السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

زوهراب مضى على "رؤوس اصابعه"... "المعلم" ذاهب في نزهة

هالة حمصي
هالة حمصي
زوهراب مضى على "رؤوس اصابعه"... "المعلم" ذاهب في نزهة
زوهراب مضى على "رؤوس اصابعه"... "المعلم" ذاهب في نزهة
A+ A-

الشعر الابيض المتوهج يناغش الكتفين. "المعلم" أغمض العينين ليغفو بهدوء. على "رؤوس اصابعه"، مضى زوهراب في رحلة ابدية استعد لها "كأنني ذاهب في نزهة في الهواء الطلق"، على ما باح بنفسه لمقربين منه. كاتب الحب في قصائد منقوشة ببحر الالوان مضى بشجاعة الى الموت، كما عاش حياته مغامرًا، مستكشفًا، حالمًا على طريقته، مختبرًا، عاشقا الضوء والجمال، فارشا الامل على فسح بيضاء.


اقفل العلبة، علبة ريشاته، على مضض... لا يهم. مئات قصائده المعلقة ستكمل حياته. وتستمر الحكاية... ككل حب، ككل امل. من اول لون سكبه على ورقته الفتية، عرف الرسام التشكيلي زوهراب السر. الحب. الجمال. التنهدات الملونة. الألم والحزن، الفرح المنكسر. العيون التائقة. الاجساد بأبهى تألقها. الالوان المنسابة شلالات... ومزيد من الحب.


عاشق الريشة واللون غامر حتى اللحظة الاخيرة، مستكشفا اراض جديدة بذاتية خاصة له وحده. بتوقيعه فقط. وكل مرة، عاد بغنيمة اكبر، كأنه عائد من كل العصور والفصول. واروعها الحداثة والصيف والضوء المتوهج ابدا... وراق ذلك له جدًا.


زوهراب، هذا الرسام التشكيلي المعاصر الكبير، يغيب. وتستريح الانامل الملونة. مثمرة للغاية كانت، بحيث أزهرت خلال حياته مئات اللوحات الجميلة بالاكواريل والغواش والاكليريك، عشرات منها معلقة في مختلف ارجاء العالم: ايطاليا، النمسا، قبرص، كندا، الولايات المتحدة الاميركية، الكويت، سوريا... وباوسمة عدة، كوفىء تقديرا له.


اسمه كريكور زوهراب كريكور كيشيشيان، ارمني لبناني، ولد في حلب–سوريا في 18 نيسان 1943. درس فن الموزاييك اليوناني في المشغل اليوناني "سيريوس" في حلب، حائزا اول شهادة في الفن العام 1961. ثم سافر الى لبنان، حيث واصل دروسه في الرسم الايطالي في المشغل الايطالي جوليانو. العام 1970، حصل على ديبلوم في الفنون الجميلة من كلية الفنون الجميلة-الكسليك-لبنان.


منذ 1972، عمل رساما محترفا واستاذا للرسم. رسم وجوه قادة عالميين، منهم العاهل الاردني الراحل الملك حسين، الرئيس اللبناني السابق اميل لحود، الرئيس القبرصي سبيروس كيبريانو، رئيس مجلس النواب القبرصي فاسوس ليساريدس، اضافة الى قادة دينيين في الكنيسة الكاثوليكية...


في ذلك العام ايضا، قدّم اول معرض فردي له في فندق "بريستول" في بيروت، وكوفىء بـ"اللوحة الذهبية". وتعاقبت معارضه الفردية كل سنة، 40 على الاقل حتى 2016، الى جانب مشاركته في معارض جماعية، 20 على الاقل. وكل مرة، اختار لقصائده عنوانا... فاتحا الباب امام حوار الضفاف. وكل مرة، سكب جديده بلواعج قلبه، بروىء تراءت له وحده، متجاوزا نفسه... وخرجت الشهقات.


الوان زاهية، تبللت بالربيع، بصباح مشرق، تزركش مكنوناتها... حتى يكاد الفضاء لا يتسع لها. هكذا كانت حال زوهراب، كلما امسك بريشته. الكون يصير وجهًا، وجوها، رؤيا، اجسادا، ايحائية حرة... حزنا منكسرا، سكينة، توقا، آمالا، خطوطا وكلمات سرية تنساب كالنهر، ولا شيء يوقفها. مهارة. ابداع شخصي، بتوقيع ذاتي.


وسافر الى العالم، بموسيقاه. اعماله، ومنها ذات طابع ديني، معلّقة في ايطاليا (مدرسة ليفونيان- روما، متحف سان لازارو-البندقية)، والنمسا (دير المخيتاريين –فيينا)، وقبرص (القصر الرئاسي، كنيسة السيدة العذراء –نيقوسيا، كنيسة القديس ستيفان- لارنكا، مؤسسة مالكونيان-نيقوسيا)، وكندا (كنيسة القديس آغوب-مونريـال)، والولايات المتحدة الاميركية (كنيسة الشهداء الارمن-كاليفورنيا)، والكويت (كنيسة القديس فارتان)، وسوريا (المتحف الوطني).


طوال حياته، أصر زوهراب على ان يكون الرسام "النوراني". النور عرف مسالكه، خاطه بأنامله، صنعه بعرق الجبين... وسكنه. ويمضي هذه المرة اليه، لتستمر الحكاية.


تقديرا لاعماله، نال ايضا زوهراب وسام St Mekhitar الذهبي في البندقية -ايطاليا (1975)، والميدالية الفضية لـ"هوز هو" العالمية (2002). وقد نشرت سيرته الذاتية في الدليل الدولي لـ500 قادة عالميين مؤثرين من اصدار أ.ب.اي راليغ- نيويورك-الولايات المتحدة، وايضا في دليل "هوز هو" الدولي للقرن الحادي والعشرين (كامبريدج انكلترا-2002)، ودليل "هوز هو" في لبنان.


*تقام مراسم جنازة زوهراب الخميس 9 شباط 2017، الساعة 2,00 ب.ظ، في كنيسة بطريركية الارمن الارثوذكس-انطلياس. وتقبل التعازي في كنيسة سان فارتان في برج حمود.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم