السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

زينة نجت من السرطان فيما شقيقتها لم تتمكن من محاربته طويلاً

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
زينة نجت من السرطان فيما شقيقتها لم تتمكن من محاربته طويلاً
زينة نجت من السرطان فيما شقيقتها لم تتمكن من محاربته طويلاً
A+ A-

"انشالله ما يطلع معك شي لأن إنتِ ما رح فيكي تتحملي اللي تحملته، وأنا ما بقى فيي صحياً اهتم فيكي واعملك اللي عملتيلي ياه". هادية الشقيقة الصغرى التي أصابها المرض أولاً حاولت التأقلم معه، لينتقل بعدها إلى زينة التي كانت قد خاضت التجربة معنوياً مع شقيقتها ومن ثمَّ شخصياً.


هادية المتبسمة دوماً انتصر المرض عليها


السرطان، إنَّه المرض الذي بات يفتك بعددٍ كبير من الناس، لا يفرق بين فقير أو غني، ولا بين عجوز أو طفل. الكل متساوٍ أمامه والأوجاع واحدة، وصحيح أنه صحياً يُصيب شخصاً واحداً أي المريض إلاَّ أنَّ ضرره النفسي يطال الأسرة بكاملها، فتنتج منه صعقة وصدمة ليبقى الأمل والإيمان بالله هو العنوان الأساسي للمواجهة والتحدي وإرادة الحياة.


في سنِّ الخمسين طرق سرطان المبيض منزل زينة وهادية، الشقيقتين اللتين تسكنان معاً. في البدء أصاب هادية، وانتشر سريعاً في جسمها وقد حاول الأطباء علاجها، لكن وبمرور الوقت كان يبدل العلاج نظراً لعدم تجاوب جسدها دوماً مع تطور المرض وهذا ما عرضها لتعقيدات صحية، وعمليات عدة أرهقتها. لكنَّ هادية واجهت المرض بإرادة وصبر طوال عامين. في المستشفى كان الطبيب يتفاجأ من ابتسامتها الدائمة التي لا تفارق ثغرها، فكان يقول لها إنه "لمن النادر أن نرى شخصاً مبتسماً مثلك طوال الوقت" حتى في الظروف الصعبة حيث كان يتم إدخال الطعام إلى جسمها عبر أنابيب. تخبر زينة في حديث لـ"النهار" أنه "خلال فترة مرض شقيقتي أخذت عهداً على نفسي بألا أحزنها بتاتاً. كنت أهتمُّ بها وبكل التفاصيل المتعلقة بصحتها ووضعها النفسي، حتى أنني كنت أضع صوراً مشتركة لنا على فايسبوك كدعمٍ لها وهي في المقابل كانت متقبلة للمرض ومتصالحة معه في يومياتها. في داخل نفسها لا أحد يعرف ما كانت تشعر به ولكن لم تكن تشتكي لمن حولها عن وضعها. بعد مرضها بما يقرب العام ونيف شعرتُ بألم حادٍ في خاصرتي اعتقدت أنه التهاب طال المصران، توجهت إلى الطبيب بعد بضعة أيام فطلب مني الخضوع لصورة الموجات فوق الصوتية في البدء قيل لي إنَّ هناك "ليفة"، وبعد عودتي إلى المنزل بدأت أجري أبحاثاً عبر "غوغل" لمعرفة المزيد من التفاصيل وتبين لي أن الليفة تصغر بمرور الوقت ولا تكبر على عكس ما يبدو حال جسمي".


السكينة والتسليم


"سرطان المبيض أصابني أيضاً بعد شقيقتي، هي التي كانت خلال فترة خضوعي للفحوص الطبية تصلي بألاَّ يصيبني المرض إذ ليس بمقدورها معاملتي بالمثل لأنَّ وضعها الصحي متردٍ. خلال انتظاري لنتائج الفحوص كنت متوترة وخائفة ولكن بعد علمي بالنتيجة شعرت بسكينة غريبة، لا أعرف ما إذا كانت نابعة من الإيمان أو قوة الشخصية. أدركت فقط بأنَّه لا يمكنني العودة إلى الوراء بل الكفاح. أنا اعتدتُ المرض إذ كنت أرى شقيقتي أمامي. وقد يكون العامل المسبب لمرضي مرض شقيقتي إذ كنت أشعر دوماً أنَّ "أختي ستموت، وكنت أقول كيف يمكنني تحمل رحليها"، ولكنْ لله حكمة إذ شتت انتباهي. خلال تلك المدَّة كانت شقيقتي موجودة بقربي، واعتدت معها شراء الشعر المستعار، وحضَّرت ذاك الخاص بي وخضعت لعملية استئصال المبيض من ثمَّ طلب مني الطبيب الخضوع لعلاج كيميائي، وهذا ما حصل! حال أختي كان شبيهاً قليلاً بوضعي ولكن الطبيب لم يكن مرتاحاً. قد تكون المسألة نفسية، ولكن الحالات الصحية تتفاوت بين شحص وآخر. شقيقتي كانت متعاونة ومتفهمة ولكن المرض كان أقوى منها. أعتقد أنَّ ما حصل يسمى التسليم وليس الاستسلام، فكل ما لا يمكنك تغييره عليك التسليم والقبول به. وكما كان والدي يقول دوماً لنا: "لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع".



توفيت هادية بعد صراع دام سنتين مع السرطان، فيما تشكر زينة الله على شفائها. حال الشقيقتين مرتبط بعامل الوراثة إذ إنَّ عمتهما كانت مصابة بسرطان المبيض، ووالدتهما انتشر المرض في جسمها لتتوفى بعد مرور 4 أشهر على إصابتها. ليبقى الرابع من شهر شباط اليوم العالمي للسرطان الذي نتوحّد جميعنا في المعركة ضده علنَّا ننتصر على السرطان كما انتصرت زينة عليه!



[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم