الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الموارنة أمام "فحص ضمير" في العيد: علينا استنهاض قوانا... وإلا الاضمحلال

هالة حمصي
هالة حمصي
الموارنة أمام "فحص ضمير" في العيد: علينا استنهاض قوانا... وإلا الاضمحلال
الموارنة أمام "فحص ضمير" في العيد: علينا استنهاض قوانا... وإلا الاضمحلال
A+ A-

في "فحص الضمير الماروني"، شيء ما يُثقل الكاهل، ويعبّر عنه موارنة بصراحة. "لا للاسف، لم نحافظ على لبنان كما يجب". واكثر من ذلك، هناك واقع مقلق: "دور الموارنة أُكِل... كثر منهم باعوا ارضهم او أُجبروا على ذلك...". في عيد مار مارون، ابي الموارنة، توق الى مارونية قوية، ملهمة، نافضة عن نفسها غبار الماضي. الامر لا يحتمل التأجيل او التساهل: "إما الاضمحلال، وإما تفعيل الكنيسة المارونية بكل ابعادها". اليوم قبل الغد.
الموقف واضح. "على الموارنة اليوم ان يعودوا الى لعب دورهم، ويكونوا في الطليعة، في خدمة لبنان واللبنانيين"، يقول راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر للموارنة المطران حنا رحمة لـ"النهار". ويصارح: "اليوم، نحن امام فحص ضمير كبير. إما نضمحل، لا سيما في الشرق، وهذا يعني ايضا اننا انتهينا في العالم، وإما نعيد تفعيل الكنيسة المارونية، بكل ابعادها الروحية، ونستفيد من موارنة الانتشار الذين يؤدون ادوارا كبيرة في اوطانهم، ليلعبوا دورا في اعادة قيامة الوطن اللبناني".


"صحوة الموت"
القيامة لا بد من ان تطاول ايضا، في رأي رحمة، ما يسميه "مثلث الوطن - الارض- العائلة الذي ركّز عليه الموارنة حياتهم، منذ مار مارون". لا يخفي ان هذا المثلث مهدد اليوم: "لبنان الذي اعتبروه وطنا روحيا نهائيا وضحّوا من اجل بنائه وتوسيعه ليشمل الجميع، مجرح كثيرا، متضرر جدا. لكنه اخذ نفَسا جديدا بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وبالاتحاد الماروني المستجد. بهذا التفاهم الماروني، اخذ الموارنة اوكيسيجينا جديدا، علهم يعودون ويلعبون دورا في هذا الوطن".
التزعزع يطاول الارض ايضا. "موارنة كثر باعوا ارضهم، او أُجبروا على التخلي عنها، او أُفهموا انه لم يعد لهم حضور في هذه المنطقة او تلك"، على قوله. ووضع العائلة المارونية ليس افضل. "لقد تفككت كثيرا. وفي ضوء أعداد الطلاق سنويا، باتت في خطر كبير".
في ظل هذا المشهد المقلق، يجد رحمة ان "الموارنة بدأوا يعون. وربما التفاهم الماروني الذي شهدناه اخيرا بمثابة صحوة من الموت. هكذا هم الموارنة. وقت الخطر الشديد، "بيفيقو الفوقة الكبيرة"، ويعيدون بناء المثلث الكبير الذي هو الوطن والعائلة والارض".
اليوم، ترفع الكنيسة المارونية الصوت في لبنان والعالم، "كي يعود الابناء الى هويتهم ويبلوروها وينفضوا عنها الغبار". المؤكد لدى رحمة ان "الطابع والنهج الماروني حاجة للعالم كله. والتشبث بالمثلث قد يكون مهما للغاية، لكن بطريقة جديدة. هناك طرق جديدة متعددة لنعود الى القيم والصفاء المارونيين، كي نتمكن من اعطائه للآخرين ونكون في خدمتهم". ويرى ان "السياسيين بدأوا يتجهون في الاتجاه الصحيح، اي انهم يعودون الى لعب دورهم في خدمة لبنان وكل اللبنانيين، بعدما بات الحضور الماروني باهتا، وأُكل دور الموارنة".


"الموارنة قادرون"
في عيد مار مارون، يرى المجلس العام الماروني "الموارنة في حالة تأمل وندم على ما حصل لهم في الماضي، ويذهبون بجهاتهم الرسمية"، على قول رئيس المجلس وديع الخازن، الى "كنيسة مار مارون في الجميزة للاحتفال بالعيد، وهو عيد وطني بامتياز، كي يتضرعوا لهذا القديس، شفيع الطائفة المارونية، طالبين منه السماح على ما حصل، وواعدين اياه بان الامور ستختلف عما كانت عليه قبلا، اكان على الصعيد الماروني، ام العلاقات المارونية - المسيحية، ام العلاقات المارونية - الاسلامية".
في الاقتناعات الراسخة "ان لبنان 1920 وُجد، ليس من اجل الموارنة، بل بسببهم"، يؤكد الخازن. ويتدارك: "هل حافظوا عليه كما يجب؟ من دون شك، لا للاسف. اليوم، بعد التجارب المريرة التي مر بها اللبنانيون، موارنة وغيرهم، علينا ان نعي مخاطر هذا الانزلاق الذي وصلنا اليه، ونعود ونستنهض قوانا عبر اعادة لبنان الى مجده ووجوده كدولة مميزة في هذا الشرق العربي".
هل تؤمن بأن الموارنة قادرون على ذلك؟ يجيب: "بالطبع، اذا كانت هناك نية لاسترجاع الوطن، فلا بد من ان يحصل ذلك. ونصلي جميعا من اجل ذلك".


الدور أساسي
القدرة المارونية تلمسها جيدا المؤسسة المارونية للانتشار، وتعوّل عليها الكثير. "دور الموارنة اساسي، لانهم يجسدون العيش المشترك مع سائر اللبنانيين من مختلف الطوائف"، تقول المديرة العامة للمؤسسة هيام بستاني. المؤسسة اخذت على عاتقها مهمة "تسليط الضوء على هذا الامر من خلال مؤتمرات ونشاطات تنظمها، لان دور الموارنة فعال".
الفكرة واضحة. "الموارنة هم الاكثرية بين المسيحيين"، على ما تضيف، "ومن خلال انتشارهم في ارجاء العالم واندماجهم في المجتمعات المختلطة، يمثلون اكبر تجسيد للعيش المشترك، لاسيما في لبنان، مما يجعل منه بلد الرسالة، كما قال البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثاني".
الموارنة "مدعوون"
دعوة جدية توجهها الرابطة المارونية الى كل الموارنة. "انهم مدعوون الى تجديد رسالتهم ورسوليتهم في هذا الشرق، وبناء مداميك النهضة الجديدة، تماما كما فعلوا عبر المساهمة مع جميع المتنورين في القرن التاسع عشر"، يقول مقرر لجنة الاعلام في الرابطة انطوان قسطنطين. لبنانيا، الدعوة تعني "ان يستنهضوا الجميع في سبيل بناء دولة عصرية ترتكز على الحق، وتسيّرها المؤسسات وصولا الى تثبيت الانتماء الوطني لجميع اللبنانيين".
مشرقيا، الموارنة مدعوون، على ما يضيف، الى "تأكيد جذورهم في هذا الشرق، بحضاراته المتنوعة وشركتهم مع كل مكوناته الدينية والثقافية". ويتدارك: "الموارنة من صلب هذا الشرق، وكل دعوة الى تغريبهم، اي جعلهم غرباء او غريبين، ليست في محلها. انهم مشرقيون منفتحون على الغرب من مئات الاعوام".
في ظلّ ما يسميه "المتغيرات الكبرى والاسئلة الوجودية وفوضى العولمة القاسية"، يحدد قسطنطين دورا آخر للموارنة: "ان يجددوا رسالتهم الانسانية بأبعادها الاجتماعية، ويعيدوا تركيز الانسان كمحور اي نشاط فكري او سياسي". بالنسبة اليه، "اذا لم يعد الموارنة همزة وصل حضارية، فلا معنى لوجودهم، ولن يكون لنا لبنان".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم