الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مؤشرات مقلقة من تصعيد المواقف وتناقضها وخشية من حشر الحريري

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
مؤشرات مقلقة من تصعيد المواقف وتناقضها وخشية من حشر الحريري
مؤشرات مقلقة من تصعيد المواقف وتناقضها وخشية من حشر الحريري
A+ A-

تترقب مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت، بقلق، مسار التطورات في ضوء مؤشرات غير مريحة للوضع الداخلي. فعلى اهمية النقاش حول قانون الانتخاب، وهو ما يفترض ان يكون حيويا ومتنوعا، ثمة خشية الا يكون النقاش القائم يتسم فعلا بطابع النقاش الصحي بمقدار ما يتسم ايضا بالضغوط التي تمارس من جانب البعض، من أجل تمرير قانون انتخاب مناسب لبعض الافرقاء تحت وطأة الوصول الى الفراغ. وهذا يثير خشية كبيرة انطلاقا من قلق على المنحى الذي يمكن أن يتجه اليه البلد، أي المنحى الصدامي، وإن يكن على الصعيد السياسي فحسب. يضاف الى ذلك القلق الاصلي او المبدئي مما يشكله تحالف الرئيس العماد عون مع "حزب الله" من ثقل على الوضع الداخلي. ولم يكن سياسيون كثيرون يتوقعون ألا يكون هناك مد وجزر كبيران، لكن ألا يحصل ذلك على الاقل قبيل الانتخابات النيابية، باعتبار أن فترة عامين ونصف عام من الفراغ تركت البلد مشرعا على تحديات خطيرة من الضروري معالجتها، وفترة الاشهر الفاصلة عن الانتخابات تتيح ذلك. وحتى الآن تزايد حجم الخسائر على الجميع، وفي مقدمها انطلاقة رئيس الجمهورية الذي انتظر ما انتظره للوصول الى رئاسة الجمهورية من أجل أن يكون مختلفا، في حين ان ما بدأه ليس كذلك حتى الان. ومن هنا ضرورة السعي الى لملمة الخسائر وليس توسيع دائرتها. فإذا كان سلاح الحزب وضع جانبا لعدم وجود توافق عليه ولانه ملف اقليمي يعجز لبنان وحده عن بته نظرا الى امتداداته الخارجية، وقد انطلقت التسوية الرئاسية على هذا النحو، فإن استحضاره سيستدرج بداية بذور الخلاف، علما ان قانون الانتخاب بدأ المؤشرات الاولى على هذا الصعيد. والواقع أن هناك أجواء غير مريحة في البلد يخشى ان تكون بدأت تتفاعل على غير المستوى السياسي فحسب، فتترك تاليا كل المساعي لانقاذ البلد مما يواجهه على الصعيد الاقتصادي. وما جرى في الآونة الاخيرة، ان لم يكن علنا بل في الصالونات المغلقة، يظهر وجود عدم اتفاق على لغة موحدة، مما قد يترك لبنان في مهب فوضى ولا مبالاة خارجية، على عكس ما يطمح اليه مع مطلع العهد الرئاسي. هذه الاجواء غير المريحة بدأت تعبر عن نفسها، ولو أن أفرقاء سياسيين كثرا لا يعتزمون الخوض في جدل مع رئيس الجمهورية، لكن مواقفه بدأت تتركهم في موقع حرج ازاء قواعدهم، بما يقتضيهم الرد ولو بالحد الادنى وليس أكثر، انطلاقا من ان رئيس الجمهورية سعى الى توضيح ما قاله عن سلاح "حزب الله"، وقبل ذلك عما يريده من قانون الانتخاب لجهة اختلاف موقفه بين رغبته في اقرار قانون يعطي كل فريق حجمه، ثم التشديد على قانون عادل يتيح تمثيل الجميع. وهذا ما يعني انه اخذ برأي من لفتوه الى ان موقعه الرئاسي يفترض رعاية كل فئات البلد ومواطنيه وليس الاحزاب فقط. كما أن هناك انعكاسات خارجية لمواقف الرئيس، ولو انها مواقفه المعهودة قبل الرئاسة، أخذها بنفسه في الاعتبار من خلال صياغة خطاب القسم الذي حرص فيه على طمأنة الداخل والخارج معا، الذي لم يكن أقل قلقا ازاء انتخابه مما كان عليه بعض الداخل. ومن جهة أخرى، كشفت كل التطورات الاخيرة أن التسوية الرئاسية التي قضت بانتخاب العماد عون للرئاسة وتكليف الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة تكاد تنحصر اقله حتى الساعة في هذين العاملين، فيما يتطلع سياسيون كثر الى معرفة ما اذا كانت هناك اتفاقات على بنود أخرى لا تبدو واضحة المعالم حتى الآن، ربما باستثناء بعض التعيينات او اقرار مراسيم النفط مثلا، علما أن ثمة من يؤكد ان هناك اتفاقا على الذهاب الى الانتخابات وفق القانون النافذ، في حال عدم التوصل الى قانون جديد للانتخابات. لكن التطورات الاخيرة لا تظهر ذلك. والواضح أن القلق الخارجي يتصل ايضا بالخشية ان تساهم مواقف الرئاسة الاولى، ولو عن غير قصد ولالتزامات تتعلق بتحالفات الرئاسة الاولى، في إضعاف رئيس الحكومة استنادا الى مواقف يتناقضان فيها، في حين لا يود الرئيس الحريري، كما أوضح، الاختلاف مع رئيس الجمهورية، ويقاوم قاعدة شعبية لم تتخل عن اقتناعاتها السابقة كليا بعد، ولو انها تثق بزعيمها، وهذا ما يخشى ان يكون مؤذيا جدا لرئيس الحكومة على عتبة التحضير للانتخابات النيابية.


يقلل سياسيون معنيون من وطأة هذه المناخات على قاعدة ان التوافق بين الافرقاء يحتاج الى بعض الوقت ليأخذ مكانه على قاعدة تكييف المواقف بين ما كان ممكنا ومحتملا خارج السلطة وما يفترض تبنيه او اعتماده على رأس السلطة. وبني ذلك على اقتناع بأن رئيس الجمهورية طامح الى رئاسة مختلفة لكن بطموحات سياسية لفريقه او لتياره، وهذا حق مشروع في السياسة. ويأتي هذا أيضا من باب ان التجاذب الحاصل هو في اطار شد الحبال وتعزيز المواقع، بحيث ان اتفاقا لا بد ان يحصل، ليس خوفا من الفراغ او ما شابه، وهناك صيغ مختلفة متناقضة لما يمكن ان ينتج من عدم الاتفاق، بل خوفا من صدام سياسي خطير قد يهدد العهد ويلجم انطلاقته. وتتحدث مصادر سياسية، على رغم التناقضات الكبيرة في المواقف السياسية، عن ضرورة تجاوز ذلك وعدم التوقف عنده كثيرا ما دام يتم تصويب مراميه وحقيقته في اتجاه التركيز على الايجابيات المحتملة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم