الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مواطنون من الضاحية وطرابلس لا يجرؤون على الخروج من منازلهم... ليت ذلك اليوم لم يكن!

المصدر: "النهار"
مواطنون من الضاحية وطرابلس لا يجرؤون على الخروج من منازلهم... ليت ذلك اليوم لم يكن!
مواطنون من الضاحية وطرابلس لا يجرؤون على الخروج من منازلهم... ليت ذلك اليوم لم يكن!
A+ A-

غرباء جمعتهم المصادفة في الشارع. وكان كلّ شيءٍ يسير على ما يرام. دوّى الانفجار فجأة. صاروا أقرباء في الوجع والحروق ولون الدم. غرباء جمعتهم المصادفة يشاهدون التلفزيون. وكان كلّ شيءٍ يسير على ما يرام. ملحقٌ إخباري جعل من أهلهم نجوماً للموت. صاروا أقرباء في الصدمة والفقد والحسرة. لا فارق إن كنا نوصّف عملاً ارهابياً استهدف ضاحية بيروت الجنوبية أو #طرابلس او عين علق. ما يهم أن ما بعد ذلك اليوم ليس كما قبله. عادةً ما تختفي عدسات التصوير من مسرح التفجير ومن منازل الضحايا بعد أيامٍ من الواقعة. ولا أحد يعود لينصت الى الأنين. ما لم يعلمه أحد، أن مواطنين من #الضاحية وطرابلس لم يجرؤوا على الخروج من منازلهم بعدما عاشوا صدمة الانفجار، كما يقول أخصائيون نفسيون معنيون بمتابعة حالات عدد منهم. المفرقعات النارية تخيفهم. انعزلوا وخسروا عملهم وحياتهم الاجتماعية. علاقتهم بذويهم اضطربت. علمياً، ما اصابهم هو اضطراب ما بعد الصدمة. فهل من منقذ؟


انها الجمعية اللبنانية لضحايا #الارهاب. أنشأت الجمعية حديثاً لدعم ضحايا الأعمال الارهابية التي ضربت الأراضي اللبنانية ومعالجتهم نفسياً ومساعدتهم على قلب الصفحة. تقول المعالجة النسقية التحليليلة اليانا القاعي، أحد مؤسسي الجمعية، لـ"النهار" إن "الفكرة انطلقت من اندفاع شخصي بعد انتهاء حرب تموز 2006. سافرت الى فرنسا وعملت مع الجمعية الفرنسية لضحايا الارهاب، وقرّرت نقل التجربة الى لبنان". وتشير الى أن "ما شجعنا هو اهتمام الفرنسيين واحتضانهم لضحايا الارهاب وإحاطتهم بالأمان والدعم المادي. فيما يكتفي اللبنانيون بالاستنكار ويهزأ بعضٌ منهم بالحوادث الأمنية تحت مقولة أن لبنان شهد حروباً واعتاد هذه المظاهر. لكن الحقيقة أن بعض المصابين اللبنانيينمسجونون في منازلهم ويخافون الخروج منها او التجوّل بمفردهم".


كوابيس وعزلة وخوف
ما هي الانعكاسات النفسية التي تصيب ضحايا الارهاب والتي يجهلها اللبنانيون؟ "تختلف الانعكاسات النفسية لضحايا الارهاب بين ضحية أصيبت مباشرةً في الحادث،أو مرّت مصادفة على مقربة من وقوعه ولم تصب بأذى جسدي، أو ضحية غير مباشرة فقدت احد اقربائها في الانفجار. لكن جميع الضحايا يتعرضون لاضطراب ما بعد الصدمة، ومنهم من يظهر عليهم ذلك تلقائياً او في غضون شهرٍ او اثنين من الحادث". وتقول القاعي إن "الاعراض التي تصيبهم تتمثل بالكوابيس الليلية والصراخ وعدم القدرة على النوم والانعزال عن الناس وتوقف الحياة المهنية والاجتماعية وتضرر حياتهم العائلية".


الى اي مدى يدرك ضحايا الارهاب أنهم باتوا يعانون وضعاً نفسياً خاصاً؟ تجيب بأن" الناس لا يتمتعون في لبنان بالوعي الكافي لطلب المساعدة بعد تعرضهم لحادث أمني. من هنا أهمية الاضاءة على وجود الجمعيةاللبنانية لمساعدة ضحايا الارهاب. "هذا ما يحفزهم على الاتصال بالجمعية وايجاد السبيل الأمثل لتلقي العلاج". وتشير القاعي الى "أننا بدأنا العمل مع 7 الى 8 أشخاص من الضاحية وعين علق وطرابلس بدأوا يتجاوبون مع العلاج. ونقدّم العلاج لهم مجاناً ونتابع ملفهم الطبي بمن فيهم الذين يعانون اعاقة جسدية"، مضيفةً بأن "الضحايا الذين يعانون اضراراً جسدية نتيجة اصابتهم بالانفجار، لا يتعرضون تلقائياً للضرر النفسي لأنهم ينشغلون في اصابتهم، لكن سرعان ما يظهر عليهم الأذى النفسي بعد فترة".


العلاج بالفن
اضافةً الى التأهيل النفسي، تتولّى المعالجة النفسية اوديت شينو مهمة معالجة ضحايا الارهاب من طريق الفن. وتسرد لـ"النهار" تجربتها، قائلةً: "عملت بدايةً مع الجمعية الفرنسية لضحايا الارهاب لمعالجة الذين يعانون صدمات نفسية نتيجة تعرّضهم لحادثٍ قوي. نستخدم تقنية العلاج بالفن بواسطة الفخّار او الرقص او المسرح. تشمل منهجية العمل 3 طرائق، من خلال ورشة عمل ثابتة مع متابعة دائمة مرّة في الاسبوع، او برنامج كامل يراوح بين الثلاثة أيام والأسبوع". لماذا اختيار الفخار وسيلةً للعلاج بالفن؟ تجيب: "اعمل معهم بالفخار لأنه يعيد الانسان الى الطفولة المبكرة ويوقظ مشاعره ويساعده في اخراج الأحداث المكبوتة في لاوعيه من خلال حاسة اللمس. عندما يضعون الفخار امامهم يستذكرون ما عاشوه، ويعدّلون بأيديهم شكل الفخار كما يرغبون. هم يغيّرون بهذه الطريقة التفاصيل المؤلمة التي مرّوا بها، وتتغير الاشياء في حياتهم لا واعياً". وتردف أن "ما يميّز الفخار عن الرسم ان التواصل يحصل مباشرةً بينه وبين الانسان، فيما تضع الريشة حداً بينه وبين اللوحة".


علاقة الضحايا بالاعلام
تعمل الجمعية اللبنانية لضحايا الارهاب بالتعاون مع الجمعية الفرنسية رغم استقلاليتها عنها. وتناضل لتحضير مشروع قانون لصالح الضحايا. وعقدت مؤتمراً لضحايا الارهاب في لبنان بمشاركة خبراء فرنسيين واسبانيين ومغاربة وضعت خلاله خريطة طريق لتأمين التكاليف المادية لمعالجة المصاب مهما اختلف نوع العمل الارهابي وظروفه. وتؤكّد شينو أن "وزارة #الصحة تتكفل بنفقات العمليات الجراحية الناتجة من التفجيرات الارهابية، فيما تتكفل الجمعية اللبنانية لضحايا الارهاب بعلاجهم النفسي". ماذا عن علاقة الضحايا بالاعلام؟ تجيب: "اكتشفنا من خلال تواصلنا معهم، أنه يصعب عليهم الادلاء بشهادة حياة، لأن العلاقة بينهم وبين الاعلام سيئة. يعتقدون ان الاعلام يتفرج وينقل مصابهم لكنه لا يتابع قضيتهم. لذلك يصعب عليهم ان يثقوا بأحد، ولا يمكن تحفيزهم للتصريح للاعلام في هذه المرحلة". وتشير الى ان "الهدف الأول هو بناء ثقة على المدى البعيد ونجد الطريقة الأمثل لمتابعتهم ومعالجتهم".
ونظّمت الجمعية اللبنانية لضحايا الارهاب الاسبوع المنصرم ملتقى لأشخاص عاشوا رهبة الانفجار من مناطق لبنانية عدة، تشمل ضاحية بيروت الجنوبية والعين وطرابلس. هي خطوة اولى نحو ورشة عمل شاملة على أمل الدعم. وتبقى الخطوة الأهم في ادراك خطورة الأعراض النفسية التي يواجهها الانسان بعد نجاته من تفجيرٍ ارهابي. لئلا تتحوّل نعمة النجاة الى نقمة الصدمة، اذهب الى حيث يكون لمخاوفك حضن.

















 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم