الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

عهد ووعد

راشد فايد
A+ A-

ليس 14 شباط يوم خير ولا فأل. فيه اغتيل من أراد الخير لكل لبنان، ورأى في بلده جوهرة البلدان، وتفاءل بإمكان عودته الى الطليعة في كل الحقول.


لم يكن رفيق الحريري نبياً أو رسولاً. كان ارادة لم تفتقد الأداة: لم يسع الى تحقيق المستحيل لكنه ابتغى اقصى الممكن، حتى قارب الاستحالة وطوّعها. استخدم كل علاقاته العربية والدولية ليطلق عملية استنهاض اقتصادي- اجتماعي بدا لكثيرين أقرب إلى المستحيل. وفيما عجز سلفاه في حكومتي ما بعد الطائف عن تحديد أولويات إعادة البناء، استطاع أن يتبنى إطلاق أغلب مشاريع النهوض في آن معا.
للمرة الـ 12، منذ 2005، يجتمع محبوه على تجديد عهدهم معه على أن لا أحد أكبر من بلده، وتأكيد الوعد له بحماية العيش المشترك، والمناصفة والسلم الأهلي.
هذه المرة، وأكثر من سابقاتها، يحل 14 شباط في لحظة تجديد الارث السياسي لرفيق الحريري، فيما هدأت المواجهة السياسية الداخلية، من دون تجاهل جذوة الخلاف، وهي رفض استمرار الانشقاق المسلح عن الدولة، ووجود قوة داخلية تقضم سلطتها، وتتبنى غير هويتها الوطنية، وتجعل من ذاتها ودورها أداة لخدمة الخارج، وبإعلان فج الى حد الوقاحة. كذلك يحل 14 شباط في ظل تسوية سياسية قادها سعد الحريري، بين المصاعب والمصائب السياسية ليجنب البلاد الاستمرار في الفراغ الدستوري، وجرها، ربما، إلى مآزق المنطقة وهز استقرارها، من دون التخلي عن الثوابت الوطنية، وفي صلبها وحدانية سلطة الدولة، واستقلال قرارها.
أبرز ما يواكب 14 شباط اليوم، تجديد حيوية "تيار المستقبل" بانتخابات داخلية على كل المستويات، حملت طائفة غير طائفية، من الشبان والشابات الى مواقع القيادة بأفكار متطورة، تغرف من معين الحريرية برؤية تجديدية، وطروحات جريئة، تقرب المغامرة أحياناً.
لكن أبرز ما يسجل على 14 شباط اليوم، غياب 14 آذار ككيان سياسي جامع للسياديين، للمرة الأولى منذ 12 سنة، وإن كان أطرافها السابقون سيتمثلون في مقدم الحشد لإحياء الذكرى. فلولا 14 شباط لما كان 14 آذار، ولولا دماء رفيق الحريري لما كان صبر اللبنانيين على ظلم الاحتلال انفجر في ساحة الحرية رفضا للوصاية الأسدية. فكل تدوير الزوايا الذي برع فيه الشهيد لاستخلاص لبنان من الهيمنة من دون صدام لم ينجه من الاغتيال، فما سيكون عليه حال لبنان في غيابه؟
يستطيع الرئيس سعد الحريري اليوم، 14 شباط، أن يفاخر بأنه يحسن اللجوء إلى الحكمة، والتسوية حين تتهدد المؤسسات بالفراغ، وبأنه، في المقابل، لا يتخلى عن الثوابت، وبأن ما رفعه اللبنانيون في 14 آذار 2005 ليس خاطرة تذهب بها الأيام، بل ثابتة لا تتوارى في غياهب النسيان، قد تستأخرها ضرورات إنقاذ الوطن، لكنها لا تلغيها.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم