السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

هل تذكرون "سالكة وآمنة" و"نزهة"... أصواتٌ طبعت في الذاكرة اللبنانية

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
هل تذكرون "سالكة وآمنة" و"نزهة"... أصواتٌ طبعت في الذاكرة اللبنانية
هل تذكرون "سالكة وآمنة" و"نزهة"... أصواتٌ طبعت في الذاكرة اللبنانية
A+ A-

عذوبة الصوت وحسن الإصغاء صفتان رافقتا الراديو طيلة عقود، مصدر الموسيقى والأغاني والأخبار، لكنه لم يعد يملك السلطة نفسها جراء التطور التكنولوجي وابتعاد الأجيال الجديدة عنه ليحلَّ "يوتيوب" مكانه. نستذكر الإذاعة في 13 شباط من كل عام في يوم الإذاعة العالمي، هذه الفكرة التي طُرحت من قبل الأكاديمية الإسبانية للإذاعة، وقدمها رسمياً الوفد الدائم لإسبانيا لدى "اليونسكو" تزامناً مع ذكرى إِطلاق إذاعة الأمم المتحدة عام 1946. أسماءٌ عدَّة لمعت في الإعلام الإذاعي اللبناني وطبعت في آذان الآلاف، لتولّد علاقة وطيدة بينهم وبين الراديو. في هذا اليوم نستذكر أبرز الأسماء التي طبعت مسيرة الإذاعة اللبنانية.


طغيان المحسوبيات على المهنية


نشأت الإذاعة عام 1938 خلال الحرب بين دول المحور والحلفاء، واستعداداً لهذه الحرب حضَّر الفريقان نفسيهما إعلامياً، فأنشأ الإنكليز إذاعة "القدس" في فلسطين والفرنسيون إذاعة "راديو الشرق" في بيروت. بانتهاء الحرب سنة 1946 عادت الإذاعة إلى حضن الدولة اللبنانية بُعيد الاستقلال، وانتقلت من الإدارة الفرنسية إلى الإدارة الوطنية. يشهد تاريخ الإذاعة اللبنانية على حقبة إعلامية سياسية وموسيقية مجيدة، هذه الإذاعة التي شكلت قفزة نوعية عام 1959، بعد انتقالها من مبنى السرايا الحكومية إلى منطقة الصنائع فكانت السباقة بإطلاق برامج وعمالقة في الفن العربي بدءاً من السيدة فيروز.


الإذاعة وفق المخرج ورئيس دائرة البرامج في الإذاعة اللبنانية سابقاً محمد كريِّم في حديثه لـ"النهار" "كانت معبراً للفنانين والإعلاميين، وامتلكت دوراً ثقافياً وفنياً، فصدحت أصوات أدباء وشعراء مهمين من لبنان وخارجه عبرها منهم طه حسين وأحمد رامي".


نسأله عما إذا قضى أزيز سلاح الحرب الأهلية على دور الإذاعة اللبنانية مثلما دمَّر الوطن؟ يجيب: "الإذاعة مؤسسة حكومية ضعفت مع الحرب اللبنانية، وكان هناك تهافت على احتلالها لتنشأ لاحقاً إذاعات حربية أصبحت الصوت المدافع عن الافرقاء المتحاربين ومدافعاً عن وجهات نظرهم".


يفضِّل كريِّم أن يتكلم آخرون عن دوره في الإذاعة اللبنانية ولكنه حتماً من بين أشخاص قلَّة بنوا مجد الإذاعة ونهضتها الحديثة. العمل في الإخراج الإذاعي بالنسبة إليه شكَّل تحدياً يومياً وشغفاً. يقول: "ضحّينا كثيراً في سبيل الإذاعة، أحببناها، اعتدنا عليها، وأعطيناها من عمرنا سنوات في سبيل بنائها وتدريب كادراتها حيث لم يكن في لبنان معاهد تُخرِّج إذاعيين وممثلين وكتاباً إذاعيين".
أين هو الإعلام الإذاعي اليوم وهل انتهى دوره؟ "الاعلام المسموع خسر الكثير من دوره بعدما دخلت التكنولوجيا على الإعلام ما أدى إلى تراجعه وجراء استسهال المهنة وطغيان الوساطة والمحسوبيات على المهنية والتأثير".



لا يمكن للإذاعة أن تموت


[[video source=youtube id=-x7EbMSKEH0]]


صوت القبطان جون ﺳﻴﻠﻔﺮ ﻓﻲ "جزيرة الكنز"، "فرفور" في زينة ونحول، "ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺑﺎ" في ﻣﻐﺎﻣﺮﺍﺕ سندباد، وغيره من عشرات أصوات الشخصيات الكرتونية بصوت الفنان والإذاعي وحيد جلال رسخت في آذان الصغار وأذهانهم كما الكبار فطبعت طفولتهم. يخبر جلال في حديث لـ"النهار" أنَّه "في أحد الأيام أثناء تسجيل صوتي على شخصية كرتونية في استديو بعلبك عاتبني صحافي قائلاً: "وحيد جلال الشهير والكبير كيف يرضى وضع صوته على رسوم متحركة"، فأجبته حينها: "إدخال بسمةٍ إلى وجه طفل صغير هي تأديةٌ لعملٍ كبير". وكثيراً ما ألتقي بأناس يقولون لي "ربينا على صوتك وحبّيناك، والآن نربي أطفالنا على صوتك أيضاً".


الجدارة والإصرار جعلت اسماً مثل وحيد جلال يرسخ في الأذهان، نسأله ما تمثل الإذاعة له؟ يجيب: "الإذاعة هي "أمي" وأستاذي الأول، فيها تعلمت وتدربت، وتبيّن لي لاحقاً أنَّ التمثيل الإذاعي أصعب أنواع التمثيل إذ يجب التعبير بالصوت عن الشخصية التي يتم تأديتها على عكس التلفاز. ويتطلب تمرينات متعبة، والخضوع لامتحانات. تدربت 6 أشهر في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بعدها قال مدير البرامج آنذاك توفيق نمور "عليك الذهاب إلى إذاعة بلدك"، فعدتُ إلى لبنان في الستينات وبدأت العمل في إذاعة لبنان وكان مركزها في مكان السرايا الحكومية في يومنا هذا. كان يفرض علينا الخضوع لتمرينات عدَّة ومتابعة تسجيلات برامج أخرى. تتلمذتُ على يد أساتذة كبار منهم صبحي أبو نهر، عبد المجيد أبو لبن، نزار ميقاتي فتعلمت الإلقاء السليم وحسن الأداء، وقواعد اللغة العربية ما ساعدني في الإعلانات والوثائقيات". في وقتنا الحالي تراجع كل شي "الطرب، الفن، والتمثيل". ولكنْ بالنسبة الى جلال "لا يمكن للإذاعة أن تموت، سيبقى دورها موجوداً، ويجب الحفاظ عليها والتحسين من مستواها".



علامات فارقة في الإعلام الإذاعي


 


[[video source=youtube id=pOeYzxndlkg]]


 


من الأسماء التي لمعت إذاعياً، الشاعر والأديب شفيق جدايل، المذيع الموهوب كما يصفونه. ولدَ في بيروت عام 1920. درس في المدرسة الأزهرية والمقاصد ثمَّ عام 1946 في الجامعة اليسوعية حيث نال ديبلوماً من معهد الدراسات الشرقية، ووضع مؤلفاً عنوانه "المسرح العربي في مئة عام". كتب جدايل مجموعة من النصوص المسرحية، منها "ملاك الرحمة" و"الساحر المتنكر" و"إسلام عمر". ليلتحق عام 1945 بإذاعة لبنان، وكان اسمها "دار الإذاعة اللبنانية من بيروت". أثناء عمله الإذاعي وضعَ مجموعة من البرامج، وعدداً من التمثيليات الإذاعية، وكان الرائد في النقل الإذاعي المباشر، كما نظم عدداً من الأناشيد التي لحنها "الأخوان فليفل". في 6 تشرين الثاني 1985 صدر مرسوم بمنحه "وسام الأرز الوطني" من رتبة ضابط ولكنَّ هذا الوسام الرفيع لم يُعلَّق على صدره لأن نوبة قلبية حادة ألمت به في 22 من الشهر نفسه. لتبقى "تعال تعال..كفاك دلال.. كفاك زهواً بتاج الجمال" إحدى قصائده التي خُلِّدت بصوت السيدة فيروز.




الإعلامي شريف الأخوي المولود في 8 تشرين الثاني من العام 1928 والراحل في 9 نيسان1987. حاز إجازة في الأدب العربي من الجامعة اليسوعية. وطبعت البرامج "الكلمات المتقاطعة"، "شكاوى الناس" و"نزهة" تاريخ شريف الأخوي إذ كانت تحاكي الناس. في 13 نيسان 1975 إندلعت الحرب، فظهرت كلمتا "سالكة وآمنة"، وهي عبارة استخدمها الأخوي عفوياً طيلة 20 ساعة من البث اليومي المباشر ليدلَّ الناس على الطرق الآمنة من القصف والقنص، ولم تكن عنواناً لبرنامج".


 


"الأذن تعشق قبل العين أحياناً" مثلٌ شعبي يؤكد على سحر الإذاعة والراديو اللذان شكلا جزءاً من حياة الناس اليومية، وعسى أن يبقى للإذاعة مكانٌ في عالمنا، فهي المكافحة للبقاء ورفيقتنا الدائمة في السيارة فتؤنس وحدتنا وتخفف وطأة ازدحام السير اليومي والانتظار لساعات على الطرق. 



[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم