عام 2008. ولفتت الخطة آنذاك إلى أنَّ الجدل أدى إلى انقسام الآراء اجتهاداً وفقهاً إلى فئتين:

*الأولى: تمثلت في محكمة الجنايات في بيروت (أسوة بالاجتهاد والفقه الفرنسي)، واعتبرت أن لفظة "مرتكب" تشمل فاعل الجريمة والشريك والمحرض والمتدخل؛ ويقتضي تالياً وقف الملاحقة الجزائية بحق جميع المتهمين المشاركين في الجرم؛ سواء الذي تزوج من المعتدى عليها، أو الذي لم يتزوج منها؛ لأن الملاحقة ضد الشريك تؤدي إلى فضيحة يريد القانون تجنبها.



* الثانية: تعتبر أن كل شخص يُساهم في الاعتداء على فتاة أو إمرأة، له صفة الفاعل المستقل. وبالتالي تتوقــف الملاحقة بحق من تزوج الفتاة، وليس للآخرين المشاركين أو المتدخلين في الجرم، الذين يجب أن يحاكمــوا وفقاً للمادة /512/ مــن قانون العقوبات، التي تنص على التشــدد في العقوبة، إذا اقتُرفت الجناية بمشاركة شخصين أو أكثر.



وهذا يعني أنَّ وقف الملاحقة عن مرتكب الجرم بحســب نص المادة /522/ من #قانون_العقوبات يعني إفلات مجرمين كثر من العقاب، لأنَّ هذه المادة تشــمل كل الجرائم الواردة في الفصل الأول المتعلق بالاعتداء على العرض، سواء أكانت ذات صلة بالاغتصاب أو بالفحشاء أو بالخطف؛ مما يظهر مدى الضرر الناجم عنها، إن لم يتم تعديلها بالصورة المقتضاة، بحيث لا يُفلت المجرم من العقاب أو أقله لا يفلت المُساهم في الجرم الذي لم يعقد الزواج الصحيح مع المعتدى عليها.



خطوة أولى في مسار التشريع
في تاريخ 15 شباط 2017، وبعد مرور 7 سنوات على "الخطة الوطنية لحقوق الإنسان" الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان النيابية، وافقت لجنة الإدارة والعدل على إلغاء المادة /522/ من قانون العقوبات اللبناني، وتعديل المواد بدءاً من /503/ وصولاً إلى /521/ تحت الفصل السابع من قانون العقوبات. وتأتي هذه التعديلات بعد مقترح قدَّمه النائب عن حزب "القوات اللبنانية" إيلي كيروز، وتتعلق هذه المواد بالإغواء، والفحشاء، والاغتصاب، والخطيفة. ويُعتبر الإنجاز تشديد المُشرِّع على العقوبات. ومن المرتقب أن تحال هذه التعديلات على الهيئة العامة لمجلس النواب في انتظار دعوة رئيس المجلس إلى جلسة استثنائية لوضع التعديلات على جدول الأعمال والتصويت عليها من دون أي عرقلات لأنَّ رئيس اللجنة النائب روبير غانم كان حريصاً على موافقة كل الكتلة النيابية خصوصاً أنَّ جميعها ممثل في اللجنة. والموافقة هي خطوة أولى للتصويت إيجاباً داخل مجلس النواب.



للقضاء الكلمة الفصل!
"إنَّ القرارات الصادرة عن لجنة الإدارة والعدل انتصار للمجتمع المدني، والمقاربات مع أعضاء اللجنة كانت إيجابية"، هذا ما تؤكده مسؤولة الحملات في جمعية "أبعاد" عليا عواضة في حديث لـ"النهار"، "طالبنا بتعديل المادة /522/ في البدء لنجد أنَّ اللجنة أخذت في الاعتبار المواد من /503/ وصولاً إلى /521/ وهو إنجاز خصوصاً لناحية تشديد العقوبات. ومثال على التعديلات تلك التي طالت المادة /504/ بحيث حُدِّدَت العقوبة بالسجن 3 سنوات كحدٍ أدنى لترتفع إلى ما لا يقل عن 7 سنوات. فيما التعديل الذي طال المادة /514/ التي تنص على أن "من يخطف، بالخداع أو العنف، فتاة أو إمرأة بقصد الزواج عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، لترتفع إلى ما لا يقلُّ عن 5 سنوات إذا كانت الفتاة بالغة، وإلى ما لا يقلُّ عن 7 سنوات إذا كانت قاصراً. كما أشار التعديل إلى أنه في حال تزوجت الفتاة بين الـ15 و18 عاماً لا تتوقــف الملاحقة بحق من تزوجها حتى لو أسقط أهلها الدعوى المرفوعة على الزوج، بل تُحال القضية على مساعد اجتماعي ليضع تقريره بعد مقابلة الفتاة ليرفعه تالياً إلى قاضي الأحداث أو القاضي المدني ليبتَّ الأخير بتعليق تنفيذ العقاب".



تشديد العقوبات
"التشدُّد في العقوبات كان أولوية لجنة الإدارة والعدل"، هذا ما أكده النائب سمير الجسر في حديث لـ"النهار"، معتبراً أنَّ "التعديلات مهمة جداً ونحن بدأنا بها قبل حديث المجتمع المدني عنها ومحاضر اللجان شاهدة على ذلك".
حُكيَ عن تحفظات لدى أحد النواب المشاركين في اللجنة، ماذا عنها؟ "لم يتحفظ أي عضو في اللجنة على إقرار إلغاء المادة /522/ وتعديلات المواد المتبقية لأنَّ إلغاءها من دون الرجوع إلى المواد الأخرى لم يكن ليعتبر تغييراً إذ إنها مرتبطة احداها بالأخرى. وكان هناك تشديد على العقوبات حرِص عليه الجميع".
وعن مرور التعديل في مجلس النواب، يقول الجسر أنَّ "أي قانون يُطبخ في اللجان لا يأخد وقتاً خلال التصويت عليه من الهيئة العامة، قد تحصل أحياناً بعض الاعتراضات خصوصاً تلك التي لا تمرُّ على اللجان، أو القوانين غير المدروسة بشكل كافٍ، فيتمُّ لفت الانتباه إلى النواقص. ولكنَّ هذا القرار سيمرُّ حتماً ولن يأخذ سوى بضع ثوانٍ للتصويت عليه".
خطوة الألف ميل بدأت لإصلاح القوانين المجحفة بحق المرأة علَّها تحصل على العدالة التي تنشدها وتناضل من أجلها في سبيل تعزيز واحترام حقوقها الإنسانية.



[email protected]
Twitter: @Salwabouchacra

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم