السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بين الحرية الإعلامية وحرية التظاهر... ضاعت الحريات

المصدر: "النهار"
حليمة ابرهيم القعقور-أستاذة جامعية ودكتورة في القانون الدولي
بين الحرية الإعلامية وحرية التظاهر... ضاعت الحريات
بين الحرية الإعلامية وحرية التظاهر... ضاعت الحريات
A+ A-

تعتبر الحرية الإعلامية وحرية الصحافة ركناً أساسياً من أركان الدولة الديموقراطية، وهي مكرسة كجزء من حرية التعبير في المواثيق الدولية، كما في مقدمة الدستور اللبناني (ج) وفي القوانين الأخرى، منها قانون البث التلفزيوني والإذاعي وقانون المطبوعات. وتشمل حرية التعبير أيضا التظاهرات والتجمع السلمي.



ما شهدناه من تظاهرات لأنصار حركة "أمل" ضد "تلفزيون الجديد" يمثّل حرية تعبير (الاعلام) ضدّ مظهر من مظاهر حرية التعبير أيضاً(التظاهرات). كأننا نعيش في جنة حريات لكنها مغروسة بحقل من الألغام يحمل خطورة نسف الحريات ذاتها ونسف الديموقراطية.
حرية التعبير ليست مطلقة بل لها حدود. هذا ما أكده الاعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة الرابعة). لذا يجب أن تخضع على حرية التعبير لضوابط وحدود يضعها القانون وحده، وهذا ما أكده القانون اللبناني للمطبوعات (المادة الأولى)، وقانون البث التلفزيوني والإذاعي (المادة الثالثة).
إذا اعتبر مناصرو حركة "أمل" أي فعل أو رأي تعدّياً من "تلفزيون الجديد" على حدود الحركة القانونية، فذلك لا يمكن أن يواجَه إلا في حدود القانون، وليس بوضع الصحافيين والمراسلين في خطر. لماذا لا يتم الاعتراض على "الجديد" بالطرق القانونية، وليحدّد القضاء وجود تخطٍّ للحدود أم لا؟ لماذا لم يكن الإعتصام سلميا؟



حدود الحرية الإعلامية لا تقع عند انتقاد زعيم سياسي أو حزب سياسي، بل عند تخطّي الحدود القانونية. مَن هو الأهم، القانون أم الزعيم السياسي؟ طبعا القانون لأنه يعطي كل فريق حرية وحقوقا متساوية تجعل الطرف الآخر قادرا ً على الردّ في إطار محطة أخرى، أو حتى ضمن المحطة نفسها. الدفاع عن القانون وليس عن الزعيم، يجعل الـ NBN قادرة على الردّ وعلى إنتقاد أي زعيم سياسي آخر ضمن القانون أيضا.
حرية التظاهر مقدّسة وحرية الإعلام والصحافة أيضا. لكن لا يمكن هذه الحريات تخطّي حدود قانونية أساسية منها: أن يكون التحرّك سلميا ًوأن نحافظ على سلامة الإعلاميين. أكّدت أهمية سلامة الإعلاميين والصحافيين في وقت السلم والحرب عبر الكثير من الإتفاقات الدولية وقرارات الأمم المتحدة (قرار 2222 سنة 2015، قرار 1738 سنة 2006، قرار 1894 سنة 2009)، وهي تعتبر شرطا ً ضروريا ً للقدرة على التعبير بحرية.
سياسة الترهيب والتخويف تعتمد على القوة، والقوة ليست دائمة بل تتغيّر مع الزمن. فمن يملك القوة الآن سيتحوّل ضعيفاً لاحقاً. أما من يمتلك قوة الحق والقانون فسيبقى قويا ً دائما ًفي ظل دولة القانون.
فلندافع ولنتظاهر لبناء دولة القانون لكي نبقى جميعا ً أحرارا ً وأقوياء.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم