السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بعد التعرض لجرحة أولى كيف أتفادى الثانية؟! دراسة سويسرية يشارك فيها لبناني

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
بعد التعرض لجرحة أولى كيف أتفادى الثانية؟! دراسة سويسرية يشارك فيها لبناني
بعد التعرض لجرحة أولى كيف أتفادى الثانية؟! دراسة سويسرية يشارك فيها لبناني
A+ A-

السفر هو الوسيلة الوحيدة ليثبت اللبناني جدارته العلمية والمهنية، بلد الفرص الضائعة يخسر كوادره لحساب دول أخرى، فيسطع اسم الناجحين في شتَّى دول العالم. هذا النجاح الذي يبدأ فردياً يصبح بتقدُّمه إنجازاً لوطنٍ يعجز عن الاحتفاظ بأبنائه. في زوريخ السويسرية يبرز اسم طبيب لبناني شاب ناجح تمكَّن بكفايته من ممارسة مهنته والمشاركة في دراسات علمية أبرزها تلك التي سنسلط الضوء عليها في هذا المقال.



من لبنان إلى سويسرا


قبل الخوض في تفاصيل الدراسة لا بدَّ من الحديث عن إنجازٍ لبناني، فالدكتور سليمان عبيد الاختصاصي بأمراض القلب التداخلية والقسطرة لم يُولَد في أوروبا أو أميركا، ولم ينهِ تحصيله العلمي هناك. نشأ ودرس في لبنان وقدراته فتحت له أبواب السفر بحثاً عن فرصة عمل ليثبت عن جدارة يشهد لها زملاؤه. أنهى بكالوريوس الطب في الجامعة الأميركية ببيروت، ليتخصص بالطب الداخلي لاحقاً في البلمند وليختار بعدها طب القلب في مستشفى القديس جاورجيوس ببيروت. يخبر عبيد في اتصال مع "النهار" "اخترت الطب الداخلي ومن خلاله تفرّعت إلى أمراض القلب التداخلية، وهنا لا بدَّ لي سريعاً من شكر قسم أمراض القلب في المستشفى. في لبنان يمكن التخصص في التمييل واكتساب الخبرة. ولكن إذا استطاع الطبيب السفر إلى الخارج للتعمق أكثر وتعلم تقنيات جديدة وخبرات في الخارج فذلك أفضل. التحدي الأصعب يكمن في البحث عن وظيفة شاغرة في الخارج والحصول على الدعم. اخترت سويسرا عبر صديق، وتعرفت بعد ذلك إلى البروفيسور توماس لوتشر الذي أخبرني بأنه سيتيح لي فرصة العمل معه في مستشفى جامعة زوريخ. طبعاً السفر كان مخاطرة خصوصاً بتمويلٍ شخصي وما يترتب عليها من نجح أو عكسه. كان المخطط أن أبقى سنة واحدة، تعلمت الألمانية وتأقلمت بشكل سريع. فقدموا لي عرضاً بالعمل كطبيب قلب في سويسرا، وها أنا في سنتي الرابعة من العمل وقد دخلت ضمن مجموعة أطباء أمراض القلب السويسريين التدخليين (Swiss Working Group for Interventional Cardiologist) وبات لدي مرضاي".


نسأله لمَ اختارَ زوريخ؟ فيجيب: "إنها منشأ التمييل حيث أجرى اندريس كرونسيك أول عملية بالون في الشريان وفتح شرياناً، وبسبب عظمته سافر إلى الولايات المتحدة حيث علم الأجيال الذين أصبحوا عرابي أمراض القلب التداخلية".


حكماً يختلف الوضع بين سويسرا ولبنان، أين تفضِّل أن تكون؟ "الفارق بين أوروبا ولبنان، أن التعاطي مع الشخص في أوروبا يرتبط بما ينتجه، قيمتك في ما تقدمه وليس بأي مسائل أخرى. أحزن على غياب الفرص في لبنان، إذ يتمنى أي شخص البقاء في وطنه بالقرب من أهله وأصدقائه".



TMAO أحد مسببات النوبة القلبية
بعد الحديث مع الدكتور عبيد، انتقلنا للتواصل مع رئيس طب القلب في مستشفى جامعة زوريخ البروفيسور توماس لوتشر الذي أشرف على الدراسة. يشرح لوتشر في اتصال مع "النهار" أنَّ "نتائج البحوث التي أجراها الدكتور ستانلي هازين شريكنا في الدراسة من مستشفى كلينيك في الولايات المحدة الأميركية أذهلتنا، فقررنا أن نجري معاً دراسة على مرضى من سويسرا وكليفلاند نقارن نتائجها تبعاً لنمط الحياة والطعام بين البلدان الأوروبية والأميركية. واختبرنا مستويات الدم من جزيء يسمى ثلاثي ميثيل أمين N-أكسيد (TMAO) وقد سبق أن ربطت دراسات أجريت على الحيوانات بين مستويات TMAO العالية والتهاب الأوعية الدموية".


في الدراسة، نظر الباحثون في مستويات TMAO لدى مجموعتين من المرضى، أخذوا منهم عينات دم وجرى تتبعهم لمعرفة ما إذا أصيبوا بأمراض القلب أو فارقوا الحياة. وتبين أنَّ أولئك الذين لديهم مستويات أعلى منTMAO كانوا عرضة 6 مرات أكثر للوفاة، أو الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، أو احتاجوا إلى جراحة في الأوعية الدموية. خطر الارتفاع بقيَ حتى بعدما أخذ الباحثون في الاعتبار عوامل مثل العمر والتدخين وارتفاع مستويات الكوليسترول وضغط الدم. درسوا أيضاً مستويات مركب يسمى التروبونين T، الموجود في الدم بعدما يكون الشخص قد أصيب نوبة قلبية. ومن المثير للاهتمام، أنه حتى المرضى الذين لم تظهر لديهم مستويات مرتفعة من التروبونين T كانوا لا يزالون عرضة لأمراض القلب والأوعية الدموية. وأضاف البروفيسور لاتشر "لسنوات أدركنا أنَّ ما نأكله مرتبط بعمل جسمنا. وتبين لنا أنَّ تناول كمية كبيرة من اللحوم والبيض والجبنة يزيد من الوزن وينتج الـ TMAO المسبب للنوبات القلبية. وبدا لنا واضحاً أنَّ الأميركيين يملكون درجة مرتفعة من TMAO في حين أن النسبة منخفضة لدى السويسريين. والسبب يرجع إلى نمط الحياة الجيد، وعدم التدخين، وتناول حمية البحر المتوسط التي يتبعها السويسريون على عكس الأميركيين الذين يتناولون أطعمة غنية بالبروتينات والدهون. لذا، ننصح المرضى الذي يعانون آلاماً في الصدر أو أولئك الذين أصيبوا بذبحة قلبية بضرورة تفادي الإصابة بأخرى عبر الخضوع لفحص دم واتباع نظام غذائي يحوي الخضار والفواكه، واللحم الأبيض، والكثير من الأسماك ما يساهم في خفض معدل الـ TMAO في الجسم".



النظام الغذائي السليم والرياضة
نعود لنسأل الدكتور عبيد عن الدراسة التي شملت السويسريين والأميركيين، ماذا عن صحة اللبنانيين؟ فيجيب أنَّ "ما من دراسة أجريت على سكان لبنان أو منطقة المتوسط، ولا يمكن معرفة ما إذا كانت العلامات البيولوجية (Biomarker) مرتفعة أو منخفضة لديهم. ولكنَّ الجديد في الدراسة هو دور الـ TMAO ما يفتح أبواباً لطُرقِ معالجة مختلفة لمشكلات القلب. فهذا الجزيء قد يوصل لنتائج جديدة بعد اختبار صحة أشخاص تعرضوا لجرحة قلبية، وتبين أنه كلما ارتفع TMAO لدى هؤلاء الأشخاص ازداد خطر تعرضهم لجلطة ثانية. الهدف يكمنُ بتفادي تعرض المريض لجرحة تانية. في لبنان، الناس أكثر عرضة للتوتر، ما ينجم عنه ارتفاع الهرمونات في الجسم وزيادة في ضربات القلب وتغير معدل الضغط، ما يدفعهم إلى زيادة الأكل أو التدخين، وهذه العوامل حكماً تزيد من خطر مرض القلب".


يلفت عبيد إلى أنَّ "ما من أدوية بعد تخفف مفعول TMAO وأثره على الجسم. ولكننا نعلم ما هي الأنزيمات التي تعمل على هذه الجزيئات التي لا زالت قيد التجربة. لتبقى الوقاية أساسية، وهي تنقسم إلى شقين، أولية وثانوية. الثانوية هي للأشخاص الذين عولجوا بعدما تعرضوا لذبحة. والأولية تكمن في إيلاء الاهتمام إلى الأشخاص العُرضة للجرحة أو الذبحة. من الضروري لهؤلاء تغيير نمط الحياة عبر اتباع نظام غذائي يشمل حمية المتوسط مع زيت الزيتون، وممارسة الرياضة من 5 إلى 15 دقيقة في اليوم الواحد، ما يساهم في تخفيف احتمال الإصابة بجرحة قلبية".


 


[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم