الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

إعادة حسابات بعد اتساع القلق من الفراغ

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
إعادة حسابات بعد اتساع القلق من الفراغ
إعادة حسابات بعد اتساع القلق من الفراغ
A+ A-

يكشف ديبلوماسيون اجانب ان السجال السياسي الذي برز اخيرا اثار قلق عواصم مؤثرة تهتم بلبنان خشية انهيار سريع لمسار التسوية التي حصلت ولا تزال تتلمس طريقها. اذ لا يخفي هؤلاء ان تلويح الرئيس العماد ميشال عون بالفراغ رفضا للتمديد او لقانون الستين كان مفاجئا انطلاقا من انه لا يزال يتلقى الزيارات الخارجية المهنئة بانتخابه وانهاء فراغ رئاسي دام عامين ونصف كما بتأليف الحكومة خصوصا ان الموضوع برز ابان زيارة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديركا موغريني الى بيروت. لاحظ هؤلاء الديبلوماسيون عدم الاصرارعلى هذه المفردة تحديدا في وقت لاحق في يوميات رئيس الجمهورية ومحاولة الزعماء السياسيين تقليل اهمية هذا التلويح من خلال ادراجه في خانة حض رئيس الجمهورية الافرقاء على اعداد قانون انتخابي جديد معطوفا على اسلوب مقاربته للامور في مقابل ابرازه في الوقت نفسه رغبته في اقرار قانون عادل وعرض افضليته للقوانين امام زواره. لكن مصادر سياسية تكشف ان استيضاحات ديبلوماسية عدة حصلت حول امكان الذهاب الى الفراغ في ضوء موقف رئيس الجمهورية الرافض لتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في حال العجز عن التوصل الى اتفاق على قانون انتخاب جديد علما ان الموقف الرئاسي اثار قلقا استنادا الى ان التسوية الرئاسية حين جرت فانما كانت تضع نصب اعين القائمين بها تجنب الوصول الى الفراغ النيابي في الربيع علما ان الانتخابات النيابية كانت ممكنة في ظل حكومة الرئيس تمام سلام لكن مع استقالة للحكومة وعجز عن اجراء استشارات نيابية ملزمة يقوم بها رئيس الجمهورية وهو ليس موجودا في ظل الفراغ الذي كان مستمرا كان الامر سيؤدي الى ازمة كبيرة في البلد. وانتخاب العماد عون جاء بهذه الخلفية وتفاديا للوصول الى فراغ كان سيكون شاملا ولا يمكن تخفيف اذاه اذا انتخب رئيس واصاب الفراغ مؤسسات اخرى. فمسألة ضرورة اجراء انتخابات نيابية في لبنان في موعدها او بتأجيل تقني لبضعة اشهر امر حيوي ومهم كانت ولا تزال تصر عليه مجموعة الدعم الدولية للبنان منذ اكثر من سنة حتى في عز الفراغ الرئاسي. وهذا لا يعني ان المجتمع الدولي يمكن ان يؤثر على لبنان في حال لم يجر هذه الانتخابات على غرار ما حصل في الانتخابات الرئاسية لكن بالنسبة الى انطلاقة رئيس في ولايته وقد انتظرها طويلا من الصعب ان يباشر الانفتاح على الخارج او يجد اصداء ايجابية في حال واجه لبنان فراغا تشريعيا وما يعني ذلك من ازمة داخلية كبيرة بغض النظر عن صلاحية الرئيس للقيام بذلك ام لا.


الى ذلك، ينبغي الاقرار ان الاجواء المتوترة التي رافقت اسقاط المشروع المختلط بالصيغة الذي طرح فيها مفتقدا المعايير الواحدة ما اثار معارضة له من جهات عدة لا سيما من الثنائي الشيعي خشي كثر ان تؤثر في اتجاهات متعددة. اولها انطلاق ولاية الرئيس على اسس خلافية او صدامية ليس مع زعماء سياسيين فحسب بل مع طوائف على نحو قد يؤثر سلبا على مستويات عدة بالنسبة الى قدرته على ادارة الامور لاحقا كما على اثارة توترات طائفية لن تكون في محلها. والاصطدام المبكر مع زعماء سياسيين تحت شعارات مختلفة يعيد الى الاذهان تجربة لا تزال حية كانت للرئيس اميل لحود ومن المؤكد ان الرئيس عون لن يود سلوك المسار نفسه نظرا للقدرة الاستيعابية التي بات يملكها نتيجة تجربته الطويلة. هذه الاجواء خشي البعض ان تضعف التحالفات الجديدة التي وصل بها رئيس الجمهورية الى موقع الرئاسة اكانت تلك التي تتصل برئيس الحكومة سعد الحريري فيما هو لا يزال في خضم نفضة داخلية لتياره على وقع الخيارات السياسية التي اعتمدها وفي مقدمها خيار دعم العماد عون للرئاسة فيما النائب وليد جنبلاط هو حليف لا يمكن ان يبتعد عنه تيار المستقبل ايا تكن التباينات السياسية احيانا بينهما وهناك على الكتف حمال كما يقال في المثل الشعبي اي ان هناك كثرا ممن ينافسون الحريري في طائفته ما يضعف موقفه اكثر ازاء مواقف مماثلة للعماد عون. والامر نفسه ينسحب ولو بطريقة مختلفة على الطرف الاخر من الحلف المسيحي اي الدكتور سمير جعجع الذي بادر وعلى اثر زيارة وفد اللقاء الديموقراطي له في معراب الى الاطلالة شخصيا للاعلان عن موقفه الذي يؤكد فيه مراعاة خصوصية الجبل ولم يترك للوفد وحده ان يعلن موقفه المعروف، الامر الذي شكل دلالات على عدم رغبة هذا الحليف السير باي معركة سياسية قد تستهدف وليد جنبلاط الذي اعتبر انه مستهدف في تقسيمات المشروع المختلط كما في كلام لوزير الخارجية جبران باسيل عن عدم اتاحة المجال امام الزعيم الدرزي باي مقعد لنائب مسيحي في الجبل. ويقول بعض السياسيين ان موضوع الفراغ النيابي امر اكثر ما يثقل على الحليف الاساسي اي "حزب الله" نظرا لما يؤثر ذلك على موقع الرئاسة الثانية التي تعود للطائفة في الوقت الذي لن يسمح باستمرار موقعي رئاسة الجمهورية والحكومة واحداث فراغ في الرئاسة الثانية. ويذكر البعض في هذا المجال بموقف الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي كما اعتبر العماد عون ممرا الزاميا الى رئاسة الجمهورية فهو اعتبر الرئيس بري ممرا الزاميا الى الحكومة.
هذه الاسباب السياسية فرضت نفسها في المعطيات في الاونة الاخيرة وسمحت باعادة تقويم الحسابات في كل الاتجاهات قياسا على عدم الرغبة في بدء احد صداما مع الرئيس ايضا في مطلع ولايته.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم