الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لبنان دفع ثمن الخلاف بين أميركا ومصر فهل يدفع ثمن الخلاف بين أميركا وإيران؟

اميل خوري
A+ A-

هل تظل الحرب بين أميركا وإيران حرباً كلامية، أم أن أول الحرب كلام قد يشعل المنطقة ويجعل لبنان يفكّر في مصيره وكيف ينجو من نارها؟


في الماضي دفع لبنان ثمن توتر العلاقات بين أميركا ومصر زمن الرئيس جمال عبد الناصر، فوقعت أحداث 58. التي حالت دون التجديد للرئيس كميل شمعون كما كان يريد مناصروه وجاءت باللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، وتألفت حكومة لا غالب ولا مغلوب، وكان قانون الستين الذي أجريت الانتخابات النيابية على أساسه هو الحل الموقت فأصبح حلاً دائماً بعد إدخال تعديلات طفيفة عفيه في مؤتمر الدوحة. وثمة من يطالب الآن بإدخال تعديلات جديدة عليه علّها تحافظ على حقوق الجميع أو على حصة الجميع...
ودفع لبنان مرة أخرى ثمن توتر العلاقات بين أميركا وسوريا حرباً لبنانية - فلسطينية تسبب بها دخول فلسطينيين مسلحين الى منطقة العرقوب، وأدى دخولهم الى خلاف داخل الحكومة الرباعية في عهد الرئيس شارل حلو حول كيفية مواجهة ذلك. وقد انقسم الوزراء فيها بين مطالب بإخراجهم من منطقة العرقوب بالقوة إذا لزم الأمر لئلا يزداد عددهم وينتشروا في مناطق عدة ويصبح من الصعب اخراجهم منها حتى القوة، ومعارض لذلك بدافع التعاطف معهم ومع القضية الفلسطينية، وبالتالي خوفاً من مخاصمة سوريا والعرب الذين كانوا مع القضية الفلسطينية أولاً وليسوا مع لبنان. وتحوّلت الحرب اللبنانية - الفلسطينية في لبنان حرب الآخرين على أرضه، والتي لم تتوقف إلا بعد التوصل الى اتفاق الطائف الذي أخضع لبنان لوصاية سورية دامت 30 عاماً خلافاً للاتفاق الذي حدَّد مدتها بسنتين فقط. الا أن سوريا طاب لها البقاء في لبنان وطاب لها حكمه وإن بصورة غير مباشرة من خلال لبنانيين موالين لها... وقد دعمت سوريا التجديد للرئيس الياس الهراوي ومن بعده للرئيس اميل لحود كي تجدد وصايتها على لبنان، وهذه لم تنته إلا بانتفاضة شعبية عرفت بـ"ثورة الأرز"، وكانت هي السبيل لتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1559، والذي لا يزال حتى الآن بدون تنفيذ كامل لبنوده.
والسؤال الذي يقلق أوساطاً رسمية وسياسية وشعبية هو: هل يقتصر استمرار توتر العلاقات بين أميركا وايران على الحرب الكلامية المشتدة بينهما، وما هو تأثيرها علىالوضع في لبنان؟ هل تعطي ذريعة لتأجيل الانتخابات النيابية أو عرقلة إقامة الدولة القوية فيه القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها، فلا تكون دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها؟ إن ازدياد التوتر بين الدولتين قد يجعل "حزب الله" يحتفظ بسلاحه بطلب من إيران كي تواجه الضغط الاقتصادي والعسكري الاميركي عليها بضغط مماثل في لبنان وربما في سوريا والعراق، فيكون الاتفاق النووي الذي كان يؤمل أن يكون مدخلاً لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، إذ به يكون سبباً لمزيد من القلاقل والاضطرابات وربما الحروب.
الواقع أن لبنان إذا كان قد نجا حتى الآن من تداعيات الحرب في سوريا واستطاع بدعم دولي المحافظة على الاستقرار فيه وإن في حدّه المعقول، فهل يستطيع أن ينجو من تداعيات اشتداد التوتر في العلاقات بين أميركا وإيران التي لها في لبنان ذراع عسكرية هي "حزب الله" كما كان لدول عربية في الماضي ذراع عسكرية هي الفصائل الفلسطينية التي بتجاوزاتها وتعدياتها على سلطة الدولة وحرية اللبنانيين وأمنهم أشعلت حرب السنتين على أرضه.
يقول مسؤول سابق إن في استطاعة لبنان أن ينجو من تداعيات التوتر بين أميركا وإيران وحتى من حرب وإن كان من المستبعد حصولها، إذا اتفق القادة فيه على جعل مصلحة لبنان فوق كل مصلحة، وأن يؤكدوا تحييده عن صراعات المحاور حرصاً على وحدته الوطنية وسلمه الأهلي. فكفى لبنان أن يظل ساحة مفتوحة لكل خلاف بين الدول العربية والبعيدة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم